٤٥..صدفة..أو ؟؟

2.2K 73 1
                                    

مرر ياغيز أصابعه خلال خصلات شعره بعصبية و قال" لكن.." قاطعته" لو سمحت حبيبي..أعلم أنك لن تتخلى عني بينما أنا في أشد الحاجة اليك..أليس كذلك؟" صمت ياغيز و لم يجب..كان يريد أن يتخلص بسرعة من هذا الزواج الذي انهار منذ فترة..يريد أن يكون مع هزان دون شعور بالذنب أو بتعذيب الضمير..يريد أن يعيش هذا الحب كما يجب و كما يليق به..أحاطت نازلي وجهه بيديها و اختطفت من فمه قبلة سريعة..تراجع الى الخلف فقالت" أعتذر..لم أكن أقصد مضايقتك..أخبرني..ماذا قلت؟ هل ستكون قادرا على اعطائي فرصة؟ أجبني لو سمحت" أجاب بعد صمت طويل" تمام..لن نتحدث عن الطلاق الا بعد العرض..لكن لا أريدك أن تتأملي..هذا لا يعني بأنني تراجعت ..أنا واثق مما أريد..هناك أمور لن تتصلح بعد الآن..أنا آسف..أنا.." هزت نازلي برأسها و قالت" تمام..ستكون مضطرا أن تتحملني لمدة ثلاثة أسابيع ثم ستتخلص مني بعدها" و تركته و ذهبت الى الداخل..تبعها ياغيز بعد لحظات..مر من أمام غرفة هزان..وقف و هو يرى الضوء المنبعث من تحت الباب..انها ما تزال مستيقظة..رفع يده و هم بطرق الباب..لكنه تراجع..مرر أصابعه على الباب و أغمض عيونه بقوة..كأنه يلامس وجه هزان بأنامله..تنهد بعمق و تحرك مبتعدا ..في الصباح..استيقظت هزان باكرا..لم يكن قد استيقظ أحد من الموجودين بعد..ارتدت قميصا بلون الكراميل و سرولا بنيا يلتصق بساقيها و احتذت حذاءا ذا كعب منخفض..جمعت شعرها كله إلى الأعلى و وضعت وشاحا صوفيا على كتفيها و خرجت لتتمشى في الخارج..كان الهواء باردا و السماء غائمة..انطلقت هزان تمشي و تجاوزت حدود المزرعة..طريق معبدة تقود الى المزرعة المجاورة..وقفت أمام الحاجز الحديدي المحيط بها..و أخذت تتأمل البناء الشاهق..فاجأها صوت من الخلف يقول"صباح النور آنسة هزان" التفتت لتجد نفسها وجها لوجه مع كوراي..أستاذها في الجامعة..

 حملقت هزان في كوراي الذي نزع نظاراته الشمسية و ابتسم..قالت" صباح الخير..أستاذ كوراي..ماذا تفعل هنا؟" ضحك بصوت عالي و أجاب" أنا من يجب أن يسألك هذا السؤال..أنت تقفين الآن أمام مزرعتي" سألت" حقا؟ أنا آسفة أستاذي..لم أكن أعتقد بأنني سألتقيك هنا..يا للصدفة" ابتسم كوراي بخبث و رد" فعلا..يالها من صدفة..لكنها صدفة جميلة بالنسبة الي..و أتمنى أن تكون كذلك بالنسبة اليك" هزت هزان برأسها و قالت" هي كذلك أستاذي..سررت بلقاءك" لم يجبها..أخذ من جيبه مفتاحا فتح به البوابة الحديدية ثم التفت اليها و سأل" هل تقبلين دعوتي على فنجان من القهوة؟" بدا التردد واضحا على وجه هزان و تمتمت بصوت ضعيف" لا..شكرا..لقد.." قاطعها" لا داعي للاعتراض..ألا تريدين أن تري هذا البناء الشاهق من الداخل..و سأعد لك فنجانا من قهوتي اللذيذة..هيا تعالي" وقفت هزان في مكانها للحظات ثم تبعته الى الداخل..كان البناء الحجري رائعا و مغريا ..فلم تستطع مقاومة رغبتها في رؤيته من الداخل..تجاوزت البوابة الداخلية فوجدت نفسها أمام منحوتات رائعة و لوحات فنية لأشهر الرسامين ..درج حجري يتوسط الفناء صعودا الى الطابق العلوي حيث غرف النوم..وقفت أمام لوحة جميلة لامرأة تجلس على كرسي و تنظر عبر النافذة..شعرت بكوراي يقف خلفها تماما ..سأل" هل أعجبتك اللوحة؟" ردت" طبعا..نعم..انها مذهلة..رائعة" قال" معك حق..قهوتك جاهزة..تفضلي لنجلس" التفتت لتجده أمامها ..ابتسمت و تجاوزته..جلست على الأريكة فمد لها فنجانها..ارتشفت منه رشفة و قالت" انها لذيذة جدا..شكرا لك أستاذي" جلس بجانبها و هو يقول" عفوا..لم أسألك..ماذا تفعلين هنا؟" أجابت" أنا هنا مع أبي و أختي و زوجها..أردنا أن نقضي بضعة أيام في المزرعة..نحن جيرانك " ابتسم كوراي بسعادة و قال" يا لحظي" ثم أخذ يتأمل هزان بعيون متفحصة ..هربت هي من نظراته متظاهرة بأنها تتأمل المنزل..أنهت شرب قهوتها و وقفت..سأل" هزان..لماذا وقفت؟ الى أين؟ " ردت" يجب أن أعود..سيقلق أهلي..خرجت دون اخبارهم" قال" تمام..سأوصلك" حاولت الاعتراض لكنه أصر..ركبت بجانبه و انطلق بها نحو المزرعة..

جلس ياغيز حول المائدة مع أمين و نازلي و بقوا في انتظار هزان..صعدت الخادمة لكي تناديها لكنها لم تجدها في غرفتها..عادت و أخبرت الجميع فانتفض ياغيز واقفا و هو يقول بنبرة قلقة" الى أين ذهبت؟ هي لا تعرف المنطقة هنا..يجب أن أبحث عنها..لا يجب أن أتركها لوحدها" وقفت نازلي و قالت" ياغيز..حياتي..لا تقلق..اهدأ..سأتصل بها و .." قاطعتها الخادمة بقولها" سيدتي..هاتف السيدة  هزان  في غرفتها" لعن ياغيز بصوت مسموع و هم بأن يفتح الباب و يخرج عندما سمع صوت سيارة تتوقف ..نظر من النافذة و تغيرت ملامح وجهه فور رؤيته لهزان تنزل من السيارة صحبة كوراي..ضغط بأصابعه على خشب النافذة و أخذ يحملق فيهما..فتحت هزان الباب و دخلت و تبعها كوراي..تقدمت نازلي منها و قالت" أختاه..أين كنت؟ لقد متنا من القلق عليك" عانقت هزان أختها و هي تقول" لا داعي للقلق..لقد خرجت لكي أتمشى فالتقيت صدفة بالأستاذ كوراي..أتعلمين أنه هو صاحب المزرعة المجاورة؟" ابتسمت نازلي و قالت" اوها..يا للصدفة" ثم مدت يدها نحو كوراي و صافحته و هي تقول" كوراي..كيف حالك؟ هل أنت بخير؟ لقد مضى وقت طويل على آخر مرة التقينا فيها" صافحها كوراي و أجاب" نعم..معك حق..أنا بخير ..شكرا..و أنت؟ سيد  أمين ..كيف حالك..و أنت ياغيز؟ لقد اشتقت اليكم كثيرا" وقف أمين و صافحه ثم دعاه لتناول طعام الفطور معهم..تجهم وجه ياغيز و أخذ يرمق هزان بنظرات غاضبة..تجاهلته هي و جلست حول المائدة بجانب كوراي..أخذت نازلي تتجاذب أطراف الحديث مع كوراي فيما بقيت هزان تنظر الى طعامها و تأكله بهدوء..كانت تتهرب من نظرات ياغيز المتساءلة و الغاضبة..نظر كوراي الى ياغيز و سأل"عزيزي ياغيز ..كيف حالك؟ و كيف هو عملك؟ " رد ياغيز ببرود" بخير..كل شيء على ما يرام" ابتسم كوراي و رمق نازلي بنظرة ذات معنى فاكتفت بهز رأسها كأنها فهمت ما يعنيه..أنهوا طعامهم فسألت نازلي" كوراي..كم ستبقى هنا؟" أجاب" بضعة أيام..أردت أن أهرب من العمل و مشاكله..و يالسعادتي لأنني التقيت بهزان هنا" حدجه ياغيز بنظرة حادة فتجاهله و ودع الجميع و خرج بعد أن همس لهزان قائلا" سنلتقي مجددا..هذا أكيد" ..بعد ذهابه..انتظر ياغيز دخول نازلي الى المكتب و انشغال أمين باتصالاته و تبع هزان الى غرفتها..دخلت فدخل وراءها و جذبها من يدها بقوة و هو يسأل بعصبية" ماذا يريد منك ذلك الحقير؟ هل كان لقاءكما صدفة حقا؟ أم أنه يلاحقك؟ أجيبي"

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن