#بدر
بعد ما حدث لمرام طلبت من المسؤولين أن يمنعوا عنها الزيارات بشكل تام حتى من عمتها باعتبار أنها كانت السبب في ما تعرضت له من ضغط وألا يخبروا أي أحد بأي تفاصيل عن حالتها الصحية أبداً وبذلك انقطعت أخبارها منذ خمسة أشهر.. أظن أنها وسيلة لحماية نفسها وللانتقام مما فعلته عمتها في ذات الوقت.. لكن ما ذنبي أنا؟
"الحساب لو سمحت" ناديت حين انتهيت من طعامي.. أتاني النادل بالفاتورة بعد قليل.. وضعت المال على الطاولة وخرجت.. وقفت أنظر حولي باحثاً عن سيارتي حتى استوعبت بعد دقيقة كاملة أنني تركتها عند الميكانيكي.. أنا أفقد تركيزي كثيراً هذه الأيام وهذا أحد أسباب وجود سيارتي عند الميكانيكي.. طلبت سيارة أجرة ووقفت أنتظرها لعدة دقائق حتى وصلت.. ركبت في المقعد الخلفي شبه متكور على نفسي.. علي أن أتذكر ارتداء وشاح في المرة القادمة.. أشعر أن عنقي يتجمد
"إلى أي جهة أنعطف؟" سأل السائق
"سأنزل هنا" قلت ليتوقف على جانب الطريق.. نزلت وأكملت طريقي سيراً.. دخلت المنزل وسرت إلى الغرفة بخطًى ثقيلة.. خلعت معطفي وألقيت بجسدي على السرير كالعادة.. لا أملك سوى النوم لأقضي به أيامي.. تنهدت وخلعت ربطة عنقي ثم جررت جسدي الثقيل لأصل إلى الوسادة.. أنا منهك وكأن ضجيج العالم أجمع داخل رأسي.. بدأت عيناي تغمضان من تلقاء نفسيهما.. شعرت بيدين تلتفان حول جسدي بينما أغفو.. يبدو أنني نمت وبدأت أحلم بالفعل
"مرام" همست
"همم؟"
"لا تروحين" قلت بنبرة متخاذلة وأمسكت يديها.. لا أريد فقدانها في أحلامي أيضاً.. يكفيني بعدها عني في الواقع.. استيقظت على صوت حركة قرب النافذة.. حركت عيني لأرى عصفوراً صغيراً ينقر الزجاج.. بحق السماء.. ألم تجد غير نافذتي أيها العصفور المزعج؟.. أخذت نفساً عميقاً وهممت بالنهوض لكنني توقفت حين شعرت بيديها ما تزالان تحيطانني.. نظرت إلى جسدي لأرى يدين صغيرتين تحيطانه.. أهذا تأثير الحلم؟.. تلمستهما لأتأكد.. هذا حقيقي أكثر من اللازم بالنسبة لبقايا حلم.. أبعدت يديها بحذر والتفت لأجدها تغط في النوم قربي.. إما أنني ما زلت أحلم أو أنني لم أكن أحلم من البداية.. أو ربما جننت.. مررت أصابعي على وجهها لأتأكد أنها حقيقية.. تحركت وفتحت عينيها ببطء.. نظرت إلي قليلاً ثم ابتسمت
#مرام
ظل يحدق بي دون حركة كالصنم.. ما هذه الملامح المصدومة؟.. توقعت منه رد فعل حماسي أكثر
"شلونك؟" جلست بينما أفرك عيني.. أمسك كتفي وشدني ليضمني بين ذراعيه.. عصرني بقوة حتى كتمت أنفاسي
"بدر.. اختنقت" قلت في محاولة للتنفس لكنه لم يفكر في إرخاء يديه ولو قليلاً.. يبدو أنه اشتاق إلي أكثر مما توقعت.. وضعت رأسي على كتفه باستسلام وأخذت نفساً عميقاً
"آخ يا عطرك" تمسكت بقميصه لأقربه مني أكثر.. لا أعلم ما الذي قد يكون أقرب من هذه المسافة لكنني أريده أقرب.. أقرب حتى نمتزج ببعضنا ونصير واحداً.. أخيراً عدت لأكون بين ذراعيه.. كنت خائفة أن الموت سيأخذني قبل أن أشم عطره لآخر مرة.. حررني من بين ذراعيه بعد قرابة الخمس دقائق.. بقينا نحدق في بعضنا لبعض الوقت.. أحطت وجهه بكفي بحب.. لقد اشتقت إليه بكل ما للكلمة من معنى.. ابتسمت بينما أمرر أصابعي في شعره.. نظرت إلى وجهه بتمعن.. لقد تغير كثيراً.. يبدو أنه فقد الكثير من الوزن نظراً لهذا الجسد الهزيل.. طال شعره ولحيته كثيراً أيضاً و...
أنت تقرأ
لكنها صغيرة
Romanceمن كان يتوقع أن كوب قهوة سيوصلني إلى هنا... . . . . . . . (لمحبي الروايات باللهجة العامية)