٥٢..عودة الى الواقع

3.9K 54 0
                                    

جذب ياغيز هزان و احتواها بين ذراعيه مريحا رأسها على صدره..تمتمت بصوت مرتعش" كأنه حلم" ..مرر ياغيز شفتيه على جبينها المتصبب عرقا و رد" أحبك..و لا أكاد أصدق أننا معا..كل ثانية انحفرت عميقا في ذاكرتي و في قلبي..أشعر أنني أعيش للمرة الأولى..معك كل شيء يكون مميزا و خاصا جدا" احمرت خدود هزان و قالت" ما تقوله يسعدني و يخيفني" وضع اصبعه تحت ذقنها لكي يرفع وجهها نحوه و سأل" تخافين؟ مم؟" أجابت" من المستقبل..من المجهول..من قادم الأيام..كيف سنستطيع المواصلة معا؟ كيف س.." قاطعها بقبلة على شفتيها لكي يسكتها..بادلته قبلته على الفور..تمازجت شفاههما بشغف و حب كبيرين..رفع رأسه عنها بعد لحظات و قال" لا أريد أن أفسد هذه اللحظات بالتفكير في المستقبل..ما أعرفه و ما يهمني أكثر من كل شيء هو أنني أحبك و أنت تحبينني..أنني لك و أنك لي..أننا نستطيع ان نتغلب معا على كل المصاعب القادمة..سأنفصل عن نازلي و سأعلن حبنا امام الجميع..اذا أردت أن نبقى هنا سنبقى..و اذا أردت أن نسافر معا سنسافر الى أي بلد ترغبين بالعيش فيه..دعي القادم لوقته..المهم أن نعيش هذه اللحظة دون حزن أو قلق..اتفقنا" هزت برأسها دون أن تقول شيئا..كانت تحاول طرد الأفكار السوداء التي تتجمع في عقلها..و صورة أختها التي تتراءى أمام عيونها..هي الآن في مكانها..و مع زوجها..تأخذ ما هو من حقها وحدها..غصبا عنها سالت دمعة حارة على خدها..قرب ياغيز فمه منها و مسح دمعتها بشفتيه ..ضمها بقوة و احتجزها بين ذراعيه و اخذ يداعب خصلات شعرها بحنان..قال يمازحها" أنا جائع" انفجرت ضاحكة و قالت" و أنا أيضا..ماذا سنأكل؟" رد" دعي هذه المهمة لي..سأعد لك عشاء لذيذا جدا..لكن يجب أن أفعل شيئا آخرا قبل ذلك" سألت بسذاجة" ماذا؟" اعتلاها من جديد و راح يقبلها..و عادا يحترقان من جديد في لهيب الرغبة الحارق..بعد ساعة..نزلا معا الى المطبخ..اهتم ياغيز بتحضير البيض بالطماطم..أما هي فأعدت السلطة..ثم جلسا معا يتناولان طعامهما..كانت تأكل بشهية كبيرة..راقبها بسعادة ثم علق" لم اكن أعتقد أنك جائعة الى هذه الدرجة..أشعر بأنك ستأكلينني انا بعد قليل" حدجته بنظرة حادة و قالت" اذا بقيت جائعة فتأكد بأنني سآكلك..كن مستعدا" رفع يديه باستسلام و قال" أنا آسف..لن أتكلم أبدا..بالهناء و الشفاء"

أنهيا طعامهما و أخذا يتساعدان على تنظيف الأواني و ترتيبها في اماكنها..كانا يبتسمان بسعادة..يرشان احدهما الآخر بالماء..يلوث أحدهما وجه الآخر بسائل التنظيف..يحملها بين ذراعيها و يدور بها..يعلو صوت ضحكهما و يجدان نفسيهما في عالم يخصهما لوحدهما..لا يشاركهما فيه أحد..تنظر هزان الى الساعة ..انها الثالثة بعد منتصف الليل..و يجب أن يذهب كل منهما الى غرفته..تجمعت الدموع في عيونها و مزق الحزن قلبها ..تنهدت بعمق و قالت بصوت مبحوح دون أن تلتفت اليه" لقد تأخر الوقت..تصبح على خير" همت بالتحرك بسرعة لكنه استوقفها بأن لف ذراعيه حول وسطها معانقا اياها من الخلف و واضعا رأسه على كتفها..همس" ابقي..لا تذهبي..لا أريد لهذه الليلة أن تنتهي" مسحت دمعة سالت على خدها و تمتمت" يجب أن تنتهي..يجب ان يعود كل منا الى واقعه..يجب أن ننسى ما حصل هذه الليلة..غدا صباحا ستعود نازلي هي و أبي..احذر..لا يجب أن يعرف أي منهما بما حدث بيننا..اذا انتبها أو علما بذلك سأنتهي..سأخسر عائلتي..سأخسر الأمان و الحضن الدافئ الذي عثرت عليه بعد طول عذاب..يجب أن يتجنب أحدنا الآخر..و اذا اقتضى الأمر فلن نتكلم معا أبدا..أرجوك..حاول أن تتجاهلني..ألا تتحدث معي..أن.." قاطعها" يعني انك تطلبين مني أن أموت..حسنا..ليكن..المهم ألا تنزعجي..تأكدي بأنني لن أفعل شيئا يجعلك تخسرين أهلك" تنهدت بعمق و قالت" لقد فعلت و انتهى الأمر..أنا من فعلت ما سيجعلني أخسرهما الى الأبد..لقد أخطأت..و ما حدث بيننا لم يكن يجب أن يحدث..أنا آسفة لأنني أقول لك هذا..لكنها الحقيقة" أدارها نحوه و قال بعصبية" هزان..كفي عن قول هذه السخافات..ما حدث كان سيحدث عاجلا أم آجلا..نحن رجل و امرأة أحبا بعضهما و قاوما بقوة لكن الحب هزمهما..وجد أحدهما في الآخر ما ينقصه و ما تمناه..كمل أحدهما الآخر..و اتحدا و أصبحا شخصا واحدا..هذه النهاية الحتمية لعشق كبير كهذا..أعلم أننا سنواجه الكثير من المشاكل و الصعوبات ..و سيعلو صوت ضميرنا..و قد نندم على ما حدث..لكن هذا لن يغير شيئا..أنا أعشقك..و أنت تعشقينني..هذه الحقيقة الواحدة التي أعرفها"..

التوأمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن