٦٤..المواجهة

1.9K 55 0
                                    

زمت نازلي شفتيها و هزت بكتفيها و هي تقول" لا أعلم..انها تتصل كل أسبوع لكي تطمئن بابا..و كانت تبدو مرتاحة و سعيدة..هذا يعني بأنها تريد أن تؤسس حياتها بعيدا عنا..هذا ما يفهم من الأمر" ضغط ياغيز بيده بقوة على الحقيبة لكي يخفي غضبه و انزعاجه من كلامها..اقتربت منه و سألت بدلال" حبيبي..ألم تشتاق الي؟ ألا تريد أن تتحدث الى ابننا..انه مشاغب و يسأل دائما عن والده..ألا تريد أن تراه؟" عبس ياغيز و تجهم وجهه و قال" نازلي..أنا متعب الآن..أريد أن آخذ قسطا من الراحة..نتكلم فيما بعد" و حمل حقيبته و صعد الى غرفته..اتصل بهزان لكن هاتفها كان مغلقا..القى هاتفه على الأرض و ارتمى على السرير..لم يعد قادرا على التفكير او التحليل او الفهم..يشعر بأن عقله يتوقف و بأن كل ما يحدث يميته ببطئ..سكب لنفسه كأسا من الويسكي و جلس يشربه..يريد أن ينسى و لو للحظة كل هذه المصائب التي حلت على رأسه دفعة واحدة..غياب هزان الذي لا يريد أن يفهمه كما يبدو..الستة أشهر التي قضاها تائها و ضائعا من بلد الى آخر..حمل نازلي الذي جاء في وقت لا يريده فيه..زواجه الذي صار محكوما بالاستمرار رغما عنه..و حياته التي انقلبت رأسا على عقب و لم يعد له رغبة في عيشها..احتسى كأسه دفعة واحدة..ألحقه بالثاني..ثم الثالث..الى أن أنهى الزجاجة و خلد الى النوم..

أنهت هزان جولتها اليومية مع الممرضة داخل المنزل و عادت الى غرفتها..اعتادت رغما عنها على الوجود هنا..في سجنها الذي لا تعرف له سببا..قبل أن تعلم بحملها حاولت كثيرا أن تهرب لكن دون جدوى..كانوا كلما فكوا قيودها لكي تذهب الى الحمام تخرج و تحاول الركض و الابتعاد لكنهم يمسكون بها..و يعيدونها الى حبسها..لكن بعد ان علمت بحملها صارت تخشى على الجنين و تخاف ان يصيبه مكروه اذا حاولت الركض..جلست على حافة السرير بهدوء و أخذت تخاطب طفلها كالعادة..سمعت فجأة جلبة غريبة في الخارج..وضعت يدها على بطنها و تكورت على نفسها خوفا عليه..أغمضت عينيها بقوة و أخذت تردد بصوت مرتعش" أرجوك يالله..لا اريد أن يصيب ابني مكروه..احفظه لي يالله..هو كل ما املك و ما تبقى لي الآن..لا أستطيع تحمل ألم خسارته..أرجوك يا رب" سمعت صوت الباب يفتح و صوت طرقعة كعب عالي تقترب منها..فتحت عينيها و حملقت للحظة في الشخص الواقف امامها..قالت بسعادة" أختي..أهذه انت حقا؟ الحمد لله..لقد ظننت للحظة بأنني لن أراك مجددا..و أخيرا..سينتهي هذا السجن و سأعود الى منزلي..شكرا لك اختي لأنك لم تتخلي عني و لم تنسيني..جيد انك بحثت عني و وجدتني..لا اعرف لماذا أنا هنا..أنا محبوسة منذ ستة أشهر أو أكثر..و لا أعرف السبب..المهم انك هنا الآن..هيا لنذهب" همت بالنهوض لكن نازلي اقتربت منها أكثر..وضعت يدها على كتفها و أجبرتها على الجلوس..نظرت هزان الى بطن أختها الكبيرة و شعرت بأنها تختنق..أختها ايضا حامل..و من نفس الرجل..وضعت يدها على بطنها و صمتت فجأة..لم تعد قادرة على النطق بكلمة واحدة..نظرت اليها نازلي نظرة احتقار و قالت" تريدين ان تعودي الى المنزل..اليس كذلك؟ ..و كيف ستعودين؟ كيف ستبررين لأبي حملك هذا؟ هل ستجرؤين على اخباره بوالد طفلك؟ هل ستقولين له بأنك نمت مع زوج اختك و حملت منه؟ هل ستخبرينه بأنك كنت ساقطة و عاهرة الى الدرجة التي تخونين أختك مع زوجها..و لا تكتفين بذلك..بل و تحملين منه أيضا" حملقت فيها هزان برعب و تسارعت انفاسها ..ضحكت نازلي بصوت عالي و أضافت" هل فاجأتك؟ نعم..أنا أعلم بذلك..أعلم بخيانتك..و انت هنا لأنك ستدفعين ثمن تلك الخيانة باهظا..أنت تستحقين ذلك..هذا أكيد..يجب أن يكون الثمن باهظا جدا..نحن احتويناك و فتحنا لك باب منزلنا و قلوبنا ..اعتبرناك جزءا من عائلتنا..أحببناك و دللناك..و أعطيناك كل ما تستحقين له..من مال و حب و حنان..و بماذا كافئتنا؟ بالخيانة القذرة..يا لأسفي عليك..

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن