فتحت عيني بصعوبة بسبب الأضواء حولي.. ما الذي حدث لي؟.. أشعر بألم مبرح في كامل جسدي.. مرت عدة ثوانٍ قبل أن أستوعب أنني في المستشفى.. تحركت يدي إلى بطني تلقائياً.. شعرت بحركة ضعيفة داخلي لأزفر باطمئنان.. حركت نظري في أرجاء الغرفة لتسقط عيناي على وجه بدر الذي ينظر إلي بسخط.. ما خطبه؟.. نهض عن الكرسي ليسير نحوي بخطوات ثقيلة.. وقف واضعاً يديه على جانبي السرير فوقي تماماً
"بمجرد ما إنك تولدين باخذ الولد وانتي بتطلعين من حياتنا.. فاهمة؟" قال وكل كلمة كانت تحمل غلاً يصل حد السماء.. لكن لمَ؟.. هل ما يزال غاضباً بسبب ذلك الشجار؟.. ألست أنا من عليها أن تغضب؟.. أردت الكلام لكنني لم أقوَ على فتح فمي.. أشاح بوجهه ليسير مبتعداً عني بكره بينما كل ما استطعت فعله هو اللحاق به بعيني.. ما الذي حدث تواً؟.. لا يمكنني فهم أي شيء.. جاءت عمتي بعد قليل لتجلس قربي وتمسح على شعري برفق
"شصار؟" سألتها بصوت مبحوح
"مو وكت تفكير.. ارتاحي" قالت بهدوء لتخفي نظرات التأنيب في عينيها.. لمَ أشعر أن الجميع يكرهني فجأة؟
"إذا ما قلتيلي ما حقدر ارتاح.. شصار؟ ليش اني بالمستشفى؟ ليش بدر يريد يطلعني من حياته فجأة؟" قلت بانفعال.. كيف يمكنه أن يتصرف بهذه الثقة بينما هو المتسبب في هذا كله؟ هل يحاول أن يقلب الطاولة أو ما شابه؟.. لمَ أشعر أن شيئاً ما حدث وفاتتني معرفته؟
"مرام.. لا تحاولين تقنعيني إنج نسيتي الي سويتيه" نهضت لتقف بجانب السرير وتعقد يديها إلى صدرها
"شسويت؟" صرخت لأشعر بالألم يعتري جسدي بأكمله
"مرام.. انتي حاولتي تنزلين الطفل الي ببطنج.. مستحيل تكونين نسيتي" نظرت إليها بصدمة.. أنا؟.. لكنني لم أفعل شيئاً.. لا أعلم كيف وصلت إلى هنا حتى
"الحمدلله بدر لحقج وإلا جان راح الولد" قالت بامتنان.. هل بدر هو الشخص الجيد في هذه الحكاية الآن؟
"صح آني ما أدري شنو المشكلة الي صارت بينكم وحجم المشكلة بس.. مهما صار فهذا الشي ما ينطيج الحق إنج تحاولين تنزلين الطفل.. هذا قتل بالآخر" قالت بعتب.. قتل؟ هل هي حقاً تصدق هذه الترهات؟.. إن كنت مجرمة في نظر الجميع فلن أبذل جهداً في محاولة الدفاع عن نفسي.. ابتلعت كلماتي وأشحت بوجهي عنها#بدر_بعد_شهر
مرت فترة طويلة منذ رأيتها آخر مرة.. منذ أن تركتها في المستشفى ذلك اليوم.. أوقفت سيارتي أمام منزل السيدة نوال.. اليوم هو موعد مراجعة الطبيبة لمعرفة حالة الطفل.. نزلت وطرقت الباب لفتح لي بعد ثوانٍ
"سلام.. جيت اخذ مرام عشان المراجعة" قلت
"تفضل" ابتعدت قليلاً لأدخل
"وينها؟" سألت
"بغرفتها" أجابت.. سرت إلى الدرج المؤدي إلى الطابق العلوي
"بدر" نادتني قبل أن أصعد.. التفت إليها
"إسمع.. ما أنكر إنها غلطت بس صدقني مبين عليها الندم.. مع إنها تحاول ما تبين بس الموضوع واضح مثل عين الشمس.. صارت طول الوقت نايمة وما تطلع من غرفتها إلا بالصدفة وأكلها بس على القد الي يخليها عايشة" قالت والألم واضح في صوتها.. لم أعلق على كلامها واكتفيت بتنهيدة أسى.. تابعت طريقي إلى الأعلى.. طرقت باب غرفتها لكنها لم تجب.. فتحته بهدوء لأجدها نائمة على سريرها.. كملاك.. كم اشتقت إليها.. أغلقت الباب وسرت لأجلس على الأرض قرب السرير.. تأملتها بعناية وكأنني أحاول تعويض الأيام التي كانت بعيدة عني فيها.. حملت خصلة من شعرها لأستنشق رائحتها.. أخذت نفساً عميقاً وحبسته داخل رئتي.. يا ليتني أستطيع الهرب بها بعيداً ونسيان كل شيء إلى الأبد.. تحركت قليلاً وفتحت عينيها.. نظرت إلي لعدة ثوانٍ ثم رفعت يدها لتتلمس وجهي
أنت تقرأ
لكنها صغيرة
Romanceمن كان يتوقع أن كوب قهوة سيوصلني إلى هنا... . . . . . . . (لمحبي الروايات باللهجة العامية)