الفصل الخامس وثلاثون

557 17 0
                                    

.

صلوا على النبي ﷺ

.
إستعان باليوتيوب وأعدّ لها الغداء، ثم رتب الطاولة باهتمام شديد، وترك الشاي يخمر على نار هادئة .. كان ماهرًا في إعداد الشّاي، حتى أنّه يعدّه أفضل منها، وكانت تودُّ دومًا أن تحتسيه من يده .. جلس ينتظرها وهو متحمسًا، يُحضّر الكلمات التي سيقولها لها ويتدرّب على إلقاءها حتى أتى الوقت، حينها سمع طرق الباب فنبض قلبه إثر ذلك وعلم أنّها هي، رتّب هندامه على مضض وراح يفتح لها، اهتزّ قلبه وتسارعت دقاته، عندما إلتقت عيناه بعينيها التي يحترق شوقًا لرؤيتهما من جديد، أمّا هي فتبدد شوقها قليلا وأخذت تتأمله في صمت، كان قد نحف قليلا، وطال ذقنه ليُضفي عليه لمسة من الجاذبية، وظهرت هالات خفيفة أسفل عينيه .. هذه التغيرات التي طرأت عليه تخبرها بأن غيابها موحشا وقد أثّر عليه كثيرا .. لاحظ هو الآخر وجهها الشاحب المحمل بالقلق، وعيناها الآسرتان المبلّدتان بسحابات حزينة وقد انطفئ بريقهما، وكانت نظرة كل واحد منهما للآخر نظرة حسرة وحزن على حالهما، قاوم كل واحد منهما رغبته في الإرتماء في أحضان الآخر والإختفاء بين ضلوعه، بعد مدة انتبه لنفسه وهو غارقًا في ملامحها وهما لا يزالان يقفان على الباب، تنحنح ثم رحّب بها قائلا: اهلا وسهلا اتفضلي جوه

تقدمت إلى الداخل فاستنشقت رائحة البيت، تلك الرائحة الدافئة الممتزجة من رائحة الأثاث وعطر سالم وعطرها وعطر محمد، سرّت قشعريرة في جسدها وشعرت بدموعها الساخنة تنساب على وجنتيها دون سابق إنذار، استطاعت أن تمسحها قبل أن تستلسم لها وقبل أن يلاحظها سالم، وقفت في الردهة وألقت نظرة على البيت وعندما لحق بها دعاها إلى المطبخ وسبقها إلى هناك بخطوتين فتبعته .. تفاجئت بتلك الطاولة المجهّزة بعناية شديدة، وعندما إستنشقت رائحة الشاي التي تعبق في المطبخ نظرت إلى جهاز الطّهي لترى ذلك الإبريق لأول مرة بعد أربعة أشهر يعود ويوضع عليه مجددا، ابتسمت بوهن عندما تذكرت تلك الأيام السعيدة الطيّبة التي كان يدلّلها فيها، فمنذ أن أعجبت بشاييه أصبح يعدّه لها كل يوم

بعد أن اجتمعا على الطاولة سألها قائلا: اخبارك ايه

أجابته بتحفظ: كويسة الحمد لله و انت

سالم: بقيت أحسن الحمد لله

ثم أردف: مجبتيش محمد معاكي ليه؟

سمر: كان نايم ف سبته مع ماما

سالم: هبقى اجي علشان اشوفه.. انا.. كنت مشغول شوية الاسبوع ده.. أصل حصلت معايا حاجات خلتني.... المهم بكره ان شاء الله هاجي اشوفه

نظرت له بتوجس وفضول، ولم تأبى أن تسأله عن السبب عندما تراجع في الإسترسال والتحدث عنه

كانت تتآكل من الداخل وهي تحاول معرفة سبب دعوته لها، والتفكير في ذلك أنقض مضجعها ولم تنم طوال الليل .. شعرت بالرّاحة قليلا عندما رأت الغداء الذي اجتهد و أعدّه لها، والشاي، وسؤاله عنها، وطريقته الحسنة والهادئة في التحدث، والنظر داخل عينيها دون اجتناب ذلك كما كان يفعل ذلك، فكل ذلك بثّ فيها الإطمئنان وتغيرت الإحتمالات، فكانت قبل ذلك تعتقد أنه سيوافق على الطلاق لذلك دعاها لكي يتفقا على الشروط، والآن أحسّت بأنه دعاها لكي يصالحها .. لم تتحمل أكثر من ذلك فسألته: احنا.. يعني.. كنا هنتكلم في ...

لهيب إنتقامه (مـكتـملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن