٦٢..رحلة بحث

1.8K 57 0
                                    

في القصر..دخلت نازلي الى الغرفة فوجدت ياغيز يجمع ثيابه في حقيبة..نظرت اليه باستغراب و سألت"خيرا..الى أين؟" أجاب ببرود" سأسافر الى الخارج..لدي بعض الصفقات التي يجب أن أنهيها..و أنا بحاجة الى عطلة مطولة كذلك..ستكون سفرة للعمل و الراحة في آن" زمت نازلي شفتيها و قالت" غريب..ألا يجدر بك أن تبقى معي لتساعدني في العرض..و تعتني بي..لقد اخبرتك بأنني حامل..و أنت لم تظهر أي اهتمام بالموضوع..هل سفرك ضروري و هام أكثر مني؟" لم ينظر اليها..لم يبدي أي اهتمام بكلامها..كان تفكيره في مكان آخر..و قلبه أيضا..كل ما يهمه الآن هو أن يجد هزان..و أن يواجهها..و أن يتكلم معها..أن يفهم منها ما حدث..أن يعاتبها..و أن يغضب منها..أن ينظر الى عيونها ..و ألا يجد لنفسه مكانا فيهما لكي يصدق أنها فعلا تجاوزته و نسيته و نجحت في عيش علاقة مع غيره..يجب أن يقطع الأمل منها لكي يستطيع التأقلم مع هذا الزواج الذي صار يصبح السجن..يجب ان يخمد نيران الغضب و الغيرة التي تلتهمه من الداخل..يجب أن يفعل كل هذا و الا لن يهدأ له بال..أغلق حقيبته و أخذ جواز سفره من الجارور و تحرك لكي يخرج..توقف فجأة و سأل دون مقدمات" هل اخبرتك هزان في أية جامعة سجلت؟ أين هي الآن؟ في أي بلد أوروبي؟ هل أخبرتك" نظرت اليه نازلي بعيون ملتهبة غضبا و حقدا و غيرة ..اكتفت بهز رأسها بالنفي و لم تنطق بأية كلمة..فتح ياغيز الباب و خرج و هو يقول" اهربي و اختبئي قدر ما تشائين..سأجدك..أنا واثق من ذلك..لا يمكن أن تفعلي بي هذا ..يجب أن تواجهيني و أن تقولي بأنك أنهيت كل ما كان بيننا و أنت تنظرين الى عيني..سأجدك..و الا لن أستطيع أن أعيش..و لا أن اتنفس" ..وقف امام أمين و أخبره بسفره المفاجئ..استغرب الرجل ذلك لكنه لم يعترض..بقي ينظر اليه و الى نازلي التي كانت تقف على الدرج..فهم بطريقة او بأخرى بأن الأمور بينهما ليست على ما يرام..خرج ياغيز..وضع حقيبته في الصندوق الخلفي..ركب سيارته و انطلق بها نحو المطار..

ستة أشهر قضاها ياغيز يتنقل بين بلد و آخر بحثا عنها..دون كلل أو ملل..يبحث عنها في سجلات الجامعات و المبيتات الجامعية..في الفنادق الباهضة و البخسة..في سجلات الملكية للمنازل باسمها أو باسم كوراي..لكن بلا جدوى..كان كأنه يبحث عن ابرة في كومة قش..ضاقت الدنيا به و لم يعد يعرف شرقه من غربه..تسلل اليأس الى قلبه بعد أن فقد الأمل بأن يجد هزان..كان يتصل من حين لآخر بنازلي لكي يسألها ان كانت هزان قد اتصلت بها..و كانت تجيبه بأنها اتصلت بها لكنها لم ترد أن تخبرها بمكانها..فكان يجن جنونه و يفقد عقله..أما هزان..ففهمت بعد عدة أسابيع بأنها حامل ..لكنها لم تتمكن من معرفة سبب احتجازها في ذلك المنزل البعيد..كان الممرضة تعتني بها و تساعدها لكي تتمشى داخل المنزل دون أن تخرج الى الخارج..و كان الطبيب يأتي لكي يفحصها يوما بعد يوم..كان ينتابها شعور غريب بوجود طفلها و طفل ياغيز يكبر في أحشاءها ..كانت تستأنس به و تغتني بوجوده عن الدنيا بأسرها..كانت دائما تستغرب وجودها هناك..محتجزة..محبوسة..في مكان بعيد..و هي امرأة حامل..و كانت تتساءل دائما عن احوال ياغيز ..و عن وضعه بعد اختفاءها..لكن لم تجد جوابا لتساؤلاتها العديدة..استطاعت ان تسمع صوت نبضات قلب صغيرها..بكت بحرقة في تلك اللحظة..كانت تتمنى وجود ياغيز معها..لكي يعيش اللحظة و يشاركها نفس الاحساس..تمنت أن يمسك يدها و ينظر الى عينيها..أن يكونا معا كعائلة و لو للحظات عابرة..تعلم انه زوج أختها..و انه ربما سيبقى كذلك..لكنها لا تستطيع منع نفسها من محبته و الاشتياق اليه و تخيل حياة تجمعهما معا..

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن