٣٩..أصدقاء ..من جديد

2.3K 77 0
                                    

عاد ياغيز إلى غرفته مرتبكا و مضطربا و لم ينتبه حتى إلى زوجته التي كانت جالسة امام المرآة تسرح شعرها استعدادا للنوم..سألته" حبيبي..مالأمر؟ لماذا تبدو مرتبكا هكذا؟" أجاب بصوت مرتعش" لا..لا شيء..أنا بخير..انا..فقط..ذهبت..و ..عدت..فقط" انفجرت نازلي ضاحكة و اقتربت منه..أحاطت وجهه بكلتا يديها و همست" حياتي..يبدو انك متعب جدا..تعالى لتنام" هز برأسه و رد" لا اريد..سأجلس بالخارج قليلا..نامي انت" قبلته على خده و ابتعدت عنه..نزعت السترة الطويلة التي كانت تغطي قميص النوم القصير الذي كانت ترتديه و اندست تحت الغطاء..خرج ياغيز إلى الشرفة و اتكأ على الحاجز الحديدي و أخذ يتأفف بضيق..مرر أصابعه خلال شعره و سرح ببصره هنا و هناك في عتمة الليل الحالكة..في الصباح..تجهز الجميع للذهاب إلى مزرعة الخيول الواقعة في منطقة جبلية رائقة..واصلت هزان تجاهل ياغيز و تجنب الحديث معه رغم محاولاته الكثيرة أن يكون معها على انفراد او ان يتحدث معها..اصرت هزان على أن تركب مع والدها في سيارته بينما ذهبت نازلي مع ياغيز..كان صامتا و متباعدا طوال الطريق كأنه يفكر في امر هام..صمتت نازلي و بقيت تراقبه..حالته تلك كانت بشرى سارة بالنسبة اليها..فهذا الصمت و هذا الانزعاج سيكون نتيجة لانفجار قريب تنتظره هي على أحر من الجمر..

بعد حوالي ساعة..وصلوا الى مزرعة الخيول الفسيحة..تجاوزوا البوابة الخارجية و دخلوا إلى الممر الحجري المؤدي إلى المنزل الخشبي الكبير..ترجل الجميع من سياراتهم ..أجابت هزان بصرها في المكان و ابتسمت بطريقة جميلة ثم قالت بنبرة فرحة" واااو..هذا المكان رائع" سألت نازلي" هل تريدين التجول و رؤية الأحصنة؟" هزت هزان رأسها و أجابت بحماس" بكل تأكيد..أريد" ترافقت الأختان في جولة حول المكان..حاجز خشبي يحيط برقعة ترابية خصصت لجري الأحصنة..و على الجانب الآخر يوجد اسطبل واسع يحوي عددا كبيرا من الأحصنة..اقتربت هزان من فرس بيضاء و اخذت تداعب غرتها و هي تقول" مرحبا..كم انت جميلة و رائعة " و قبلتها بين عينيها..اقتربت منها نازلي و سألت" هل اعجبتك؟" اجابت" جدا..انها مميزة" ربتت نازلي على كتف اختها و قالت" هذه هديتي لك..لتكن لك..و اعطها الاسم الذي تريدين" ارتسمت ملامح السعادة على وجه هزان و اقتربت من اختها..عانقتها بقوة و هي تقول" شكرا لك أختي..انها أغلى هدية اتلقاها في حياتي" ابتسمت نازلي بسخرية كأنها تقول لها لا تقلقي سيكون لذلك مقابل..و غالي جدا أيضا..ابتعدت هزان عن نازلي و قطبت جبينها و قالت بحزن" لكنني لا أجيد ركوب الخيل" ابتسمت نازلي و ردت" و انا ايضا..لكن لا تقلقي..سأجعل ياغيز يعلمك ذلك..انه بارع في ركوب الخيل و ترويضها" صمتت هزان و لم تجب..عادتا معا إلى المنزل..كانوا قد احضروا معهم احدى الخادمات التي سارعت الى اعداد القهوة لهم..جلسوا في الشرفة المفتوحة على ميدان التمرين و أخذوا يحتسون القهوة..قالت نازلي" ياغيز..حبيبي..لقد اعطيت الفرس البيضاء كهدية لهزان ..لكنها لا تجيد ركوب الخيل..هلا علمتها ذلك لو سمحت" هز ياغيز برأسه و رد" تمام..متى ارادت ذلك" ابتسمت نازلي و قالت" نحن هنا ليومين ..استغلا الوقت جيدا..انا في غرفتي..لدي بعض الاتصالات التي يجب ان أجريها"

وقف امين ايضا و قال" و أنا سأرتاح في غرفتي ..لقد تعبت من السياقة لهذه المسافة الطويلة" وضع يده في يد نازلي و دخلا معا إلى المنزل..وقفت هزان و همت بالدخول ايضا لكن ياغيز سبقها و جذبها من يدها و هو يقول" هزان..توقفي..لا تذهبي..لا تهربي" التفتت اليه و ردت" أنا لا اهرب..انا فقط أحاول وضع مسافة ب.." قاطعها و هو يضغط على أسنانه" لا..لا تفعلي ذلك..لا تحاولي..و لا تضعي مسافة بيننا..هذا اكثر من قدرتي على الاحتمال" ابعدت يدها عنه و قالت" اصلا انت من يجب الا يفعل..لا تقترب مني بتلك الطريقة المزعجة..و كأنك تنسى أنني أخت زوجتك..نظراتك و طريقة اقترابك مني تربكني و تزعجني..يجب أن تضع لها حدا..قبل أن يفهم ما بيننا بطريقة خاطئة..لو سمحت" رفع يديه باستسلام و قال بصوت ضعيف" تمام..لن افعل..انا آسف..لن افعل اي شيء يزعجك و يبعدك عني..لن افعل..أعدك" سألت" هل ستكون قادرا على الايفاء بوعدك؟" مرر أصابعه على عنقه بعصبية و تمتم" ساحاول..المهم بالنسبة الي هو ألا تنتهي صداقتنا..لا أحتمل رؤيتك و انت تتجاهلينني..سنكون اصدقاء فقط..و لن ازعجك بأي تصرف كان" صمتت قليلا ثم قالت" تمام..سأصدقك..لانني انا ايضا لا اريد خسارتك..لكن كصديق فقط..و ليس اكثر من ذلك..مستحيل ذاتا أن يكون بيننا ما هو اكثر من ذلك..لتفهم هذا لو سمحت" هز برأسه و رد" فهمت" تحركت مبتعدة عنه فسأل" متى تنطلق دروس ركوب الخيل يا صديقتي؟" اجابت" سأرتاح قليلا ثم التقيك بعد حوالي ساعة..أنا متحمسة جدا لبدء الدروس" ابتسم و قال" حسنا..هذا رائع..كوني جاهزة اذا" ..بعد ساعة..نزلت هزان و هي ترتدي سروالا اسودا يلتصق بساقيها و قميصا أبيضا بياقة مفتوحة..و احتذت حذاءا طويلا يصل الى ركبتيها و رفعت شعرها في شكل ذيل حصان..نظر اليها ياغيز لبرهة قصيرة ثم ابعد عيونه عنها..كان قد ارتدى سروالا ابيضا و قميصا اسودا و وقف بجانب الفرس..وقفت هزان بجانبه و قالت" استاذي..انا جاهزة" ابتسم ياغيز بسعادة و قال" تمام..سأساعدك على الصعود" وضع يديه حول خصرها و رفعها إلى اعلى..حاول تجاهل رائحة عطرها الزكي التي تغلغلت الى اعماقه رغما عنه..و اخذ يعلمها طريقة الجلوس الصحيحة و امسك لجام الحصان و بدأ يتجول بها..

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن