طلبت من بدر أخذي إلى العراق قبل أن أبدأ العلاج لكي أزور أقربائي وأودعهم تحسباً لحدوث أي مكروه لي أثناء فترة علاجي.. نزلت طائرتنا في مطار بغداد الدولي.. خرجنا من المطار بعد إنهاء الإجراءات الرسمية.. نظرت حولي.. أنا في بغداد أخيراً.. بعد أكثر من عشرة أعوام أنا هنا أخيراً.. بغداد الجميلة.. لا أعلم كيف لكنني أود عناقها
"تكسي عمي؟" سألني أحد سائقي سيارات الأجرة الواقفين في مدخل المطار
"إي عمو" أجبت.. نظر بدر إلي بابتسامة
"شبيك؟" سألته
"ولا شي" ذهب ليساعد السائق في وضع الحقائب في السيارة.. انطلقنا بعد أن انتهيا.. نظرت عبر النافذة لأملأ عيني من منظر الشوارع
"من وين جايين؟" سأل السائق
"أمريكا" أجابه بدر.. تنهد السائق وهز رأسه
"خير؟.. شايف وجهك تغير" قال بدر مستفهماً"والله يا إبني ما أعرف شقلك.. شفنا أنواع العذاب والظلم منهم.. بس شنقول غير الله يرحم شهداء العراق وينتقم من كل ظالم" قال بأسى
"آمين"
"ما تنلامون من عشتوا يمهم.. العيشة بالعراق تشيب حتى الطفل" قال بشقاء
"أنا مو عراقي لكن زوجتي عراقية" قال بدر موضحاً
"عرفت لهجتك مو عراقية بس من وين؟"
"سعودي"
"والنعم.. شرفتنا إبني.. هلا بيك بين اهلك"
"النعم باصلك.. تسلم"
"بدر.. إجيت للعراق من قبل؟"
"لا.. هذي أول مرة"
"شنو رأيك ببغداد؟" سألته بحماس
"حلوة.. تشبهك" قال ملاطفاً.. ابتسمت بخجل
"ضحكي ضحكي.. شكو عليج" قال السائق ممازحاً.. ضحكت من كلامه.. إنه لطيف
"الله يحفظج ويحفظلج زوجج.. ظلي ضحكي.. الدنيا ما تستاهل زعل البنات.. كل شي إلا زعلهن""عندك بنات عمو؟" سألته
"عندي خمس ولد وآخر العنقود بنية إسمها كوثر.. الله يرحمها.. توفت قبل أربع سنوات.. لو جانت عايشة هسه المفروض تكون بعمرج تقريباً"
"الله يرحمها" قلت بضيق.. ليتني لم أسأل
"ويرحم أمواتج" نظرت إلى بدر بحزن.. أمسك يدي بلطف ثم التفت إلى الرجل وبدأ يتحدث إليه ليغير الموضوع.. نظرت إلى يدينا المتشابكتين.. تذكرت ما حدث بيننا منذ عدة أيام.. أصاب بضيق في التنفس كلما تذكرت الأمر.. لم أرد أن يحدث ذلك.. أشعر بالقلق.. لست جاهزة بعد.. توقفنا أمام الفندق
"كم حسابك؟" سأل بدر
"خليها عليه" قال السائق
"لا لا.. هذا حقك ولازم تاخذه" قال بدر معترضاً

أنت تقرأ
لكنها صغيرة
Romanceمن كان يتوقع أن كوب قهوة سيوصلني إلى هنا... . . . . . . . (لمحبي الروايات باللهجة العامية)