طوال الأيام الماضية، كان بدر يتصرف بشكل طبيعي جداً وكأن المتوفية ليست والدته.. وكأنها ليست تلك التي كان يسميها حبيبته.. من لا يعرفه سيظن أنه غير مهتم بتاتاً، ولكنه لو نظر في عينيه للحظة لرأى الحزن الذي تحملانه.. اكتشفت منذ يومين أنه لم يزر قبر والدته بعد الدفن ولو لمرة واحدة على الأقل.. أظن أنه خائف من مواجهة الأمر.. مرت بضعة أيام وقل الضيوف القادمون للتعزية حتى أصبحوا لا يأتون في بعض الأيام
"مرام" جاءتني رسالة من بدر في وقت متأخر
"نعم؟" أجبت
"صاحية؟"
"إي"
"ممكن اجي عندك؟" ترددت في الإجابة.. قد يراه أحد ما وتحدث مشكلة
"أكيد" ليس الأمر بيدي.. لا يمكنني رده.. طرق الباب بعد قليل لأجلس باعتدال
"تفضل" قلت ليدخل ويغلق الباب خلفه ثم يأتي ليجلس بجانبي.. عيناه متورمتان.. لا أستطيع تحمل رؤيته هكذا.. بالكاد أمسكت دموعي
"شلونك؟" سألت بابتسامة.. استلقى واضعاً رأسه في حجري"تعباااان" قال بحسرة لتسيل دموعه.. لم أستطع تمالك نفسي أكثر وبكيت معه
"كلنا حنروح.. محد منا باقي بهالدنيا" قلت مواسية
"البجي ما حيفيدها بشي.. قوم صليلها ركعتين واقرالها الفاتحة.. لازم تظل قوي، أهلك محتاجيك تواسيهم" مسحت على شعره"طيب وانا؟ من يواسيني؟"
"لا تنسى إني موجودة.. لمن تحس نفسك تريد تشكي الي بقلبك حتلقاني"
"مرام.. أنا محتاج امي.. أبي انام بحضنها واشم ريحتها.. اشتقت لها كثيييير.. مرام.. أمي صارت تحت التراب" شعرت بأنه طفل.. طفل ضائع.. تائه.. يبحث عن مكان يختبئ فيه من ضجيج الآلام هذا
"أذكر لمن ماتت أمي جنت أشرد من البيت بنص الليل وازورها.. أقوللها كل شي بقلبي.. أشكيلها منها إلها واعاتبها و من احس نفسي ارتاحيت أبوس ترابها وارجع للبيت وكالعادة بابا يرزلني وآخذلي كتلة معدلة وبالليلة البعدها ينعاد نفس السيناريو.. لمن أهلي قرروا يودوني لأمريكا، أول شي فكرت بيه هو أمي وشلون حعوفها.. بليلة السفر شردت كالعادة بس هالمرة نمت عدها.. اعتبرت الموضوع مثل الوداع.. تصدق أخذت بطانية ومخدة؟.. جان بودي آخذها وياي بس ماقدرت.. ومن ذاك اليوم ما زرتها"
"معقول ما زرتيها من وقتها؟"
"إي" قلت بأسف
"المهم.. قوم روح لأمك.. صدقني حترتاح""بتجين معي؟" جلس ليجفف عينيه
"إي" أظن أنه كان يحتاج إلى دفعة وتشجيع فقط ليتمكن من الذهاب
"إلبسي عبايتك والحقيني.. بكون تحت"
"ماشي" خرج من الغرفة لأرتدي أنا عباءتي وألحق به خلال دقيقة.. خرجنا إلى السيارة دون شعور أحد.. حين وصلنا، وقف هو قليلاً أمام مدخل المقبرة ثم زفر بتوتر
"لا تخاف.. آني ححميك" أمسكت يده.. ابتسم ثم أخذ نفساً عميقاً وكأنه يستجمع شجاعته.. دخل لأتبعه.. حين وصلنا إلى القبر، جلس هو قربه بنظرة لم أفهمها.. نظرة عتاب وحزن وحسرة وخوف في آن واحد.. والأهم من ذلك كله.. نظرة انكسار.. لم أره بهذا الضعف من قبل
أنت تقرأ
لكنها صغيرة
Romanceمن كان يتوقع أن كوب قهوة سيوصلني إلى هنا... . . . . . . . (لمحبي الروايات باللهجة العامية)