الفصل الخامس والعشرون

2.1K 66 1
                                    

الفصل الخامس والعشرون



نظرت حولها في المكان الذي استقروا فيه منذ اسبوع مضى لم تصدق ما تراه بعينها لقد اروها صورا لما يمكن ان تشاهده هناك ولكن الامر الواقع مختلف كليا مخيم البعثة استقر في احدى القرى القريبة من العاصمة وهي قد اعدت لاستقبال النازحين من الجنوب حيث الحرب قائمة ............
لقد كان المكان لا يصلح حتى لمبيت الحيوانات خيم منتشرة على قارعة الطريق تتكدس بها العوائل من الاطفال والنساء والرجال كلهم في خيمة واحدة خالية من التجهيزات لا ينشدون سوى الامان حتى هذا كان امرا غير مؤكد في ظل الاوضاع التي علمتها بعد قدومها ........... الحر الشديد الذي لم تعتده ساهم في جعلها اكثر اضطرابا نظرت لناديا وهي طبيبة صومالية شابة تشع نشاطا وحيوية جميلة للغاية بسمارها المميز وعينيها النرجستين وهي تبحث عما تفعله لا تقدر على الجلوس ولا على الراحة تتفقد العوائل واحدة واحدة تراقب الاطفال بشغف كبير تشيع روح المرح التي افتقدها الجميع في المخيم بعد مرور اسبوع واحد فقط اقتربت منها وهي تبدو على غير عادتها مضطربة متوترة ويظهر هذا جليا على وجهها فشعرت منال بالتوتر يتسرب اليها لتقول اخيرا :- انا بحاجة لمساعدتك
منال :- حسنا ناديا ماذا هناك ؟؟؟
فسحبتها ناديا من ذراعها وقالت :- ليس هنا تعالي معي
وسحبتها خلفها ومنال تشعر بالتوجس فقد اخترقتا المخيم الى ان وصلتا لاحدى الخيم الصغيرة دخلت ناديا وتبعتها منال لتشهق بقوة اقرب للصراخ فقامت ناديا باغلاق فمها قائلة :- ما هذا هل تريدين التسبب بفضيحة ؟؟ لقد كان المنظر مقززا فتاة صغيرة تبدو في الخامسة عشر او السادسة عشر مسجاة على الفراش الذي اغرقته الدماء ابعدت منال يد ناديا بقوة وهي تقول :- ما الذي حصل لها ؟؟؟
ناديا :- لقد اجهضت
منال :- ماذا ؟؟؟ كيف ؟؟؟
ناديا :- دكتورة من فضلك ساعديها واوقفي هذه الاسئلة التي لن توصلنا لاي مكان
ركضت منال باتجاهها وهي تشمر عن قميصها واقتربت من الفتاة التي تبدو كأن الحياة قد فارقتها شعرت بدموعها تنزل حارة حارقة على خدها بالكاد استطاعت السيطرة على النزيف لتنهض من جانبها وتمسك بناديا تجرها خلفها فافلتت ناديا ذراعها بقوة وفظاظة وقالت من بين اسنانها :- ماذا ؟؟ ماذا تريدين ؟؟
منال :- ناديا هناك جريمة في الموضوع ان الاجهاض لم يكن طبيعيا ولكنه بفعل فاعل وقد كاد ان يقتلها ما الذي حصل واين زوجها ؟؟؟؟
فضحكت ناديا بدون مرح وهي تقول :- زوجها من يا حضرة الاميرة واي جريمة هذه التي حصلت ؟؟؟
فاجابتها منال بتوجس :- ما الذي تعنينه بزوجها من ؟؟ والجريمة ان هذه الطفلة تعرضت لخطر الموت
فقالت ناديا وهي تبتسم بمرارة :- لا زوج لها سيدتي والجريمة ان يصبح لدى طفلة مثلها طفل طفل دون والد طفل سيجعلها منبوذة من الجميع الذين سيصبحون فجأة شرفاء مبجلين ويطالبون بالقصاص منها ..... الجريمة ان يأتي لهذه الدنيا المقيتة طفل دون مأوى دون هوية مكروها حتى من والدته ان بقيت على قيد الحياة ان الذي حصل ليس الجريمة وانما هو منع للجريمة
شعرت منال بقلبها يتلوى و بان ساقيها لا تحملانها من فرط الصدمة لتسندها ناديا وهي تقول :- انا اسفة حقا دكتورة ولكنك الوحيدة التي اثق بها لقد كنت اراقبك منذ ان اتيت وقد تأكدت بانه يمكنني الاعتماد عليك ان لم تريدي مساعدتي فالامر عائد لك
منال :- من الذي فعل بها هذا ؟؟ اي مجرم ؟؟
ناديا :- قد يكون ايا كان ولكن من خوفها الذي رأيته على وجهها فانا اكاد اجزم بانه احد الجنود
منال :- ماذا احد الجنود ؟؟ اي انهم تابعون للدولة اذن لم لا تقدم شكوى عليهم لماذا تسكت هكذا ؟؟
ناديا:- دكتورة ان الامر اصعب مما تظنين فهن فتيات صغيرات غالبا ما يكن لا يملكن من يدافع عنهن ولا يتمكن من مغادرة المخيم حتى وهم يستغلون هذا ابشع استغلال يغرونهن بالمساعدات وحصص الطعام وهن يقعن ضحية الجوع والخداع
منال :- مستحيل كيف ؟؟ وانت ماذا عنك ؟؟ الا تستطيعين المساعدة ؟؟
ناديا :- انا اقوم بما اقدر عليه امنع وقوع البلا قدر امكاني وعند وقوعه افعل ما بوسعي فكما ترين المخيم كبير وعدد الفتيات اكبر لا يمكنني مراقبة الجميع
منال :- هل يحدث هذا كثيرا ؟؟ اعني الاغتصاب والاجهاض ؟؟
ناديا :- لا يمكن المعرفة بشكل دقيق اذ ان الكثيرات منهن يمتن من اثر النزيف وقليل منهن يطلبن المساعدة بسبب الخوف من الناس اولا ومن الجنود والمغتصبين ثانيا
لم تستطع منال ان ترى امامها من فرط الدموع التي اغرقت وجهها وهي تشهق بالبكاء فامسكتها ناديا وهي تنهرها بحزم وتقول :- توقفي دكتورة توقفي من فضلك لا نريد جذب الانظار الينا فالامر لا يحتمل.............. وعادتا سويا الى مخيم البعثة لنقضي منال اسوء ليلة في حياتها وهي تتخيل حال النساء وما يعانينه في هذا العالم القذر بينما العالم من حولها يعيش متناسيا هذه البقعة التي تحمل كل هذا الالم ... القهر والظلم
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .......................
شهقت وهي تنهض من الفراش بسبب المنبه تلفتت حولها لتجد مكان احمد فارغا شعرت بالبرد بالخواء لانها لم تجده بقربها لأنها لم تصحو وتجد نفسها متوسدة صدره كعادتها منذ ايام وكأنها تنام على صدره منذ ان ولدت كأن رؤية وجهه في الصباح هي عادتها منذ ان ابصرت
دخلت الى الحمام وهي تغتسل للصلاة.... اكملت صلاتها وهي تجلس بين يدي ربها وتناجيه كعادتها وتقول (( الهي لا اعلم كلمات تعبر عن شكري لك وحمدي اشكرك ياربي على هذه السعادة يا رب احفظه لي سلمه لي يارب احفظ لي والدي احفظ لي اخي وابنه وزوجته
صمتت قليلا لتكمل يا رب اجعل يومي قبل يومه يا رب لا ترني فيه مكروها ابدا ))
:- لا يا رب انا لا اوافق على هذا الكلام
استدارت لتواجهه وهي تراه وقد اغتسل كحالها ويتحضر للصلاة وابتسامة مرتسمة على وجهه لم تفلح باخفاء قلقه وتوتره الذي تستشعره منذ ايام
اكمل قائلا :- لا يا رب انا لا اريد ان اعيش يوما بدونها
فقالت :- لقد سبقتك ودعوتي هي التي ستعمل
اقترب منها جلس خلفها على الارض..... اسندت رأسها على صدره في حركة اعتادتها لتشعر بالامان بالدفء بالحب فقال :- توقفي عن العناد فالرجال قوامون على النساء كما تعلمين لذا فان دعوتي انا هي التي تحسب
فاجابت وقد شعرت بقلق ......بشعور غريب يتملكها لتقول :- احمد اتعلم شيئا .....ان حصل لك شيء لا سامح الله وكان الامر يتوقف على حياتي لاعطيتك اياها دون ادنى تفكير ......على قلبي لوهبتك اياه دون ادنى انتظار على عيني لاقتلعتها و..... وضع يده على فمها يوقف كلامها الذي شعره يخترق اعماقه من هول المرارة التي تنطق فيها كلماتها ادارها اليه ليرى وجهها وهو يقول :- توقفي حبيبتي ما هذا الكلام
فقالت وقد ترقرقت الدموع :- احمد عدني عدني انك لن تتركني ابدا لن تتخلى عني لن تسمح حتى للموت ان يبعدك عني
فقال :- رفل حبيبتي اهدأي ما هذا الكلام انا لن اتركك الا عندما اوارى تحت الثرى فعند ذلك فقط عليك ان تحليني من عهودي لن اتركك ما دام في صدري نفس يتردد وسحبها لأحضانه يضمها بقوة يحاول ان يزرع الامان الذي افتقده هو والاطمئنان الذي غادره منذ اسبوع مضى منذ ان غادر عمه لتنقطع اخباره تماما ليشعر احمد للمرة الاولى في حياته بانه يتيم بينما رفل كانت تتشبث به تشعر بشعور غريب بان شيئا ما سيخرب عليها سعادتها استعاذت من الشيطان وهي تتمسك به كأنه اكسير حياتها سببها الذي بدونه ستضيع لا محالة
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..
ايقظه الرنين الملح لهاتفه من تلك النومة الهنيئة التي حصل عليها بشق الانفس بعد ارقه الطويل فرد وهو يتذمر من هذا المتصل العديم الذوق فرد بصوت متثاقل فظ وهو يهدر بقوة :- نعم
ليجيبه الصوت المرح لمديره الشاب :- نعم الله عليك استاذ رائد
فانتفض واقفا فورا وهو يلعن نفسه وقال :- اهلا عماد كيف حالك ؟؟؟
عماد :- للحقيقة انا لست بخير ابدا فنائبي وذراعي اليمين الذي ارسلته بمهمة تقضى بشهر على ابعد تقدير اطال الامر لاربعة اشهر دون سبب مقنع تاركا اياي اتخبط بين اناس لا اعرف كيف اتصرف معهم اذن اخبرني يا صديقي كيف اكون بخير ؟؟؟
رائد :- انا اسف حقا عماد اعلم بانني قد اثقلت عليك بامكانك اعتبار هذه بدلا عن اجازاتي التي لم اخذها يوما منك تاركا اياك تتمتع باجازاتك انت والحرم المصون
قهقه عماد عاليا وهو يقول :- حسنا كنت بانتظار زواجك لكي اعطيك كل الاجازات التي تعايرني بها والان علي تحذيرك في حال زواجك ساسحبك سحبا في اليوم التالي لزواجك
ضحك رائد بدون مرح ليصمت بعدها صمتا حمل معاني ومعاني ليكمل عماد قائلا :- رائد اخبرني ماذا يحصل معك انت صديقي بل اخي اعدك بانني ساساعدك مهما كان الامر حالك لم يعد هو الحال تعلم بانني امزح بشأن الاجازة الامر هو انني اشتقت لصديقي واشعر بالقلق عليه هذا هو الامر
رائد :- لاشيء صدقني عماد واعدك بانني ساعود غدا او بعد غد على الاكثر شكرا لك يا صديقي
واغلق الهاتف ليشعر بنفسه يضيق شعر بالاختناق كيف كيف سيبتعد لن يستطيع لقد ادمنها ادمن وجودها حوله حاول....... الله يشهد انه حاول حاول ان يخرجها من عقله حاول ان يقتلع قلبه الذي احبها لانه يشعر بالقذارة يشعر بالدناءة كلما نظر لاحمد صديقه الصدوق كلما رأى بعين القلب نظرات العشق والهيام بينهما يمنع نفسه من ان ينظر نحوها او ان يتطلع بتفاصيلها ...... في البداية كان يمني نفسه بان يرى اي خطأ على احمد تمنى من كل قلبه ان يكون زواجهما مضطربا يواجه مشاكل ان يعرف بانها لا تحب زوجها او انه هو لا يحبها ولكن الحقيقة انه احب احمد احب حبه لها خوفه عليها عشقه الذي يظهر للاعمى جليا ..... وهي هي حكاية اخرى حكاية عذابه والمه ليصبح رغما عنه محاميا عن حبهما مدافعا عنه مراقبا شغوفا يعذب نفسه بقربهما يشعر بالسعادة لسعادتهما يقتنع يوما بعد يوم بلقب الاخ الذي الصقته به ليقول اخيرا ( لقد حان الوقت وانتهت القصة يا رائد )) نهض ليلملم اغراضه وحاجياته وهو عاقد العزم على المغادرة في الصباح الباكر
.................................................. .................................................. .................................................. ..............
تنهدت رفل بتعب بعد ان انهت محاضراتها التي استمرت لسبع ساعات هذا اليوم شعرت بانها منهكة متعبة بحثت عن احمد الذي ذهب لشراء القهوة لهما لتراه قادما نحوها وهو يحمل كوبين من القهوة التي ادمنتها بسبب حبه لها فقال وهو يراها :- حسنا سيدتي ها هو طلبك
اخذت الكوب منه وهي تقول :- احمد اشعر بالتعب الشديد فاليوم كان مهلكا ولدينا عمل كثير فالبحوث التي طلبت منا تحتاج لشهر والمهلة اسبوع واحد فقط
احمد :- رفل توقفي عن النواح والشكوى انها لا شيء اعلم بانك ستحضرينها في غضون يومين اثنين ايتها المهووسة
فقالت رفل بغيض :- اما انت فستكتبه بآخر ساعة وتأخذ علامة اعلى مني كالعادة
احمد :- دقي الخشب حبيبتي فلا اريد لعيون العسل ان تصيبني بسهم حسود
فشهقت وقالت :- انا انا احسدك احمد ؟؟؟
قهقه عاليا وهو يستمتع كعادته باغاضتها وبعد ذلك يستمتع بمصالحتها ومراضاتها ليقطع عليه موجة الضحك تلك رنين الهاتف فاجاب تحت نظراتها الحانقة الغاضبة التي تشعل قلبه اكثر واكثر
:- نعم
فاجاب رائد بصوت مثقل :- نعم يا صديقي انه انا كيف حالك ؟؟
احمد :- انا بخير في الوقت الحاضر فقط ......... لان اختك تهددني بنظرات حارقة تجعلني اشك بانها ستغتالني حالما نصل الى البيت
فاجاب رائد :- اذن الحمد لله انني ساغادر غدا صباحا فلا اريد ان اكون شاهدا على اي جريمة قتل
فقال احمد وهو يشعر بالاسف :- مغادر ؟؟ حقا ؟؟ لم لم تخبرنا قبلا لكنا احتفلنا بك
رائد :- لا داعي يا صديقي فعلى كل حال لقد انتهى عملي منذ مدة وانا استنفذت وقتي كله وعلي العودة لئلا يطردني رب عملي
احمد :- اين انت الان لم لا تمر علينا ونخرج للعشاء لنسهر سويا
شعر رائد بقلبه يتلوى من الالم لا يريد ان يراها لا يريد فهو يعلم بقلبه يعلم به سيضعف ما ان يراها ويخالف كل الوعود التي اطلقها على نفسه فاجاب وهو يريد ان يتخلص من هذه العزومة باية طريقة :- لا احمد لا ارغب بذلك فانا ارغب بالخروج لاحدى الملاهي والاستمتاع بليلة لندنية رفل لن تدخل تلك الاماكن وانت لا اعتقد بانها ستسمح لك بالمجيء معي
نظر احمد لرفل ليقول اخيرا :- بل ساتي معك ساوصل رفل للمنزل وانتظرك لتمر علي
تنهد رائد وهو يستشعر مدى ورطته ليقول :- حسنا سانتظرك بالقرب من مطعم ..........
احمد :- كما تريد نصف ساعة على الاكثر واكون عندك
رائد :- حسنا يا صديقي بلغ تحياتي لرفل فعلى الاكثر لن اراها لاودعها
احمد :- حسنا كما ترغب الى اللقاء
اغلق الهاتف وهو يلتفت الى رفل التي كانت تناظره بطريقة غريبة ليقول :- انه رائد سيسافر غدا
رفل :- حقا ؟؟
احمد :- نعم ويبلغك تحياته لانه سيرحل في الصباح هيا لاوصلك لانني سأسهر معه هذه الليلة
فقالت له وهي تشعر بنغزة في قلبها :- احمد لا تذهب
احمد :- رفل ما الذي تقولينه ؟؟ هيا حبيبتي فرائد ينتظرني وهو يشعر بالسوء استطيع معرفة ذلك من صوته
رفل :- انا اسفة لا اعلم ما الذي اصابني هيا بنا واوصل تحياتي له
ركبا السيارة ورفل تنظر اليه وشعور مرعب يتملكها يجعلها ترغب بان تمنعه او ان تذهب معه استغفرت ربها وامسكت بكفه الذي احتوى يدها كلها تنعم بدفء هذه اللفتة البسيطة اوصلها الى المنزل وانتظر ان تنزل ولكنها بقيت متمسكة بكفه ترفض الحراك فقال بمزاح :- ما هذا حبيبتي احذري والا فسرت هذا الامر بطريقة لا تعجبك البتة
فقالت وهي تنظر اليه :- احمد اريدك ان تضمني
احمد :- يالهذا الطلب الصعب نزل من السيارة واقترب من بابها ليفتحه ومد يده ليمسك بيدها واخرجها من السيارة هاله ان يرى وجهها شاحبا وهي ترتجف بدت كطفلة صغيرة سحبها لاحضانه وهو يشعر بالقلق الشديد احتضنها بقوة كأنه يريد ان يدخلها لصدره ان يزرعها بجانب قلبه اما هي فرغبت ان تبقى هكذا الى الابد ان تسكن احضانه تستمتع بدفئه رغبت بمنعه من الذهاب ولكن .......
:- رفل حبيبتي عليك بالدخول والا فان رائد سينتظر الى الابد
ابتسمت بخجل وهي تستشعر سخافتها لا تدري ما الذي حصل لها لتقول اخيرا :- هيا اذهب هيا تحرك تحرك
احمد :- حسنا حبيبتي لن اتاخر اياك ان تنامي لانني عندها ساوقظك بطريقتي
رفل :- لن انام سأنتظرك
استدار احمد مغادرا فشعرت بان روحها تغادرها معه شهقت تطلب الهواء الذي شعرته شحيحا كأنه قد اخذه معه لتدخل المنزل وهي تستغفر ربها وتدعو بان يزيل هذه الهواجس التي تسكنها
.................................................. .................................................. .................................................. ................
نظر احمد الى ساعته التي تجاوزت الثانية عشر واعاد نظره لرائد الذي يغني بصوت نشاز جذب الانظار اليهم ليقرر بان وقت السهرة قد انتهى بعد ان انهى صديقة زجاجة الشراب كاملة بينما هو لم يمسه ابدا اقترب منه قائلا :- هيا يا صديقي لقد انتهت الحفلة والوقت تجاوز منتصف الليل
سحب رائد ذراعه وهو يقول :- ارحل انت فانت لديك من تعود له اما انا فلا .......... لا احد ينتظرني هيا غادر غادر واتركني
سحبه احمد بالقوة واخرجه من تلك الحانة الغريبة وهو يجره جرا الى كراج السيارات القريب وهو يهدر به :- لن اتركك لاننا اتينا معا ولانك بحالك هذا لن تصل لاي مكان هيا تعال لاوصلك للفندق فغدا لديك رحلة وانت بالتاكيد لن تريد تفويتها
رائد :- انت محق فانا افضل الموت على ان افوت هذه الرحلة انها الحل الوحيد الحل الوحيد لمعضلتي
دخل سيارته ليسرع احمد ويمنعه قائلا :- مستحيل رائد انت لن تقود اعطني المفاتيح
ضحك رائد وهو يقول :- ماذا ؟؟ بل انا من سيقود وانت بامكانك العودة بسيارة اجرة
احمد :- ما الذي تقوله رائد لن اسمح لك
لم يكد احمد يكمل كلامه ليغلق رائد الباب فاسرع احمد وركب السيارة قبل ان يشغلها وهو يصرخ به :- توقف توقف يا مجنون
الا ان رائد كان في عالم اخر في دنيا اخرى يريد ان يمحوها من رأسه من تفكيره لانها محرمة عليه محرمة عليه الى الابد لان قلبها ملك لصديقه صديقه الذي لا يستحق صداقته ابدا فضغط على دواسة الوقود وهو يصرخ بكل قوته (( انا لست نذلا ))
بينما احمد كان يحاول ان يجعله يوقف السيارة ليلتفت امامه ويفتح عينيه على وسعهما وهو يصرخ :- راااااااااااااااائد احذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذذر
.................................................. .................................................. .................................................. ................
شعرت بالم حارق يلسعها اوقظها من تلك الغفوة الصغيرة التي تأخذها ... الم يختلف عن سابقه الذي اعتادته في الايام السابقة حاولت النهوض الا ان الالم احكم قبضته عليها لتصرخ بأعلى قوتها :- عمييييييييييييييييييي ...... سميييييييييييييييييييييييييير
كان نائما او بالاحرى يخادع نفسه بالنوم الذي اصبح رفاهية لا ينالها بسهولة يفكر بالذي سيفعله بعد ان تلد تلك المسماة زوجته افكار وافكار تدور بعقله افكار عن كيفية تعذيبها عن كيفية ....... ولكنه يعود ليتعوذ من الشيطان يكرهها بكل قوته بكل شعوره يشحن نفسه بكراهيتها طيلة النهار طيلة اليوم ولكن عندما يعود الى البيت ويراها نظرة واحدة اليها كفيلة بان تهدم كل ما بناه وهي تزداد تألقا وجمالا كل يوم ترتدي وجه الفتاة البريئة تضحك مع والده الذي يبدو معها كان كل همومه التي يعلم انها تثقل كاهله تتبخر ما ان تجلس معه تحادثه بتلك الطريقة التي سلبت لبه منذ سنوات سنوات يشعرها بعيدة بعد شعوره واحساسه عنها
انتفض واقفا على قدميه وهو يسمع صرخاتها المتتالية ليركض فورا الى غرفتها فتح الباب ودخل عليها ليجدها تتلوى الما وهي تصرخ به :- سميييير ساعدني سميييييييير سالد الان
فاجابها :- ما الذي تقولينه لا زال الوقت مبكرا
فصرخت به :- اخرس توقف توقف عن كلامك هذا يا عديم الاحساس عميييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ي
فاجابها :- بل انت اخرسي هيا تعالي معي
اقترب منها وامسك بيديها معا ليحملها ......... قربها لقلبه وهو يجد في قربها هذا فرصة فرصة لاشباع شوقه المرضي لها تنشق عبيرها الذي اسكره بطريقة شوشت على عقله لم يوقظه من استغراقه سوى صوت صراخها الذي اصم اذنيه فركض بها الى الخارج ليجد والده يناظره بقلق فقال له قبل ان يسأل :- لا تقلق يا ابي لن يصيبها مكروه
فاجاب الوالد بابتسامة حانية قلقة :- نعم يا بني لن يصيبها مكروه وستحرص انت على ذلك
التقط سمير الاشارة الخفية في كلام والده فأومأ براسه وهو يتجه بسرعة الى السيارة ليضعها بالخلف ويركض حول السيارة ليدخلها وينطلق باقصى سرعة يسمح بها وضعه ووضعها
بينما سلمى كانت تطلق صرخات بين الحين والآخر تجعله يفقد المتبقي القليل من اعصابه لا يعلم كيف وصل للمشفى ولا كيف ادخلها لتتشبث بيده قبل ان تدخل الى صالة الولادة وهي تصرخ به :- قل انك سامحتني قل انك تصدقني عندما اخبرك بانني بانني اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااه صرخة اطلقتها لتوقف ما كانت تحاول قوله لتسحبها الممرضة وتدخلها وهي تصرخ بالرفض ويبقى سمير واقفا عند باب صالة الولادة وهو يمسك بيده التي كانت تتشبث يمرر اصابعه على موضع لمستها كأنه يحفظها بهذه الطريقة جلس على كرسي قريب ليشعر بمن يقترب منه رفع رأسه ليرى وجه والده الحاني جلس بالقرب منه وربت على كتفه وهو يقول :- اتعلم بم يذكرني موقفك هذا ؟؟؟؟
نظر سمير اليه مستغربا فأكمل قائلا :- بحالي انا عندما كنت انتظر في نفس مكانك هذا ولكن الفرق الوحيد هو انني كنت انتظرك انت ووالدتك
لا استطيع ان اصف شعوري عندها فرحة فرحة لا توصف وانا بانتظار اول اولادي بكري من المرأة التي احب
رأى كيف تغيرت ملامح والده وارتسم الحنان على ملامحه ليكمل قائلا :- الوضع كان مختلفا حينها فعائلتنا كانت من النوع الذي يعتبر اظهار الرجل لمشاعره ضعفا وخلة تؤخذ عليه لم يفعلها اي احد من قبلي لقد كنت معها فقط اخرج عن المألوف عن المعتاد لقد كانت امرأة حياتي نصفي الاخر وتلك اللحظة التي خرجت فيها الطبيبة تحمل بين يديها طفلا بملامح تشبه ملامحي طفل صغير يشبه الدمية لم اعرف كيف احمله حتى الا انني فعلت وكنت عندها كانني اصبحت ملكا على الدنيا لم تسعني الدنيا كلها
فقال سمير بمرارة :- حقا ؟؟
نظر اليه والده مستغربا وقال :- اوتسأل حقا ؟؟ انت كنت ولا زلت ولدي فرحتي عصاي التي اتوكأ عليها .......... سكت قليلا ليكمل :- عندما حصل ما حصل وحدثت كل تلك المشاكل كان بامكاني ان افعل الكثير ان اطردك ان ابعدك عن سلمى ان افعل الكثير والكثير الا انني لم استطع لقد كنت انت في كفة والبيت كله في كفة اخرى ومع ذلك رجحت كفتك لقد آثرتك انت على اخوتك وكلي امل بانك ستعود لرشدك بان تلك الغشاوة التي تعمي عينيك ستزال كنت اعول عليك على ايماني بك وباني قد ربيت رجلا استطيع ان اغمض عيني واثق بانه سيكون سندا لاخوته لزوجته التي اخترتها انا واختارها قلبه قبلا
نظر اليه سمير والمرارة تقطر من وجهه وقال :- ابي انا اسف انا اسف حقا .....اسف لك.... لامير رحمه الله ولاختي صغيرتي التي لا اعلم ان كانت ستسامحني يوما على الذي حصل ابي انا اشعر بالخجل اشعر باني خذلت الجميع وخذلت نفسي قبل الجميع انا الان مجرد حطام لم يبق مني شيء اخبرني بانك سامحتني اخبرني بانك لازلت تثق بي اخبرني بأني لم اخيب ظنك لتلك الدرجة التي تجعلني ارغب بقتل نفسي اخبرني بذلك ارجوك ابي اخبرني بانك لا زلت تعتبرني رجلا لانني
................ اوقف والده سيل كلماته وهو يسحبه لاحضانه ويقول :- بل انت سيد الرجال انت ولدي قرة عيني لا تقل هذا عن نفسك ابدا لقد اخطات بل كلنا اخطانا ولكنك وحدك من تحملت التبعات هذا يكفي يكفي بني يكفي عقابا لنفسك يكفيك بني قرر كرجل ما الذي تريد واجبر الدنيا كلها على القبول قرر ان تمضي في حياتك ان تعيش ان تسامح زوجتك او ان تتركها او حتى ان تعاقبها قرر ما تريده وانا ساكون معك
لم يكد سمير يرد عليه لتخرج الممرضة وهي تحمل بين يديها طفلة طفلة صغيرة وردية كوردة جورية حالما رأوها رسمت الابتسامة الصادقة على قلوب حرمت منها منذ زمن طويل ليقول سمير بصوت مثقل بالعاطفة :- انظر ابي انها رفل صغيرتنا رفل
.................................................. .................................................. .................................................. .............
ساعات مرت عليها شعرتها دهور بل سنين نظرت الى الساعة للمرة الالف لقد تجاوزت الساعة الثانية صباحا وهو اتصل بها منذ ساعتين ليخبرها بانه قادم حاولت الاتصال للمرة التي لا تعلمها تعذب نفسها بسماع المجيب الالي وهو يصرح بوقاحته المعتادة بان الهاتف مغلق فقالت وهي تشعر بقلبها يكاد يتوقف :- احمد اقسم انك ستنام اليوم في المكتب لن اسمح لك بالنوم على سرير حاولت اعادة الاتصال الا انها انتفضت فورا بسبب الاتصال الذي وردها حتى كادت ان توقع الهاتف من يدها نظرت اليه لتتنهد براحة والغضب يتملكها وهي ترى اسمه ضغظت على زر الاجابة وانطلقت فورا :- انت اكثر الناس اهمالا وفظاظة وغرورا احمد سالم اعلم بانك ستنام اليوم في المكتب ..لا بل في الباحة ستنام في العراء ايها ال..... قاطع سيل كلماتها الغاضبة ذلك الصوت الغريب والذي يتكلم بالانكليزية شعرت بالغباء من هذا تسائلت بخشية ليجيبها المتصل :- عفوا سيدتي انا اتصل بك من مستشفى ............. لقد وجدنا هذا الهاتف مع احد المصابين بحادث هل تعرفينه سيدتي
لم ترد لقد كانت تعيد الكلمات التي سمعتها وهي تنفي وتقول :- لا بد انك مخطئ او انا انا هي المخطئة اغلقت الهاتف وهي ترتجف ودموعها تشوش عليها الرؤية وهي تقول :- الاغبياء انه هاتف غبي من هذا الذي اصيب بحادث وما شأني انا به ........باصابع مرتجفة مترددة اعاادت الاتصال وهي تتمنى ان يجيبها ذلك الصوت الذي تكرهه ان يقول بان الهاتف مغلق ولكن لا ها هو صوت الرنين وها هو الصوت الانكليزي البارد يجيبها :- سيدتي من فضلك اهدئي سيدتي نحن بحاجة لاي من اقارب السيد احمد السالم
فاجابت بصوت خرج متحشرجا بغصات شقت حلقها :- هل هل هو بخير ؟؟ هل هل هو حي ؟؟؟؟؟؟؟
ليجيب :- نعم سيدتي انه حي والان هل تقربينه ؟؟
رفل :- نعم انا انا زوجته وانخرطت ببكاء مرير ليجيبها ذاك الانكليزي بتعاطف ويقول :- اهدئي سيدتي من فضلك ومتى ما استعدت هدوءك عليك بالقدوم الى هنا لاكمال بعض المعاملات واغلق الخط
بينما رفل بقيت متمسكة بالهاتف لم تنزله من اذنها حتى تنتظر بامل ان يخبرها بالمزيد ان يأخذ احمد الهاتف منه ويخبرها بانه بخير ان يكون الامر مجرد خطأ ولكن لا الصمت الصمت وحده ظل يتردد لدرجة خنقتها تمسكت ببقايا امل وهي تتذكر ذلك الكلام وقالت انه حي حي وهذا يكفي ارتدت ملابسها على عجالة وركضت نحو السيارة وهي تحاول تذكر الدروس التي اعطاها لها احمد عن القيادة بحركات خرقاء مرتبكة ودموعها التي لا تتوقف تشوش عليها الرؤية لتمسحها بقوة وهي تقول بهستيريا بالغة :- توقفي دموع غبية انه حي توقفي فورا
قادت السيارة وهي تمسك بخريطة لتعرف موقع المشفى الشهير بعد وقت لم تستطع تمييزه وحالة من الغرق الغرق في ملامح وجهه الوسيمة في نظراته الشغوفة وحضنه الدافئ الغرق في ذكريات هذا اليوم واليوم الذي قبله والذي قبله لتقول :- ربي انها ايام مجرد ايام ارجوك ارجوك الهي لا تحرمني منه ...........
وصلت اليه دخلت ذلك المكان الذي كان بالنسبة لها بيت الرعب رواق طويل يشبه واحدا مماثلا في الوطن حمل لها خبر فاجعة
لم تكن تشعر بشيء وهي تسأل عن مكانه رجلاها اصبحتا كالهلام لا تكادان تحملانها وهي تتخيل انها ستصل الى هناك لترى الدموع وتسمع الصرخات لمحات من ماض قريب لم تتجاوزه تماما لرجل اخر رجل فارقها بنفس الطريقة بمشفى مشابه شعرت بان هذا الرواق طويل اطول من اللازم لحظات مرت لتغرق اكثر واكثر وهي تتخيل حياتها بدونه بدون وجوده لتصل الى المكان المحدد نظرت حولها لم تجد شيئا لم تجد احدا لا سمير ولا والدها لم تسمع صرخات سمير ولا دموع والدها تنهدت براحة وكأن هذا الشيء وحده يكفي نظرت للوحة فوق الباب بالكاد استطاعت قراءتها غرفة العمليات جلست على الارض وهي تضم ركبتيها اليها وتتحرك الى الامام والخلف بحركة رتيبة لم تعد تشعر بشيء لاشيء على الاطلاق والوقت الوقت يمضي ببطء قاتل وهي تنظر لتوالي الدقائق لتصبح ساعات دون ان تسمع اي خبر عنه او ان تغير مكانها بالقرب من باب العمليات ليفتح الباب وتنتفض رفل وهي تشعر بانها لن تحتمل فقالت وهي تعلم بانهم لا يفهمونها :- الهي ان اصابه مكروه فخذ حياتي معه لا تتركني اعيش للحظة ارجووووووك
نظرت اليهم وعرفت بنفسها ليخبرها الطبيب وهو يتكلم بمهنية :- سيدتي ان زوجك تعرض لاصابات كثيرة بعضها خطير والبعض الاخر لا لديه ضلعان مكسوران واصابة بالرأس سببت لديه نزيفا استطعنا السيطرة عليه واصابات اخرى لقد اجرينا له عملية ولكن علينا الانتظار لمعرفة مدى الاستجابة سننتظر لاربع وعشرين ساعة نضعه خلالها تحت المراقبة وبعدها نقرر
لقد كانت مع كل كلمة تشعر بها كسوط كسكين تذبح قلبها حبيبها احمد الذي يشع مرحا حياة وحيوية ما الذي يقوله هؤلاء لا لا يمكن افكار تتلاطمها تجعل داخلها يهيج ينتفض شعرت برأسها يكاد ينفجر شعرت بثقل جسدها بان قدميها لم تعد تقوى على كل هذا الحمل غابت الدنيا عنها وهي لاترى امامها سوى عيناه عيناه وهمسه الدافئ بالقرب من اذنها لتغرق في تلك البحور وتتهادى ساقطة على ارض المشفى الباردة
الا انه لم يسمح فقد ركض يتحامل على كسوره على الامه التي كانت لا شيء مقارنة بوجع قلبه خارجا من مخبأه بالقرب من غرفة العمليات ليتلقفها وهو يصرخ بلوعة :- لاااااا رفلللللللللللللل


يتبع...

لأجل حبك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن