الفصل الثالث والأربعون

2.5K 70 13
                                    

الفصل الثالث والاربعون

تناظر الحائط امامها ولا تكاد ترى شيئا اخر تشعر بالخواء بالفراغ بانها غير موجودة غير مرئية لقد فقدت كل شيء والدها ذاك الذي لم ترى منه الحنان يوما ورغم ذاك فهو لم يكف يوما عن السؤال عنها بطريقته الجلفة الا انه كان يهتم لم يتوقف يوما عن الاهتمام بها وكلماته التي كانت تدغدغ قلبها التائق للاهتمام كلما راى سمير يحذره قائلا اياك ان تؤذيها والا فانني ساكسر راسك
كم كانت تشعر بوجودها تشعر بانها مهمة لاحدهم حتى وان كانت طريقته بالتعبير بهذه الصورة فلا يهم ابدا ما دام يهتم ما دام لا ينسى وجودها
والان هي تشعر بالخواء بفقدانها ذاك الاهتمام الحقيقي الذي كان يدغدغ قلبها ماذا ستفعل نظرت حولها في تلك الغرفة التي تحولت لمخزن مع ابقاء سريرها فيه هذا ما عمدت عليه زوجة اخيها الكبير كانها تخبرها بانه لم يعد لها مكان هنا كأن الله يريها بانه كما تدين تدان كم كانت تؤذي رفل بل تتفنن في اذيتها وهي كانت تقابل اذيتها تلك بالصمت لربما كانت تدعو عليها نعم كل شيء ممكن وهي تستحق تستحق كل ما يحصل لها فهي لم تعطي نفسها او من حولها اي فرصة للعيش بسلام لم تغادر هذه الغرفة منذ تلك الليلة عندما رفضت ان تعود مع سمير و هو تركها تركها دون ان يلتفت وراءه ولكنها لا تهتم لا تهتم له ابدا نعم قلبها لا ينزف دما على فراقه ..... فهي ليست كذلك ابدا وهي لا تكاد تموت شوقا لمرآه قادما من العمل تنظر اليه من الشباك كفتاة صغيرة تناظر حبا لا تستطيع الافصاح عنه .......هي ليست كذلك ابدا وهي لا تكاد تختنق بهذا الهواء الذي لا يحوي رائحة عطره الذي تمضي نهارها متمرغة فيه تتنقل في غرفته تبحث عنه فيها قبل ان ياتي ويقتلها ببروده هي ليست كذلك لا تهتم له ابدا هي لا تكاد تدفع عمرها كله لتحظى بنظرة حب من عينيه لا ابدا هي ليست كذلك ولكن يكفي ..........فكل ذاك لم يعد يكفيها حبها اكبر من ان ترضى بفتات مشاعره وان كان اخر العلاج الكي فهي ستحرق قلبها وتحترق معه
طرقات على الباب تبعها دخول علي اخيها الصغير ذاك الذي طالته نيران حقدها وانتقامها كم تشعر بالخجل كلما تذكرت ما فعلته ولكنها نادمة الله يشهد انها نادمة ولو ان هناك ثمن اكثر مما دفعته منذ سبع سنوات فهي اكثر من مستعدة لان تدفعه فقط كي تمحو ما حصل
اقترب منها وجلس على السرير بجانبها ومد ذراعه محاوطا اياها فلم تستطع الاحتمال اكثر واسندت راسها على كتفه واخذت بالنشيج والبكاء وهو اكتفى بان يسند راسه على راسها بحركة مواسية الى ان هدات قليلا ليقول :- حبيبتي عمي ياسين برفقة رفل الصغيرة ينتظرك بالخارج
فمسحت دموعها واعتدلت في جلستها وهي تنظر اليه بعينيها المنتفختين وهو يكمل :- هيا عزيزتي فلا يصح ان ندعه ينتظر اكثر من هذا فهو مهما حصل لا يزال عمنا وبمثابة والدنا رحمه الله
فاومات براسها موافقة وهي تنهض لترتب نفسها وبعد دقائق خرجت وحالما راته ذاك الذي لطالما اعتبرته بمثابة الاب الحلم الذي عوضها عن كل حنان افتقدته ركضت نحون دون ان تستطيع السيطرة على دموعها وارتمت في احضانه ليتلقفها هو بحنانه المعهود بحبه الصادق يحتويها بدفئه وهو يربت على راسها يهدهدها بين ذراعيه الى ان خف بكائها لتنظر لتلك الحبيبة الصغيرة التي كانت تبكي وتنشج مع بكائها وكم شعرت بالالم من اجلها فها هو اذاها يطال حتى ابنتها الصغيرة تحررت من ذراعي عمها واتجهت اليها لتسحبها لاحضانها وتعانقها بقوة والصغيرة تتشبث بها وهي تتمرغ في حضنها وتقبل كل جزء في وجهها رقبتها وحتى كفها وتقول :- اشتقت اليك ماما اشتقت اليك كثيرا
بينما سلمى كانت تتنشق عبيرها الزكي وهي تغمرها وتطفئ نيران شوقها الى ان اجلستها بالقرب منها الى جانب عمها الذي كان يناظر الذي يحصل بعيون مترقرقة
ليقول اخيرا :- كيف حال يا ابنتي ؟؟؟
فاجابته :- الحمد لله على كل حال وانت كيف حالك عمي كيف صحتك ؟؟؟؟ اشتقنا اليك كثيرا
فاجابها بعتب :- اين هو الشوق صغيرتي فانت لم تسالي عني ولو لمرة واحدة ؟؟؟؟
فاخفضت راسها وقد علمت بانه سيتطرق لموضوع عودتها
فقالت :- حكم القوي يا عم
ليرد عليها :- ومن هو القوي يا ابنتي لا قوي غير الله جل وعلا اما ما عداه فهم مجرد بشر ضعفاء لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا
لم تجب فاكمل قائلا :- هل تذكرين يا صغيرتي حديثا اجريته معك قبل سنوات سالتك ان كنت مستعدة للقتال من اجل زوجك وابنتك فاكدت لي انك مستعد وستتحملين كل ما سيحصل
فقالت بحرقة :- وفعلت عمي تحملت كل ما يحصل رضيت بدور لا يعدو دور الخادمة تحملت ذلا ................
ليقاطعها قائلا :- ما عاش من يذل ابنة اخي وانا على قيد الحياة
فشهقت فورا وهي تقول :- بعيد الشر عنه
ليبتسم الحاج ياسين ويقول :- اذا يا ابنتي فعلي اخبارك بان هناك من يريد التحدث معك وقد توسل الي حرفيا من اجل ان اسمح له بذلك خذي الهاتف يا ابنتي وواجهي .......تكلمي......... ثوري....... وسامحي سامحي نفسك اولا وبعدها قرري قرري ما تريدينه ما ترغبينه وانا معك معك ضد الجميع وحتى ضد ابني
ناولها الهاتف بيدها لترتجف يدها فورا حتى كاد ان يسقط منها فاحكم قبضته حول يدها وقال :- تشجعي يا فتاة تشجعي
وغادر مع رفل التي انتظرته في الخارج اما هي فقد بقيت ساهمة تنتظر لا تعلم ما الذي تنتظره الى ان رن الهاتف لتشهق متفاجئة وهي تتلفت حولها وتقفز راكضة الى غرفتها واقفلت الباب وبعدها رات تراقص اسمه على الشاشة وقلبها يتراقص يتلوى الما وكمدا مع نغمات الهاتف المتعالية الى ان انتهى الرنين وهمد صوته ليهمد معه قلبها وكانه قد توقف عن النبض تماما ولكن ثواني فقط ليعاود الهاتف رنينه العالي وعندها ضغطت اصابعها على زر الاجابة دون انتظار لامر عقلها المتخبط وحالما وضعت الهاتف على اذنها وصلتها تنهيدته التي شقت الصمت وهو يقول
:- شكرا لانك اجبت
لم ترد فلم تعلم ما الذي عليها قوله
ليكمل قائلا :- لقد زالت
لم تفهم فخرج صوتها متحشرجا بغصة الشوق وهي تسال
:- ماذا ؟؟؟
اجابها وهو يضطجع على سريرها ينقل نظره بين اغراضها المتناثرة وقال
:- رائحتك تلك التي كنت اجدها دائما في غرفتي فتنعش روحي وتروي بعضا من شوقي ذاك العبق الذي لطالما بحثت عنه طيلة حياتي منذ ان كنت صغيرة بضفائر تستفزني بطولها وابتسامة شقية كنت اعذب نفسي بمراقبتها............. لقد زالت تلك الرائحة
كانت دموع سلمى تملأ وجهها ولكنها لم تدعه يشعر ليكمل
:- ربما اللوم يقع علي في كل ما حصل لانني ارتضيت بان اكون خيار والدك لانني لم افعل كما يجدر باي عاشق ان يفعل لم اتقرب منك لم اجعلك تحبينني بل اكتفيت بالمراقبة وتعذيب نفسي بتلك المراقبة نعم ربما كان يجدر بي ان افعل اكثر على الاقل ان اخبرك بانك لطالما كنت حلما داعب مخيلتي حلما بشعر ليلي غجري حلم بعيون متوهجة بالشقاوة حلم برائحة بساتين ورود مزهرة في الربيع حلم يسرق نبضات قلبي كلما خطف امام بصري حلم تجلى واقعا يحمل اسمك ربما كان علي اخبارك بهذا على الاقل واحتفظ بالباقي لنفسي
شهقت فورا طلبا للهواء وهي تشعر بان نبضات قلبها وصلت للالف يا الهي هل اضاعت حبا كهذا هل كانت من الغباء ان لا تشعر بكل هذه المشاعر لا بل انه يحتفظ بالباقي لنفسه تبا لك سلمى تبا لك
اكمل متجاهلا شهقات بكاءها التي وصلته :- ربما كان غرورا مني.... قد تعتبرينه كذلك ولكنه ابدا لم يكن بكل صراحة كنت استكثرك على نفسي خفت ان علمت بمدى حبي لا اعلم ولكنني فرحت بما حصلت عليه كونك زوجة لي ان يتحقق هذا الامل لم ارد اكثر من ذلك ولذا اخبرك الان بكل صراحة بانني لا استطيع العيش من دونك سلمى
فقالت مكابرة على فرح قلبها وارتجافة جسدها كله استجابة لما يقول ولكنها لا بد ان تعلم :- ولكنني لا استطيع العودة سمير لا استطيع العودة لذاك القهر لانني لا اريد ان اكرهك لا اريد لابنتي ان تكبر وتتساءل وبعدها قد تكرهني او تكرهك هذا ما سيحصل انت لا تستطيع ان تنسى وانا لا استطيع ان اغير ما حصل
فقاطعها قائلا :- لا حبيبتي ما حصل قد مضى ولا يجوز ان نبقى عنده
فقالت :- وعقابك لي هل انتهى لانني لم اسمع عن عقاب اكثر قسوة ولا اطول مدة منه
فقال مستنكرا :- هو عقاب لي ربما اما انت فلم اشأ يوما عقابك .............. اكمل بغصة تمنع عنه الهواء :- الامر لا يتعدى كونها انانية مني ان تبقين قريبة كما اريد وتبتعدين عن قربي كما تريدين ..... انت لا تتخيلين صعوبة ان افكر انك كنت مجبرة على قربي مجبرة على تقبلي في حياتك الامر يقتل لا بل يذبح لذا ............
لم يكمل لانها قاطعته بشهقات بكائها التي المته وهي تصرخ به :- توقف سمير توقف لا تؤذيني اكثر انا انا احبك لا بل اعشقك ليس الان او منذ عام او منذ عشر لا بل منذ الازل
كان سمير متسمرا مكانه وقلبه يكاد يهرول راكضا اليها
لتكمل من بين بكائها :- احبك احبك اقسم باني احبك
لحظات صمت تبعها صوت حشرجة انفاسه ليقول اخيرا :- عليك ان تفتحي الباب لكي ارى الجواب بنفسي
شهقت وهي تركض باتجاه الباب والهاتف لا يزال معلقا باذنها وحالما فتحته شعرت بقدميها تميدان تحتها وهي توشك ان تقع لقد كان يقف امامها بهيئته الفوضوية تلك عيناه العميقتان بعسلهما الصافي تلمعان تحت اضاءة الغرفة الخافتة وظلال الالم والسهر تظهران بوضوح تحتهما وذقته الغير حليق الذي استطال ليمنحه تلك الهيئة التي اوجعت قلبها المشتاق اليه
اما هو فبالكاد استطاع ان يسحب نفسا بعد ذاك المجهود الذي بذله وهو يركض داخل المنزل كالمجانين حالما سمع اعترافها ذاك يراها امامه بهذا الثوب البيتي القصير وتلك الضفيرة الطويلة المحلولة كانها قد ضفرتها قبل ايام كأن الايام لم تمر كانها ابنة عمه الفتاة الحلم التي سرقت قلبه منذ صغرها
دخل الغرفة واغلق الباب خلفه وهو لا يزال يمسك الهاتف
لتقول وهي تتراجع الى الوراء متجاهلة غرابة وجوده هنا في هذه الساعة ودموعها تحكي معها :- احبك انت ولا احد غيرك احب حنانك اللامحدود احب تلك الحمائية التي تحاوط بها الجميع احب قسوتك احب حبك احبك كلك
كان قلبه يتضخم مع كل كلمة تنطقها وهو لا يكاد يصدق كل هذا لتكمل هي قائلة :- ان كنت تصدقني فانا ........... لم تكمل فذراعه التي امتدت لتسرق الهاتف من اذنها وتسحبها لاحضانه لم تمهلها وهو يضمها بقوة بقسوة بينما هي تعلقت برقبته فورا وهي تزيد من قوة ذاك العناق الذي جعلهما يشتعلان بنار الشوق الذي ارقهما لحظات مرت لا يستطيع ايا منهما ان يترك الاخر
فهو كأن الحياة قد دبت به من جديد الروح التي سرقت منه ردت اليه بقدرة قادر ها هي حلم الماضي وعذاب الحاضر ها هي تقبع بين يديه تكاد تلتحم به
وهي وجدت الامان ذاك الذي بحثت كل حياتها عنه وجدت الحب الذي حلمت به بين احضان هذا الرجل الذي منحها انتماءا ووطنا لم تحصل عليهما في حياتها
ابتعد قليلا وهو يتمعن في وجهها الذي كان يتوهج من الخجل وقال :- اسف
فضربته على كتفه وهي تقول بتانيب متدلل :- قاسي
ليرد ضربتها اليها ويقول :- غبية
نظرت اليه بحب نطقت به كل ملامحها ليقول :- وانا احبك احبك اميرتي سيدتي والان لديك دقائق قليلة لتبعديني من هنا وتجمعي اغراضك فالحاج ينتظرنا في البيت ودقيقة اخرى من النظر لعيناك ولن استطيع المغادرة من هنا وقد اتسبب بعدها بفضيحة في عائلة الظاهري التي قد يستغرقها سنوات لكي تنساها
دفعته برفق للخارج وهي تقول :- لا حاجة لاية فضائح دقائق واكون جاهزة
توقف مكانه بقوة وهو يبتسم ويقول :- لاااااااااااااا كنت امني نفسي بفضيحة مرتبة
غردت ضحكتها التي لم يسمعها منذ الازل وهي تغلق الباب خلفه وتتكا عليه وعقلها يرفض التصديق بان ما حصل قد حصل فعلا
..............
دخل البيت وهو يمسك بيدها التي لم يفلتها لدقيقة واحدة منذ ساعة كاملة وهي تكاد تذوب خجلا خوفا من ان يراهما عمها ولكن ذلك لم يحصل فالظلام كان مخيما وسمير لا يزال يسحبها خلفه الى ان اوصلها لغرفتهما التي هجرها كلاهما وقفت امام الباب ودون ان تستطيع السيطرة على نفسها هطلت دموعها التي اصبحت رفيقا لها تأبى ان تفارقها ابدا وهي تستذكر لحظات شوهت قلبها بشدة لحظات الهجر لحظات القهر والذل ولكنه لم يسمح لها بان تستغرق اكثر فقد احتواها بحنانه وهو يحملها برفق ويدفع الباب برجله ليجلسها برفق على السرير ويقول بكل الشوق الذي يحمله بقلبه :- حسنا ماذا كنت تقولين لا اعلم لقد كان اعترافا ما
اقتربت بوجهها منه وهي تقول بكل صدق بدون خجل او خفر كأن كل الحواجز زالت كأن اعترافها جعلها اقوى اكثر سيطرة كأنها امام مرآتها تصرح بمكنونات قلبها كما يفعل الجميع ولكن مرآتها في هذه المرة كانت هو عيناه اللتان تنضحان حبا صادقا اخترق فؤادها وسكن هناك :- احبك احبك احبك
وبقيت ترددها طيلة ساعات الليل وكلها اعترف بذاك الحب الذي لم تعلم متى اصبح بهذه القوة بهذا الجنون والشغف وهي تقرأه بعيني ذاك الذي ينظر اليها بين غمامات الشوق
لم تستطع ان تغمض عينيها وهي تضع كفيها تحت رأسها وتضطجع على جانبها تقابل وجهه وهو يفعل المثل وابتسامة تشبه خاصتها ترتسم على شفتيه وكلاهما يأبى النوم كلاهما يخشى ان يكون الذي حصل مجرد حلم وبقيا على هذه الحالة الى ان حل الصباح وبدأت الضجة المعتادة لصباحات المدينة ليغفو كلاهما على تلك الاصوات التي اخبرتهما بوضوح بان ما حصل واقعا وليس خيالا

لأجل حبك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن