صلوا على خير البريّة ﷺ
'تلبّدت السماء بالسحب فجأة و في غضون بضع دقائق حجبت الغيوم السوداء الأفق، تسير السيارات في المدينة متلاحقة، كان يوسف عالقا بزحمة السير، وهو في طريقه إلى البيت كي يصطحب رنيم ويذهبا لزيارة والدته. وبينما ينتظر انتهاء الإزدحام كانت عيون مثبتة عليه تتربص به من إحدى السيارات خلفه مباشرة .. ما إن خفّ الزحام وتحركت السيارات انطلق يوسف نحو بيته .. وبالصدفة نظر إلى المرآة الأمامية فانتبه لتلك السيارة السوداء التي تسير خلفه، والتي رآها منذ أن خرج من مكان عمله، فقد كانت مركونة على الطريق الذي يقابل المعمل .. تابع طريقه، وكان في كل مرة يلمحها في المرآة الأمامية و يتجاهل ذلك، أراد أن يعرف إن كانت تلك السيارة تتربص به أم لا فازداد في السرعة وراقبها ليجدها تزيد هي الأخرى في سرعتها على نفس وتيرة سيارته، ثم أسرع منها، وفي أقل من دقيقة استطاعت أن تلحق به وتتجاوزه ثم تميل على الإتجاه الذي يسير فيه معرقلةً له الطريق ليتوقف.
أوقف يوسف سيارته وثبّت نظره على تلك السيارة وهو يشعر بالقلق، وسؤال واحد يدور في عقله وهو "ماذا يحدث؟؟"
في تلك اللحظة رأى ثلاثة رجال يترجلون من السيارة ثم فتح أحدهم الباب الخلفي من الجانب الآخر ليظهر منير، حرّك يوسف عيناه بضجر وترجل من السيارة هو الآخر ليواجهه، قال منير وهو يقترب منه: انت فاكر نفسك ايه يا زفت انت علشان تحاربني ببنتي؟ روحت لعبت بعقلها انت و كلابك عشان تشقط منها اخباري و تعرف ازاي توقعني! انت لو راجل كنت واجهتني راجل لراجل و سبت الستات بره الموضوع بس طالما عايز تدخلهم بيناتنا يبقى انا كمان هيكون ليا شغل و حوارات مع رنيم هانم
كان يوسف يُصغي إليه بعدم إكتراث إلى أن ذكر إسم رنيم، انتبهت حواسه كلها إليه ولأول مرة يشعر بالخوف من تهديداته .. عندما لاحظ منير تغير ملامحه أضاف بسخرية وهو يُعرّفها له: رنيم، البت اللي كانت مستأجرة عندي و لما انت ولعت بيتي كانت جوه بس بعدين بقيت بطل و طالعتها من هناك و اتجوزتها
نظر إليه شذرا وضغط على أسنانه حتى برز عظم صدغه وقال: شكلك مش عاوز تجيبها لبر بس المرة دي اقسم بالله العظيم مش هرحمك، انت في كل مرة لما توقع في ايدي كنت بتراجع و اسيبك تفلت مني علشان خاطر خديجة، هي اختي و مش بيهون عليا زعلها و صدقني لو مكنتش ابوها كان زمانك في داهية، و يا ريت بس لو كنت بتستاهل انها تكون بنتك
صاح به: اوعى تجيب سيرة بنتي على لسانك تاني او...
قاطعه قائلا: او تحرقني زي ما حرقت أرض بابا! بس بقولك ايه انا مش زي بابا الغلبان اللي سكت عن حقه لحد ما مات وهو مقهور ده انا اقهرك انت و اللي جابك بدون رحمة
ضايقه كلامه جدا فرمقه بغل قائلا: عيل قليل الأدب، بس انا هعرف ازاي اربيك
قال ذلك ثم أعطى إشارة لرجاله فهجموا عليه يسددون له اللكمات والركلات في كل أنحاء جسده، لكنه استطاع أن يرد لهم الصاع صاعين و يتغلّب عليهم جميعا لأنه يمارس الملاكمة باستمرار و غالبا ما يتدرب على قتال الشوارع، حيث سدّد للأول لكمة قوية في الحِجاب الحاجز أسقطته أرضا، ثم لكم الثاني في الفكّ السفلي فسقط مغشيا عليه، ثم إلتفت للثالث الذي كان سيهجم عليه بالخنق من الخلف، أمسك يده وسدّد له لكمة في عنقه ثم أبعده للخلف بركلة في صدره فأطرحه أرضا بجوار رفقائه، نظر إليهم منير وهو يبتلع ريقه بخوف ويتعجب من قوّته وتغلّبه على رجاله، وفي الحين قطع يوسف المسافة بينهما ورفع قبضته بوجهه كي يسدّد له لكمة وتراجع عندما تراءت له صورة خديجة أمام عينيه، ظلّت قبضته معلّقة في الهواء للحظات ثم ارتخت ليوجه سبابته في وجهه وقال بتهديد: انت فكر بس انك تقرب من رنيم او من اي حد يخصني و ساعتها بوعدك إنك مش هتفكر تاني لأني هخليك تحصل ابويا
أنت تقرأ
لهيب إنتقامه (مـكتـملة)
Romanceكان كل همّه أن ينتقم .. أن يُؤلِمَ كما تألَّم .. لم يكن يعلم أنها في الداخل .. لم يكن يعلم أن ذلك البيت الذي يَودُّ حرقه آنذاك كان يأوي الفتاة التي ستحتل قلبهُ وحياته ما الذي دفعه لحرق ذلك المنزل؟ وماذا كانت تفعل هي هناك؟ لنرى كيف سيجمع القدر بين...