٣٧..كشف السر

2.4K 89 2
                                    

شعر بحركة بجانبه على السرير..ابعد يده عن عينيه و التفت ليجد نازلي تستلقي بجواره..ابتسمت و اقتربت منه و وضعت رأسها على صدره..همست"ياغيز..حبيبي..اشتقت اليك كثيرا" نظر اليها و لم يقل شيئا..حركت يدها على عضلات صدره العريضة و رفعت فمها نحو وجهه و قبلت ذقنه بخفة..لم يبدي أي تفاعل معها..كانت تعلم أساسا أنه في عالم آخر..هي دفعته نحوه دفعا..و ستسعيده متى شاءت..ستعيده إليها متى حصلت على ما في ذهنها..سألت" حياتي..مارأيك أن نذهب غدا إلى مزرعة الخيول..هناك هدية أريد أن أقدمها بنفسي لهزان" رفع ياغيز حاجبه استغرابا و قال" حقا؟ و منذ متى بدأت الاهتمام بهزان او بقضاء وقت معنا؟ اليس لديك عمل؟" ابتسمت و أجابت" أعلم انك منزعج مني و من عملي..لكنني قررت أن أحاول التوفيق بين العمل و بين واجباتي كزوجة و أخت..اليوم..كنت على وشك أن أخسر أختي..و هذا جعلني أعيد النظر في أمور كثيرة..معك حق أن تستغرب تصرفاتي..لكنني بشر بالنهاية..أخطئ و أصيب..أعدك بأنني سأحاول أن أصحح أخطائي..و خاصة في علاقتي بأختي..و بك حبيبي" زم ياغيز شفتيه و قال" سنرى" لامست اصابعها ذقنه و سألت من جديد"ايي..ما رأيك فيما اقترحته منذ قليل" اجاب" و لم لا..اقتراح جيد..و اذا وافق ابوك سنصطحبه معنا أيضا" قالت" اتفقنا حبيبي" بقي ياغيز ينظر اليها للحظات ..امرأة غريبة عجيبة..تقترب و تبتعد..تعطي و تتمنع..صعب فهمها او تحليلها..ماذا تريد ..و مالذي يدور في رأسها..لا أحد سواها يعلم ذلك..

اجتمعت العائلة على العشاء الذي شاركت هزان في اعداده ..ارادت أن تشغل نفسها عن التفكير في ياغيز و في ما تحس به تجاهه..أرادت أن تختفي قليلا عن الانظار و ألا تلتقي به داخل القصر..أعدت أوراق العنب الذي تجيد اعداده و بعض البقلاوة و الفطائر..وجدت متعة في اعداد الأكل الذي علمتها أمها اعداده..تشاركت مع الخدم أوقاتا لطيفة رائقة..وضع أمين أول لقمة في فمه و قال" امممم..انها لذيذة جدا..أوراق العنب أكلتي المفضلة..و جميع الخدم لا يعرفون كيف يعدونها ..من أعدها اليوم يا ترى؟" ابتسمت هزان و ردت" أنا" حملق فيها ياغيز و سأل" حقا؟" هزت برأسها و أجابت" نعم..كل ما ترونه أمامكم من اعدادي و بمساعدة الخدم..لقد قضينا وقتا ممتعا معا في المطبخ" تنهد والدها بحرقة و تمتم بصوت كله حسرة و ألم" تذكرت أمك المرحومة..لقد كانت تجيد اعداد كل الأطباق..و يبدو انها أورثتك ذلك" نظرت نازلي إلى هزان نظرة ذات معنى..كأنها تقول لها نعم..لقد ورثت عنها كل شيء..بينما لم أستطع أنا معرفتها حتى..أحسدك على كونك عرفت أمنا جيدا..و عشت معها..حتى ولو عانيت و تعبت كثيرا..لكنك اخذت من حنانها و اهتمامها و حبها ما لم استطع أنا أن آخذه منها..علمتك كيف تطبخين..كيف تتصرفين..كيف تحبين..كيف تكونين امرأة معجونة من حب و عاطفة و دفء..و كأن الدنيا لم تكتفي بحرماني من حب الأم..ها هي ايضا تحرمني من عاطفة الأمومة..أنا امرأة عاقر..لا أستطيع أن انجب..كلما كان زوجي يحدثني عن الأطفال كنت أكره نفسي..و أهرب منه ..و أهمله..لعله ينسى الموضوع..لكنه لا ينسى..و معه حق..يريد أن يكون أبا..لكنني أعجز عن منحه هذا..و أعجز عن تركه أيضا..فكنت أنت الحل أختي..رغم أن هذا يقتلني..لكنني لم اجد حلا أفضل منه..

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن