الفصل الثالث والثلاثون

2K 63 2
                                    

الفصل الثالث والثلاثون




دخل المنزل وهو بالكاد يقوى على فتح عينيه يحتاج للنوم يحتاجه بشدة يشعر بالتعب والانهاك سمع اصوات البكاء القادمة من غرفة صغيره فتوجه لهناك بقلب راجف ليجد شقيقته الصغيرة ايمان وهي تتقاتل مع صغيره الشقي من اجل ان يرتدي ملابس النوم التي يرفض ارتدائها بدون معركة محترمة تنتهي كالعادة بان يعضها او ان يسحب خصلة من شعرها وهي تحتمل منه كل شيء بصمت
صرخ به بقوة وهو يقول :- توقف ايها الولد توقف حالا تصنم الطفل ذو الاربعة اعوام حالا وهو ينظر اليه برعب ليكمل اسامة قائلا :- ايمان تعالي هنا حالا وانت اكمل ارتداء ملابسك بنفسك في الحال .... اقتربت شقيقته منه بوجل بينما برطم الصغير شفتيه وهو يتحضر لوصلة بكاء محترمة ستحرمه كالعادة من النوم مثل بقية الخلق تركه في الغرفة واتجه للصالة لتتبعه شقيقته الصغيرة بعد بعض الوقت يعلم بانها قد قضته في استرضاء ذاك الطفل الشقي لتقترب منه وهي تقول :- كيف حالك اخي ؟؟؟
فابتسم اسامة بتهكم وقال :- انا بخير صغيرتي لا تقلقي هيا لاقلك للبيت
فقالت ايمان وهي متوجسة :- اسامة من فضلك الن تفكر بمقترح امي ؟؟؟
صمت لتتشجع قليلا وتجلس بالقرب منه وتقول :- ما الذي يعيب سمية ؟؟؟ انها قريبتنا وهي فتاة محترمة وعندما لمحت امي لها ولوالدتها كادتا ان تطيرا من الفرح اخي انت بحاجة لزوجة لقد مر عامان منذ وفاة زوجتك لا زلت شابا ان لم يكن من اجلك فمن اجل ذاك الصغير ارجووووك اخي
فقال وهو يبتسم بالم :- شابا ايمان ؟؟؟ اي مزحة هذه اختي انظري فقط لرأسي وعندها ستعرفين مدى شبابي
فقالت باستنكار :- لا تقل هذا من فضلك انت لا زلت شابا ....فقط لو تسمع صديقاتي كلما يسألنني عنك يقلن اخيك الوسيم
قهقه اسامة عاليا وقال وهو يجر اذنها برفق :- حسنا ما كان موضوع الكلام ليقلن هكذا عني ومن هن ؟؟؟؟ هيا تكلمي
افلتت نفسها منه بالقوة وهي تقول :- اخي توقف انا لم اعد صغيرة فان كنت نسيت فانا الان طالبة جامعية لذا توقف عن معاملتي هكذا ثم اخبرني حقا ما هو عيب سمية ؟؟؟
سرح قليلا وهو يفكر بان عيبها انها لا تملك عيونا زمردية مشتعلة بغضب وشقاوة لا تملك روحا برية تبعث بالدماء حارة بل ملتهبة بشراييني لا تملك شعرا ليليا لا يعترف بقيد ولا برباط يهفهف حولها مالئا الهواء بعبيرها الاخاذ (( هذا هو عيب سمية )) لم يعلم بانه قال جملته الاخيرة بصوت عال التقطتها اذني شقيقته الصغيرة الحساسة لتقول :- ماذا ما بها سمية ؟؟
فقال وهو يضربها على رأسها يا الهي ايتها الفتاة ما انت ؟؟؟ احيانا افكر بانك تمتلكين لاقطا بقطر 50 سم بدلا من الاذنين هيا ارتدي حجابك وملابسك لاوصلك للبيت فانا اريد النوم
فقالت ايمان :- لا داع فالبيت قريب استطيع الذهاب بمفردي
فقال اسامة بصوت متوحش :- تحركي يا فتاة وبدون كلام
رتبت حجابها بسرعة وهي تسير امامه لتتقي شره وحالما وصلت للباب التفتت اليه قائلة :- اذا فلتعلم بان امي قد اعلنت الحرب عليك اخبرتني بانها لن تسمح لي بالقدوم الى هنا لا انا ولا اي واحدة من شقيقاتي وانا كما تعلم لن استطيع ان اكسر كلمتها
قهقه اسامة عاليا وقال :- نعم اعلم بانك مطيعة مطيعة للغاية تحركي تحركي يا فتاة
...............................................
عاد بعد دقائق لبيته الموحش بيته الذي تتولى شقيقاته مهامه بالتناوب منذ عامين منذ وفاة زوجته التي صدمت الجميع بسبب حمى مفاجئة افقدتها حياتها زوجته التي كانت ابنة خالته اجبرته امه تقريبا على الزواج بها بعد عمليات زن متناوبة وضغط متمثل بارتفاع ضغط الدم لديها واحيانا حالات اغماء نوبات بكاء شقيقاته التي صدعت رأسه وغيرها من المسرحيات التي اتقنتها امه وشقيقاته الاربع ليستسلم اخيرا لمخططاتهن ويتزوج ولكن بعد ماذا بعد ان شغل القلب والعقل بتلك الصغيرة لا زال يذكر ذلك اللقاء الاول حتى بعد مرور سنوات عليه لا يستطيع نسيانه ابدا ذلك اليوم حينما اتصل به علي ليخبره بوجود قريبة له يريده ان يساعدها في التقديم لجامعة مرموقة وان يساعدها لا يزال يذكر ضحكة علي المستمتعة وهو يحذره منها بانها تقرص وتعض انتظرها امام باب منزل عائلة السالم انتظر بضعة دقائق لير الباب يفتح وتخرج منال زوجة علي وعلى وجهها ابتسامتها المرحبة المعتادة وهي تجرها خلفها جرا لتوقفها امامه بصرامة قائلة :- كيف حالك اسامة اسفة لازعاجك مرة بعد مرة الا انني لا اثق باحد غيرك
فاومأ برأسه دون ان ينظر اليهما فقالت معرفة :- هذه سارة قريبتي ارجو منك ان تساعدها في هذا الامر انها جديدة على المدينة ولا تعرف احدا علي مشغول للغاية وانا انت تعلم لا يمكنني مغادرة البيت
فقال اسامة :- لا داعي لكل هذه المقدمات سيدة منال لا مانع لدي ابدا من ذلك ....عندها فقط التفت اليهما ليتسمر مكانه وهو ينظر لذاك الكائن الماثل امامه توقف كل شيء بل تجمد .....انفاسه ....عيناه حتى دقات قلبه توقفت وهو يرى ذاك الوجه الملائكي تلك العينان الزمرديتان اللامعتان بشراسة ذاك الفم الكرزي المتكور بحنق وشعرها الاسود الكثيف الذي يكمل لوحة الجمال الاخاذ رآها ترفع نفسها لتهمس لمنال بكلمات سمعها بكل وضوح (( هل انت واثقة منه ؟؟؟ )) لتجيبها منال بصوت هامس :- توقفي سارة واحسني التصرف فهو صديق للعائلة واكيد هو موضع ثقتنا
لتقول وهي ترفع نفسها مرة اخرى لتصل لاذن منال التي احمر وجهها من الاحراج (( خالتي انت لا تفهمين انها امي رحمها الله لقد اوصتني بان لا اثق بالغرباء وان لا اكلمهم حتى فكيف ستفكر بي ان ركبت سيارة مع احدهم ))
لتقول منال بنزق :- سارة انه ليس غريبا انه كعمك علي حسنا تعاملي معه على هذا الاساس
لتنتهي تلك اللحظة بذاك الكلام القاصف عمها هل كبر لهذه الدرجة ؟؟؟ توقف اسامة توقف نعم عمها نهر نفسه بقوة وبكلمات جارحة لمشاعره التي وكأنها افاقت من سبات اجباري عندما رأت هذه الصغيرة استعاد صرامته المعتادة هيبته التي افلتت منه للحظات قائلا :- سيدة منال هل غيرت رأيك بشأن الموضوع فانا اسف لاخبرك بانني لا استطيع التأخر
نظرة شرسة اطلت من عينيها اللتان تألقتا بذاك اللون الملتهب بالغضب لتقول منال معتذرة :- لا اكيد لا هيا سارة تحركي لقد اخرت الرجل
نظر لنفسه بالمرأة وهو يتخلل شعره بيده وتلك الابتسامة المتألمة ترتسم على شفتيه تلك التي تخصها وحدها كلما تذكر لقاءه بها تلك المواقف التي تخرجه عن طوره تنعش روحه تذكره بمراهقة لم يعشها شباب لم يستمتع به لانشغاله بمسؤوليات وجد نفسه مواجها لها كل تلك المشاعر تظهرها تلك الصغيرة بمجرد ظهورها امامه لتنتهي بعملها تحت ادارته ليستمتع يوميا برؤية غضبها الناري تلك العواصف التي تسكن عينيها بمجرد استفزاز بسيط منه لقد اصبح ساديا حقا ولكن ماذا يفعل يخشى من نفسه يخشى ان يكتشف احدهم تلك النظرات التي يسترقها اليها يداري لهفته في رؤياها يتخفى خلف رداء الصرامة والفظاظة فهذا اكثر امانا له ان تبتعد هي عنه فهو لا يملك تلك القوة ويمنحها كل الاسباب لتكرهه وتبتعد هي عن طريقه يسمع شتائمها التي تظن انه لا يسمعها يسمع الالقاب التي تطلقها عليه من خلف ظهره كلما عاقبها لتأخيرها (( العجوز البائس )) وكم تقتله هذه الكلمات اكثر من كل ما تطلقه عليه من القاب توجه لجهاز تشغيل الاقراص المدمجة اخرج القرص الذي قام بتسجيله اليوم بعد مشاحنته الاخيرة معها والتي خرجت على اثرها تاركة العمل وضع القرص في الجهاز ليصدح صوت ناظم الغزالي بتلك الاغنية التي شعرها تصف حالته بكل دقة واخذ يدندن معه وهو يستلقي على فراشه مغمضا عينيه على صورتها الغاضبة ونظرتها الشرسة وابتسامتها الخاصة ترتسم على شفتيه
عيرتني بالشيب وهو وقار
وليتها عيرت بما هو عار
ان تكن شابت الذوائب مني
فالليالي تزينها الاقمار
دموعي بيوم فقد الولف ليلى
وردت عيني يمرها النوم ليله
تعيرني عجب بالشيب ليلى
واخير اثنيننا نشيب سوا
ليغفو على صوته الشادي يحلم بليلاه تلك التي سكنت احلامه كما الواقع
.................................................. .................................................. .................................................. ..................................
تجلس امامه تناظره بخجل يخفق قلبها لكل لفتة منه لكل نظرة تراقب سكناته كلها تحفظها عن ظهر قلب تصبر قلبها العاشق المريض بحبه هو دونا عن كل البشر يا الهي لم يبدو كل يوم اكثر وسامة ؟؟؟ لم كل تصرف منه صغيرا كان او كبيرا يكون شيئا مميزا ؟؟؟
تراه يدخن للمرة الاولى ولا تتحرك من مكانها حتى وهي التي لا تطيق رائحة السجائر ولكنها تشعر في هذه اللحظة بانها مدمنة لذاك الدخان الذي يطلقه تراقبه وكأنه يصنع معجزة ما تلك الغيوم الدخانية التي تخرج من فمه لتتبعثر بعدها متخللة ذرات الهواء تتنشقها هي بتلهف بذات اليأس بذات القلب الذائب بحبه بذات الروح العاشقة ايقظها من استغراقها فيه ومراقبتها الخفية صوته الغاضب الحانق :- اين ذهبت تلك الفتاة ولم لا ترد على هاتفها ؟؟؟؟
فقالت وهي تجلي صوتها تخفي خجلها :- لا تقلق رائد انت تعلم بانها مع خطيبها
التفت اليها وكأنه قد تذكر وجوده لتوه ليرى شابان يقفان بالقرب منهما في ذلك المطعم المطل على البحر والذي يقدم العشاء بالهواء الطلق على تلك الموائد المنتشرة على الرمال .. يتطلعان نحوها بنظرات اثارت حنقه واستهجانه شعر بشيء حارق في صدره وهو ينظر نحوها يرى تطاير ثوبها القصير الهفهاف مظهرا ساقيها لاحظت مسار نظراته لتلملم حافة الثوب المتطايرة بفعل الهواء وهي تخفض رأسها خجلا فقال رائد بصوت بارد قاس لا يشي بالاحتراق الذي يشب بداخله :- ما هذا الشيء الذي ترتدينه ؟؟؟ هل رآك العم سالم قبل خروجك ؟؟؟ ولم تفردين شعرك هكذا ؟؟؟
نظرت اليه برفض لما يقوله وشعرت بالدموع توشك على خيانتها واذلالها امامه وهذا ما لا تريده ذاك البليد عديم الاحساس والمشاعر نهضت من مكانها بسرعة اقرب للركض لينهض رائد خلفها ولكنه اضطر للتأخر قليلا ليدفع الحساب بينما هي كانت لا تكاد ترى امامها من شدة غضبها وحنقها لتفاجئ بذاك الجدار الصلد الذي اصطدمت به رفعت رأسها الذي المها لترى شابا طويلا مفتول العضلات بنظرات حقيرة مقززة وابتسامة سمجة تعلو شفتيه ليقول :- اسف يا جميلة لم ارك ... حاولت المرور الا انه حرك جسده بسرعة وخفة ليقطع طريقها ويقول :- اقسم ان اكسر رأس من ابكى هاتين العينين الجميلتين
:- بل انت من تحتاج لمن يكسر رأسك ايها الحقير
هدر الصوت من خلفها لتشعر بنفسها تسحب بقوة خارقة للخلف حتى توارت خلفه لينقض بعدها على ذلك السمج ويتلاحمان بعراك امام عينيها المتسعتين وهي تنادي بصراخ :- رائد رااااااااائد توقف ارجوك
الا انه كان بعالم اخر وهو يكيل الضربات لذاك الحقير الذي تطاول بالنظر لرنا وجه له ذلك الضخم ضربة برأسه الكبير الذي يبدو كرأس ثور ليرتد رأس رائد للخلف وهو يتأوه بقوة الا انها مجرد لحظة واحدة ليعاود بعدها الالتحام معه وهو يكيل له اللكمات والركلات ... تجمهر الناس حولهم ليقترب محمد خطيب رانيا راكضا وهو يحاول فك التحام هذين الثورين وتدخل بعدها الحرس الخاص بالمطعم ليوقفهما بالقوة والتهديد بطلب الشرطة نفض رائد ذراعه المكبل بذراعي محمد بالقوة وهو يتجه اليها بنظرات قاتلة ليراها ترتجف بشدة ودموعها تغرق وجهها الذي اصبح متورما كله من شدة بكائها رأى النظرات التي يرميها بها بعض الناس المتجمهرين في المكان ليشتعل غضبه من جديد ويخلع سترته ويقترب منها بسرعة وهو يلبسها السترة بفظاظة وحزم ويهدر قائلا :- متى اصبحت قليلة الحياء هكذا ؟؟؟
صدمت من قوله بشدة لتشهق بالبكاء وتنشج مما جعل الناس تلتفت اليهم امسك بمرفقها وجرها خلفه جرا الى ان اخرجها من المطعم ليتبعه محمد ورانيا المصدومين مما حصل ولكنها لم تعد تحتمل لم تعد تحتمل اذلالها العلتي الذي تسبب لها به فنفضت يدها بقوة ولكنها لم تستطع تحريرها من قيد يده المتشبثة بذراعها فالتفتت اليه ونظرة شرسة ترتسم على وجهها الجميل عيناها اللتان ظهر لونهما الفضي متألقا بالدموع شفتيها اللتان تكورتا يمنعان شهقات بكاء ونشيج تجعلها فرجة للمارة شعر رائد بصدمة وهو يتفرس بملامحها للمرة الاولى وكأنها ليست رنا تلك الصغيرة التي لطالما لعبت ببيتهم لطالما كانت ملتصقة به كالتصاق رانيا تلك الصغيرة .... لا لم تعد صغيرة بل انها امرأة امرأة فاتنة تلك النظرة الشرسة المتألمة سحرته جعلته متبلما لا يصدر أي حركة لتنفض يده بقوة وهي تقول بذات الشراسة :- لا يحق لك لا يحق لك ابدا ان تفعل ما فعلت لا يحق لك اهانتي بتلك الطريق ولا قول ذاك الكلام الحقير عني
اشتعلت عيناه بغضب ناري وهو يقترب منها يشرف عليها بطوله المهيب الذي جعلها تشعر بالتقزم ليقول من بين اسنانه :- يكفيك فضائحا الليلة ولا تقولي لا دخل لك كيف كيف لا دخل لي ؟؟؟ انت كرانيا بالنسبة لي وقد ائتمنني والدك عليك
فقالت بصراخ :- توقف توقف لست كرانيا ولا دخل لك بي ابدا ابدا بعد الان واسرعت مغادرة المكان متشبثة بسترته الغالية تلك التي نشرت دفئا لا مثيل له بجسدها المرتجف .........الغبي لقد فعلت كل هذا لاجله ليأتي الان ويقول لها بانها كرانيا فليذهب الى ..... لا لا لن تقولها
تبعها رانيا ومحمد الذي اقترب منها قائلا :- توقفي رنا سنقوم نحن بايصالك لا يصح ان تغادري لوحدك فالوقت متأخر
توقفت مكانها بالقرب من رانيا التي سارعت باحتضانها وهي تقول :- اهدئي حبيبتي اهدئي فنحن الادرى بجنونه
لم تقل شيئا اكتفت بالصمت وهي تبحث بعينيها عنه حتى رأته واقفا كالطود ينظر نحوهما بنظرته الغاضبة التي تحبها ككل ما فيه تراقبه بشغف غاضب بل متفجر
.................................................. .................................................. .................................................. ............................................
:- باباااااااااااااااااا
انتفض علي مستيقظا من النوم على اثر تلك الصرخة التي يعرفها وهو يتطلع حوله بغباء لتستيقظ منال هي الاخرى وتقول :- ماذا هناك ما الذي حصل ؟؟؟؟
ليغادر علي الفراش راكضا وتتبعه منال وهي تسمي باسم الله ويتسمر الاثنان وهما ينظران امامهما بغباء فقال علي والغضب ارتسم على وجهه :- ما الذي يحصل هنا ؟؟؟؟
ثلاثة ازواج من العيون المفتوحة تتطلع نحوهما بخوف وعلي يبحث عن صاحب الصرخة
فقال مكررا وبصراخ جعل الفتيات يرتجفن وهن ينظرن اليهما :- ما الذي يحصل هنا ؟؟؟؟ واين حمادة ؟؟؟؟
تفرق الجدار الحاجز المكون من فرح ونور وسارة ليظهر الصغير مكمم الافواه وهو يتمتم بكلمات غير مفهومه وعيناه الزرقاوان ممتلئتان بالدموع ركضت منال نحوه وجلست على الارض لتنزع المنديل من فمه وهي تصرخ :- يا الهي ما الذي حدث لك صغيري ؟؟؟
انطلق الصغير بالبكاء بصوت عال وهو يشكو من اخواته وبصوت عال بينما كان علي يراقب ما يحدث باستمتاع خفي ليقول اخيرا :- هل سيخبرني احد بسبب هذا الاعتداء السافر على اخيكن الصغير ؟؟؟
تطلعت سارة نحوه بحنق وتحركت من مكانها وهي تقول :- انا لا دخل لي بما يحصل هنا ساذهب لاحضر نفسي لانني لا اريد التأخر ليوبخني ذلك العجوز
:- توقفي
تسمرت سارة مكانها على اثر صرخته الهادرة
ليكمل علي :- اقتربي هنا
اقتربت وهي تتبرم وتهمس بكلام غاضب يسمع بعضه والاخر تبتلعه وحالما اقتربت سحب علي خصلة من شعرها وقال :- اولا كم مرة نبهتك ان لا تنادي اسامة بالعجوز انه صديقي وهو مديرك واكبر سنا منك ؟؟؟
لم تجب بشيء سوى تلك النظرة الغاضبة التي يحبها والتي تجعله مستمتعا لاقصى الحدود لتقول بصوت امر مترجي :- هلا تركت شعري من فضلك ؟؟
فقال علي وهو يجر تلك الخصلة برفق ليؤلمها قليلا :- ليس قبل ان اكمل كلامي ما الذي حصل هنا ومن صاحبة هذا الفعل الاحمق ؟؟؟ هيا تكلمي ايتها الكبيرة ايتها العاقلة ... قالها بتهكم واستهزاء وصلها واضحا
نظرت نحو فرح التي تكاد ترتجف من الخوف ونور التي تشاركها الارتجاف والنظرة المترجية لتقول :- انا من فعلت هذا لانه كان يزعجني بكثرة صراخه
نظر علي اليها بنظرة غاضبة ومنال بنظرة لائمة ولكن ذلك الصغير طويل اللسان انطلق صارخا :- كاذبة ليست هي بابا انها انها فررررررح
فقال علي وهو ينظر اليها مؤنبا :- وكاذبة ايضا ابتعدي قليلا عن طريقي
وازاحها فعلا ليقترب من الصغير ذو الاربعة اعوام والذي التمعت عيناه بخبث لذيذ ليقول علي :- لم اضيع نفسي بكل الكاذبين هنا ساذهب للصادق الوحيد في هذه العائلة رفعه ليحمله وقال :- اخبرني حبيبي اخبرني بالذي حصل
فقال وهو ينظر لفرح بنظرة انتصار :- بابا لقد سمعت نور تؤنب فرح لانها قد اخذت درجة متدنية في الامتحان وقد كنت قادما لاخبارك ولكن سارة قامت بامساكي قبل ان اصل اليك واعادتني الى هنا وبعدها بعدها
رفع اصبعه الصغير اللذيذ لفمه وهو يحاول التذكر ليقول بانتصار :- اااه تذكرت بعدها اخبرتني نور بانه لا يصح ان اخبرك وانا قلت لها بان بابا يجب ان يعرف وعندها قامت فرح بضربي وعندما صرخت وضعت المنديل على فمي لتسكتني
شهقت منال وهي تقترب من فرح مؤنبة وتقول :- هل جننتي يا فتاة كيف تفعلين هذا باخيك الصغير كيف والادهى انك تخفين امر درجاتك المتدنية
ترقرت عيناها الجميلتين بالدموع فتألم قلب علي الذي لا يحتمل رؤيتها تتألم حتى ولو للحظات فوجهها لا تليق به سوى ضحكتها الشقية الجميلة فاقترب منها مزيحا منال من طريقه وقال لها امرا :- ارفعي وجهك يا صغيرة وانظري الي
رفعت وجهها الصغير المتألم اليه لترى ابتسامته المتسامحة وتلك الغمزة السرية المتفقة بينهما فتألقت عيناها بفرح طفولي ليقول بصوت حازم يخدع به منال وكل من في الغرفة :- كيف تفعلين ذلك باخيك ماذا ان اصابه مكروه الم تفكري بذلك ؟؟؟
فاقتربت نور مدافعة عن اختها :- لا بابا لم تكن لتؤذيه ابدا ثم انني منعتها من ان تربطه على فمه هي فقط حاولت منعه من الصراخ
فاقترب من صغيرته الاخرى التي اخذت عقلها وعقل اختها وقال :- وانت انت كيف قبلت بان يحصل كل هذا ؟؟ الا تعلمين بانني اعتمد عليك ؟؟؟
فقالت وهي تخفض رأسها خجلا منه :- بابا لقد انبتها اقسم لك وهي وعدتني انها ستكون المرة الاخيرة وانها ستجتهد ولكنه كان يتنصت علينا كعادته واراد ان يفسد على فرح
فقال منهيا النزاع العائلي الذي اعتاد على مثله كثيرا في الاونة الاخيرة في ذاك التحزب والتعصب ضد صغيره مدلل امه :- اذا اين هي ورقة النتائج اصل المشكلة لم يلاحظ سارة التي تراجعت للخلف حتى وصلت للباب لتومأ لمنال مودعة بصمت بينما استقبلت منال وداعها الصامت باخر مثله وابتسامة ترتسم على شفتيها اذ ان تلك الفتاة تكاد تكون مقالبها اكثر من مقالب فرح الصغيرة
ركضت مغادرة فلم تسمع صرخة علي خلفها باسمها وهو يرى بانها قد زورت توقيعه في المكان المخصص لتوقيع اولياء الامور على ورقة النتائج الخاصة بفرح !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
رنين الهاتف اخرج علي من غضبه المصطنع بعد ان عنف الجميع وارضى الجميع بجلسة مصالحة واعتذارات دبرتها منال كالعادة ليرد مبتسما وهو يقول :- اين انت ؟؟؟ عليك ان تأتي لترى ما الذي يفعلونه بسميك انه يعاني من الاضطهاد والتعذيب والاقصاء وكل الافعال التي تجعله يصبح كارها لكل اناث الدنيا
تناهت له ضحكة احمد العالية وهو يقول :- اخبرني اخبرني اراهن بانها فرح فالاخرى لن تفعل ما يسيء حتى ولو تحت تهديد السلاح
بادله علي الضحك وهو يقول :- نعم انت محق انها تقلقني حقا لم ترها كيف تؤنبني لانني كذبت ذات مرة امامها كذبة بيضاء طبعا لاتقي شر منال لتقف امامي بكل صرامة وملامحها تشي بمقدار غضبها وهي تقول :- بابا هل تخاف من ماما اكثر من خوفك من الله ؟؟؟
سمع قهقات احمد العالية التي منعته حتى من التنفس وهو يقول :- يا الهي لا اعلم كيف احتملتها فرح طيلة فترة الحمل الى جانبها بذاك المكان المغلق
فقال علي :- دعنا منهن لقد شاب رأس عمك بسببهن واخبرني ما الاخبار ؟؟؟
نظر احمد حوله في المطعم الاخير الذي قام بافتتاحه ضمن سلسلة المطاعم التي انشأها في انحاء اوربا امتدادا لتلك التي انشأها عمه وقال :- حسنا يؤسفني ان اخبرك بانني ساكتسحك هذا العام في نسبة الارباح وعندها ستحقق وعدك وتأتي انت والفتيات وحمادة الى هنا كما وعدت فانا اشتقت اليكم كثيرا
فقال علي :- ولم لا تأتي انت لزيارتنا فالامر اسهل تعلم بسبب المدارس وارتباطاتنا لا نستطيع المغادرة اما انت ............
لم يكن احمد يستمع لبقية الكلام لانه غادر بعقله اليها هي هي من اوقف حياته لثلاث سنوات كاملة يبحث عنها لم يدع مكانا في لندن ولا في الضواحي المجاورة لها الا وبحث عنها فيه ولكن كأن الارض انشقت وبلعتها هي ورائد راقب مكان عملها السابق حاول ان يرشي بعض الموظفين لاخباره بمكانهما او باي شيء يخص رائد او مكان عمله السابق او حتى المدينة التي يسكن فيها ولكن باءت كل محاولاته بالفشل كأن هناك اتفاق بين الجميع على اخفاء امرهما عنه ولكنه رغم كل هذا لم يفقد الامل لقد ظل يبحث ويسأل واثناء ذلك انتبه لنفسه بانه في سبيل البحث عنها ومعرفة ما حصل فانه قد جمد حياته اوقفها بانتظارها تخيل نظرة شامتة مستحقرة عندما تراه لذا وبدافع منها هي لكي يرى نظرة الحسرة والندم تملأن وجهها افاق ليبدأ من النقطة الاولى اكمل دراسته وبدأ في ممارسة نشاط عائلته افتتح مطعما صغيرا بطابع كلاسيكي يجمع بين الاصالة العربية والحداثة بمزيج مبهر نال اقبال واستحسان العديد من العرب المقيمين في لندن ليتوسع الامر ويصبح بعدها مطعما معروفا للغاية ليتبعها بعدة مطاعم تحمل ذات الطابع يستمتع باعداد التصاميم بنفسه مستغلا مجال دراسته وذوقه الفريد والنزق لتصبح سلسلة المطاعم خاصته منافسا قويا لكل المطاعم المعروفة في اوربا
اخرجه من استغراقه بافكاره وغوصه في ذكريات السنين الماضية ذاك الصوت الشقي الذي يحب :- حمادة هل علمت بان فرح قد اخذت علامة متدنية في الرضايرات وصلته القهقهة الشقية لابنة عمه المشاكسة تلك التي تبعث الفرح والانتعاش بقلبه رغم كل الذي حصل وهي تأخذ الهاتف قسرا من الصغير المعترض وتقول :- انه حتى لا يعرف كيف يلفظها بلسانه الطويل ذاك
ضحكات عالية وفرح يغمره كلما حدث عائلة عمه المحبة الجميلة تلك ليقول :- اذا اخبريني يا ام المصائب ؟؟؟
فقالت فرح بتبرم :- انه ذاك الصغير المزعج المدلل
فقال احمد :- يا الهي فرح توقفي انه اخيك الصغير
فقالت :- نعم نعم صغير بلسان طوله مترين وخبث بعمر الستين
قهقه احمد عاليا وهو يقول :- من اين تأتين بهذا الكلام ؟؟
فرح :- سارة تقول هكذا عنه
احمد اممممم سارة وماذا تقول ايضا ؟؟؟
فرح :- حسنا انها تقول عنك بانك الطفل المدلل الكبير ها ....انها لا تستلطفك ابدا على فكرة
فقال احمد :- الشعور متبادل والله اكملي اكملي
انتزعت سماعة الهاتف مرة اخرى بمعركة لتتناولها نور تلك النسمة الرقيقة ذات العقل الكبير والصوت الهادئ وهي تقول :- كيف حالك عمو ؟؟؟
ضحك بخفة من مناداتها له بعمو رغم اعتراضه الشديد تلك الفتاة يشعرها دخيلة على عائلته فقال :- كيف حالها حبيبة عمو ؟؟
فاجابته بالقول :- اننا مشتاقون اليك كثيرا عمو لقد مر شهران منذ اخر مرة رأيناك فيها وقد كانت مجرد ساعات لم لا تأتي الينا ؟؟؟
فقال احمد بامل وهو يسرح بعيدا :- قريبا صغيرتي قريبا جدا ان شاء الله .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..............
دخلت مكتبها متخفية وهي تخفي شعرها الذي لطالما فضحها بداخل قبعة صغيرة تعود للمزعج حمادة كم تحبه ذلك الطفل البغيض رأت زميلاتها يجلسن في مكانهن المعتاد فاخفضت رأسها وجلست هي الاخرى بمكانها لتتنهد براحة وتقول :- الحمد لله ان العجوز البغيض لم يراني اليوم ضحكت زميلتها مروة بخفة وهي تقول :- توقفي بالله عليك سارة الا تملين تلك المشاحنات والتمرد الذي لن يعود عليك الا بالمزيد من العقوبات والانذارات والتي قد تتسبب بطردك
اجابتها سارة متبرمة وهي تخلع القبعة الصغيرة لينطلق شعرها الكثيف بفوضويته المحببة التي تليق بها يكاد يصل للارض بطوله وهي جالسة لتلملمه حانقة متذمرة من طوله الذي لا يطاوعها قلبها على قصه بسبب وعدها لوالدتها وتقول :- لن امل اما انا او هو لا اطيقه لا اطيق تحكمه وتأمره على الجميع من يظن نفسه بذاك الانف المرفوع والخيلاء التي لا تليق به ابدا
فاجابتها مروة قائلة :- انه صديق السيد علي الحميم وذراعه الايمن الا تفهمين معنى هذا أي انه قادر على ان يخرجك من هنا بهذه البساطة وفرقعت باصابعها لتريها السهولة
ابتسمت سارة كالعادة كلما تكلم احدهم عن المالك العظيم السيد علي فلا احد هنا يعلم بصلتها بتلك العائلة الملكية وكان هذا شرطها الوحيد للقبول بالعمل طبعا ما عداه هو ذاك البغيض انتبهت لصوت مروة المتنهدة وهي تقول :- ثم انه ليس بهذا السوء الذي تصفينه به اطلاقا لا بل انه ليس سيئا ابدا انه وسيم غاية في الوسامة والهيبة وتلك الصرامة لا تزيده الا جاذبية بينما ذاك الشعيرات الفضية القليلة تجعله تجعله
مطت سارة شفتيها وهي تقول متبرمة :- ساطالب بنقلي من هذا القسم على الفور لا اطيق المدير والشيء الوحيد الذي يصبرني على احتماله الا وهي صديقتي تتغزل به يا للحظ ياللحظ
اتسعت ابتسامة مروة وهي تقول :- انه واقع لست وحدي من اقول هذا اتعرفين نجاة من قسم الحسابات لقد علمت من بعض الفتيات هناك بانها ترسم عليه بكل جدية حتى انها تعرفت على والدته وشقيقاته تعرض نفسها لهن وحتى شيرين سكرتيرته انها متيمة به منذ الازل وانت انت هي الوحيدة التي تقول عنه هذا الكلام
لم تكد تكمل كلامها لتنطلق تلك العاصفة الصغيرة المتمثلة بذاك الطفل الشقي الذي اقتحم عليهما الغرفة ليختبئ تحت مكتب سارة وهو يتمسك بقدمها بطفولية بينما الشقاوة واللوع مرتسمان على وجهه بوضوح فقالت سارة :- خير اللهم اجعله خير ما الذي تفعله هناك ايها الشقي اخرج حالا
فقال برفض واضح :- ابدا لن اخرج ابدا سيجدني ابي وعندها عندها .... لم يكد يكمل كلامه ليندفع من كانت تتكلم عنه قبل لحظات الى الغرفة بغير استئذان للمرة الاولى وامارات الغضب والقلق واضحة على وجهه فقال محدثا مروة :- هل رأيت طفلا صغيرا مروة ؟؟؟
شعرت مروة بالم حاد بمرفقها مصدره قرصة سارة الخفية لتر تحذيرها واشارتها لها بالنفي فلم ترد بشيء بينما تطوعت سارة بالرد وهي تقول :- طفل صغير وما الذي سيجلب طفل صغير الى هنا ؟؟؟
استدار اسامة بكليته اليها لم يستطع تجاهل النظر اليها اكثر يا الهي هل يزداد جمالها وبهاؤها كل يوم الن تكف عن ايلام قلبه كلما رآها وتلك الابتسامة انه يعرفها حق المعرفة نظر للاسفل ليرى حذاء الصغير ظاهرا من تحت المكتب لم يظهر بانه قد رآه واكمل تطلعه بها بذاك الجينز المهترئ الذي لا تفارقه ابدا والقميص الفضفاض الابيض الذي تمتلك منه كل الالوان وحذاءها الرياضي الذي لا تفارقه ابدا ايضا ليقول اخيرا :- حسنا سابحث عنه في مكان اخر وخرج من الغرفة بابتسامة اتسعت اكثر واكثر وهو يفكر بما ستفعله طفلته الشقية التي لا تقل عن شقاوة يوسف
بينما هي قفزت بسعادة حالما غادر وتفكر بانها ستنتقم منه وهي تنظر لاسفل الطاولة وتقول :- اخرج اخرج واخبرني ماذا اراد منك ذاك العجوز
عبس الطفل ليصبح اكثر جمالا وقال :- لا تقولي هذا عن ابي انت وقحة
اطلقت سارة صرخة استنكار وهي تقول بل انت الوقح ان كان والدك لم تختبئ منه هنا ؟؟؟ ها اخبرني
فاجابها وهو يقول :- لانه لن يسمح لي باللعب باي شيء لن يسمح لي بفعل أي شيء هنا وانا اشعر بالملل
رق قلبها على هذا الصغير الذي يذكرها بحمادة حبيب قلبها فقالت :- امممممم لنرى ما الذي يمكننا فعله بالنسبة للملل حملته لتخرجه من مخبأه وهي تقول :- يا الهي انت ثقيل
قهقه الطفل بسعادة وهو يقول :- بل انت هزيلة
نظرت نحوه بغضب مصطنع وقالت :- حسنا ان كنت ترغب بالبقاء قطعة واحدة فعليك التوقف عن وقاحتك هذه
اتسعت عينا الصغير برعب لتضحك سارة باستمتاع وتقول :- حسنا كنت امزح والان اخبرني ما الذي تريد فعله ويمنعك منه ذاك الع... اعني والدك
فقال :- حسنا انه لا يدعني العب بالته الحاسبة
فقالت :- انه امر بسيط تفضل انها التي ولكن احذر ان اصابها أي عطل بسببك فعندها لا اعلم ما الذي سافعله بك قد اطعمك لقطتي او ...
رأت امارات التصديق على وجهه لتقول :- الافضل لك ان تعتني بها
فاومأ الطفل بصمت وحمل الحاسبة الصغيرة واخذ يلعب بها بكل حرص وهو ينظر نحوها بتوجس اضحكها ليرق قلبها اكثر واكثر من اجل هذا الصغير
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ...........................................
يحمل حقيبة صغيرة وينزل من الطائرة يتطلع الى كل من حوله وامارات الفرح تبدو جلية على وجوههم وهم يرون من ينتظرهم هناك الا هو يعلم بان لا احد ينتظره ولكن لم يعد الامر يؤلمه وكأن تلك السنوات التي قضاها في ذاك المجتمع الجلف القاسي الذي لا يعير العلاقات الاجتماعية ادنى اهتمام جعلته يشعر بانه ليس الوحيد الوحيد في هذا العالم ولكن هناك الكثير من امثاله والذين يتعايشون مع تلك الوحدة ببساطة ارتدى نظارته الشمسية وحمل باقي الحقائب ليأخذ سيارة اجرة الى بيته تطلع حوله وهو يلاحظ التغييرات التي طرأت على البلد اثناء غيابه ولكن فكرة واحدة تسيطر على عقله ترى كيف اصبحت طيلة تلك السنوات ؟؟؟
هل تغيرت ؟؟؟ هل تزوجت ؟؟؟ تجهم وجهه عند هذه الفكرة وتغيرت ملامحه ولكن هنالك شيء خفي شيء دغدغ مشاعره وهو يطمئنه بقوة بانها لم تتزوج لن يتمادى بظنه لدرجة الاعتقاد بانها لم تتزوج لاجله ولكن ........................
حسنا سيتاكد وعندها عندها لن يسمح لها برفضه مرة اخرى
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .............................
طرقات على الباب جعلته يرفع رأسه من عمله الذي كان مستغرقا فيه لتدخل مدللته الصغيرة حبيبة قلبه وهي تحمل صينية العشاء لتقدمه لها بتلك العادة الجديدة التي اعتادتها وفرحت بها للغاية بعد ان سمحت لها والدتها بذلك تمشي ببطء وتؤده لكي لا تسكب شيئا نهض من مكانه ليساعدها ويحمل عنها الصينية الثقيلة نسبيا وقال :- حبيبتي لم تصرين على فعل ذلك قد تؤذين نفسك
فقالت وهي تنظر اليه بابتسامتها الجميلة :- لا ابي ارجوك بالكاد استطعت اقناع امي انها لا تسمح لي بفعل أي شيء بحجة انها تخاف علي
فقال سمير والغصة نفسه تراوده كلما ذكرت والدتها :- وكيف هي والدتك ؟؟؟
فاجابته رفل :- لقد اصبحت بخير لا تقلق عليها ابي
فقال سمير وهو يعقد حاجبيه بغضب :- ما الذي تعنينه بانها اصبحت بخير ؟؟؟ ما الذي اصابها ؟؟؟
فقالت رفل وقد شعرت بالسوء لزلة لسانها تلك :- لقد كانت امي محمومة قليلا ولكنها اصبحت افضل
تحرك سمير من مكانه بغضب واقتحم غرفتها تلك التي اصبحت لا لا تغادرها ابدا عندما يكون موجودا في البيت فرآها واااااااااااه من مرآها لانها لم تتوقع دخوله هكذا فلم ترتدي جلالها المغيض ذاك ولا حجابها فتطلع اليها بجوع جوع عمره سنوات وسنوات وهو يراها بذاك الثوب الليلكي الذي يظهر ذراعيها المرمريتين وعنقها وجزء من صدرها جعل قلبه يتلوى الما وقهرا منها ومن نفسه ومن الدنيا كلها بينما كان شعرها الذي اشتاقه قصة اخرى كم استطال وهو يفترش الوسادة ويتخطاها للفراش
تئن بالم ووجع رأسها لا يفارقها منذ ايام يا الهي ها هي رفل قادمة فقالت بوهن دون ان ترفع رأسها او تفتح عينيها حتى وهي تشعر بان أي فعل بالنسبة لها الان هو فعل خارق لا تقوى عليه :- ماذا هناك رفل ؟؟
لم تجبها بشيء بينما هي تشعر بوجود شخص ما في الغرفة رفعت رأسها بوهن وفتحت عينيها لتراه امامها هو سبب عذابها وشقائها لم تصدق للوهلة الاولى وجوده هنا ولكنها حين تأكدت شهقت واحمرت بشدة وهي تبحث عن الغطاء لتغطي جسدها وتنادي على رفل لتجلب لها حجابها الا ان ما لم تتوقعه هو اقترابه منها بتلك الطريقة الخطرة وهو يزيح الغطاء بفظاظة ويقترب من اذنها ليهمس لها بحرارة :- توقفي عن غباءك هذا فانا ان كنت نسيت لا زلت زوجك
شعرت بوجهها يكاد يحترق وهو بالقرب منها كما لم يكن منذ قرون حاولت التحرك من مكانها لتفاجئ به وهو يمسكها من ذراعها ليعيدها للفراش بالقرب منه وهو يقول :- يا الهي سلمى انت تحترقين بالحمى
فقال وهي تجاهد للحفاظ على وعيها :- انه لا شيء
فقال :- توقفي توقفي عن عناد البغال هذا
نظرت اليه بشراسة الهبت قلبه ووجها المحمر من اثر الحمى بالقرب منه بينما عيناها المشتعلتان تنظران اليه تخبرانه بعذابها والمها الكبيرين لتقول اخيرا :- كلانا يعرف من هو صاحب عناد البغال والان هلا ابتعدت عني لانني اريد ان انام
فقال سمير :- ليس قبل ان تغتسلي وتتناولي بعض الطعام لان رفل اخبرتني بانك لم تاكلي شيئا منذ الصباح
حاولت النهوض لتهرب منه للحمام القريب ولكنها حالما تحركت من مكانها حتى ترنحت بقوة لتقع على صدره الذي كان اكثر من مستعد لاستقبالها وهو يقف خلفها على بعد خطوة صرخت حالما شعرت بنفسها ترتفع لتصبح بين ذراعيه فقال وهو ينظر اليها بتحذير :- توقفي والا اجبرتك على التوقف
حملها مستسلمة للحمام القريب ركل الباب بقدمه ليدخلها انزلها على الارض برفق ليقول :- هل يمكنك الاكمال من هنا ام انك تحتاجين للمساعدة ؟؟
نظرت له شزرا لتقول :- لا شكرا لك يكفي ما فعلته شكر خرج من الحمام لتتنهد سلمى بهم وتجلس على الارضية الباردة وتبدأ طقسها اليومي بالبكاء ولعن غباءها وحظها والظروف التي جعلتها تضيع حب حياته من بين يديها نعم هو هو وحده من امتلك قلبها بداية بحبه وبعدها بكرهه واحتقاره احبته حنونا محبا واحبته صارما ثائرا لتحبه بعدها والدا حنونا ولكنها ايقنت ايضا بان حياتها معه لن تنجح بغير هذه الطريقة فالامر هكذا اسلم والامر هكذا اكثر امانا من المواجهات العنيفة بينهما التي غالبا ما تنتهي بكسر شيء فيها وفيه بحيث اصبح كلاهما مشوها بفعل الاخر تحركت بخطى متثاقلة لتدخل تحت الماء الدافئ بثوبها دون ان تكلف نفسها عناء خلعه فتعبها والمها كان فوق الاحتمال
بينما ذاك الذي كان جالسا ينتظرها بلهفة بذات اللهفة التي تشعلها فيه هي وحدها كم حاول الله يشهد انه حاول حاول كرهها حاول نسيانها حاول اخراجها من قلبه الا انه لم يفلح حاول ان يقنع نفسه بغيرها من النساء المتواجدات حوله بكثرة ولكن ولا واحدة تشبهها ولا واحدة تفعل فيه تلك الافاعيل التي تفعلها هي والان وهو يراها هكذا امامه بهذا الضعف بهذا الجمال بهذا الحزن يتساءل بداخله عما ينتظره حقا ؟؟؟ ان كان يريد عقابها فعي نالته مضاعفا ان كان يريد اذلالها فقد حصل ان كان يريدها ان تتغير فها هي امامه تلك السلمى التي عشقها منذ ان عرف معنى العشق يبحث عن ذاك الغضب المشتعل الذي كان يحرقه فلا يجد منه شيئا سوى ذكرى ذكرى تبدو له في هذه اللحظة بعيدة بعيدة للغاية سمع صوت الباب الذي فتح ليراها وهي ترتدي روب الحمام خاصتها وشعرها يقطر ماءا في لوحة لوحة لم ير مثلها ابدا لوحته هو ملكه هو اقترب منها وحملها لتستسلم له هذه المرة وهي تتشبث بقميصه تنعم بدفئه الخاص الذي اشتاقته بقدر الدنيا وضعها على الفراش وقال :- لها جففي شعرك ريثما اجلب لك ما تأكلينه
فقالت بتعب بصوت بالكاد خرج منها وهي تندس تحت الغطاء السميك :- اريد النوم ارجوك لا اريد أي شيء اخر
فقال لها :- حسنا حبيبتي نامي الان
لم تسمع تلك الهمسة وهي تغرق في نومها العميق ولم تر وجهه المرتاح وكأن تلك الكلمة هي ما كان يجثم فوق صدره احكم الغطاء حولها واطفا الاضواء وهو يعد نفسه بالنوم هانئا هذه الليلة فالرؤية للمرة الاولى تتجلى امامه بهذا الوضوح
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ............................
شعرت بمن يندس ليحتضنها من الخلف لتفتح عينيها على عينيه الجميلتين وهي تراه مبتسما باشراق وهو يقول :- صباح الخير
فاجابته وهي تدغدغه لتسمع ضحكاته التي تحب :- احلى صباح احلى صباح
ليصرخ هو من بين ضحكاته :- توقفي توقففففي امي
فاجابته رفل وهي تضحك على وقع ضحكاته التي تجعل قلبها يرفرف من السعادة :- لن اتوقف انت البادئ
توقفت بعد لحظات وهي تراه بالكاد يستطيع التنفس لتقول :- ما الامر اخبرني ما الذي ايقظك بهذه الساعة المبكرة
فقال امير وهو يتطلع نحوها بتركيز :- امي اردت سؤالك عن بعض الاشياء
شعرت رفل بالتوجس حاولت الهاءه ولكنه لم يستسلم ليقول :- امي الم تعرفي اين هو ابي ؟؟؟ لقد اخبرتني ان اصبر اخبرتني انه يحبني وبانه يشتاق لرؤياي كما اشتاق انا اخبرتني بانه يعمل ولكنني الان لا اعلم ان كان يحبني حقا
رأت دموعه توشك على السقوط فشعرت بالم حارق الم احرق قلبها لتسحبه لاحضانها وتقول :- حبيبي انه يحبك بل يعشقك حسنا ساخبرك بامر لم اخبرك به سابقا ابعدته عنها قليلا لتكمل قائلة :- عندما علم بانني احملك هنا واشارت لبطنها كاد ان يطير فرحا حتى انني رأيت دموعا في عينيه تشبه هذه التي تتلالا هنا اقترب مني ليهمس لك بكلام كثير كلام يخبرك به كم يحبك يطلب منك ان تدعمه ان تكون في صفه ضدي
رأت ابتسامته المتألمة ترتسم على شقتيه لتكمل قائلة :- اياك ان تشك ولو للحظة بحب والدك لك ولكنها الظروف اقدار حكمت علينا وكما اخبرتك سابقا بان الله يعمل ما فيه صالح لنا ونحن يجب ان نؤمن بقضاءه وان نحمده ونشكره على كل ما يحصل اليس كذلك ؟؟؟ فاومأ برأسه لتقول :- والان ما رايك ان نعد فطورا ندعو اليه الجميع عمك رائد والخالة رانيا وكل من ترغب بدعوته ؟؟
انشرح وجهه الصغير وهو ينطلق قائلا :- نعم نعم امي ساذهب لانادي الجميع
تحركت بخطى ثقيلة وهي تشعر بالالم يكوي قلبها سرحت فيه هو واخذت تفكر للحظات بكلام صغيرها المؤلم كيف هو الان ؟؟ هل لا يزال يفكر بها ؟؟؟ هل لا يزال يفكر بالانتقام منها ؟؟؟ ما الذي يظنه بها الان بعد مضي كل هذا الوقت ؟؟؟
تركت هذه الافكار وتحركت للمطبخ لتحضر لحفلة الافطار التي افرحت قلب صغيرها
............................................
على السطح
تجمع الجميع الخالة فاطمة والدها رائد ورانيا والعم سالم جارهم اللطيف بينما امير كان يركض فرحا من كرسي لاخر ليتربع اخيرا بحضن امير الذي احتضنه بحب فقالت وهي تنظر لرانيات غمزها بعينيها لتشجعها تلك باشارة سرية :- ايم رنا امير حبيبي الم تذهب اليها لتخبرها ؟؟
فقال امير وهو ينظر بالوجوه الناظرة اليه :- لا امي لقد ذهبت اليها ولكنها سألتني ان كان رائد سيحضر وعندما اجبتها بنعم قالت بانه لن تحضر
نظرت رفل لرائد نظرة ذات مغزى لتقول :- يبدو انعمك رائد قد ازعج الخالة رنا الا تظن ذلك صغيري ؟؟؟
فقال امير وهو ينظر اليها :- نعم امي وانا اعتقد ذلك ايضا لم لا تصالحها عمي ؟؟؟
انطلق الجميع بالكلام وهم يلقون باللوم على رائد لانه ازعجها كعادته وخاصة العم سالم والدها الذي قال له :- بني انت تعرف مكنتك لديها وهي منذ ايام لا تبدو بحالتها الطبيعية اذهب اليها واحضرها الة هنا مع خالتك مريم
شعر رائد بالخجل واعترف لنفسه بانه اخطأ معها وبانه مشتاق لوجودها الدائم حوله تحرك من مكانه لتعترض رفل طريقه فورا هي ورانيا وهما يتساعدان في عمل باقة من الورود ليصالحها بها من الحديقة الموجودة على السطح ناولتها اياه رانيا وهي تقول :- هكذا افضل ربما قبلت بمصالحتك والان اذهب
فقال رائد :- لا داعي لهذه الافعال الصبيانية توقفا
فقالت رفل :- ليست صبيانية ابدا ثم لم ستصالحك وانت بهذا البوز الطويل ستشفع لك هذه الوردات عيا اذهب وعد بسرعة لاننا بانتظارك
...........................................
:- صرخت بذلك الطارق المزعج على الباب :- نعم نععععععععم قادمون
فتحت الباب لتتسمر فورا بمكانها وهي تراه امامها منتعشا مبتسما ووسيما بشكل يفوق الخيال وهو متكأ على حافة الباب ينظر اليها بطريق وترتها لتقول وهي تجلي حلقها :- نعم ؟؟؟
فقال وهو يدعي الغضب :- الناس تقول صباح الخير
فاجابت :- صباح الخير
ليقول هو وابتسامته المتسعة تشمل وجهه كله :- صباح الانواااااار
فقالت رنا :- حسنا وماذا بعد ؟؟؟
فقال رائد باستمتاع من هذه المحاورة :- امير يعتقد بانك منزعجة مني
لم ترد ليخرج من خلف ظهره تلك الورود ويقدمها لها بطريقة مسرحية ويقول :- هلا قبلتي على مرافقتي للفطور الجماعي ليتسنى لي ان احظى بوجبة للبشر بدلا من طعام رانيا الذي تعرفينه
ابتسمت دون ان تستطيع السيطرة على نفسها وهي التي وعدت ان لا تكلمه مرة اخرى بعد ما فعله ولكن كيف وهو يبدو بهذه الوسامة وهو يحمل لها باقة ورود بيده كيف كيف تستطيع ان تبقى غاضبة منه بعد كل هذا سبقته للسطح وهي تخطف الباقة من يده وتركض امامه ليتوقف رائد مكانه ويخرج هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين عقد حاجبيه وهو يرى اسم عماد ضغط على زر الاجابة وهو يستمع لما يريده ليتجهم وجهه وتتغير ملامح كلها وهو ينطلق للسطح ليخبر رفل بالخبر
سمعت صوت والدها وهو يناديها لتأتي وتأكل اسرعت وهي تحمل اخر الاطباق لتضعها امامهم رات رائد القادم من بعيد وعقدت حاجبيها وهي ترى ملامحه المتشنجة وتلك العقدة التي لا تراها الا في المصائب اقتربت منه وهي تستشعر قلقه وتوتره لتقول :- ماذا هناك رائد ؟؟؟
فقال رائد :- رفل علينا التحدث نادي على والدك لياتي معنا
شعرت رفل بقلبها يسقط بين قدميها وهي تسمع كلامه ركضت لوالدها وهي تهمس له بينما اجلست امير بالقرب من رانيا وهي تهمس لها بان تمنعه من النزول خلفهم وتحركت فورا لتستمع للخبر الذي غير ملامح رائد هكذا
:- تعرفين عماد انه المالك لسلسلة الشركات التي نعمل بها لقد استقر منذ وقت طويل هو وزوجته واولاده في المانيا ولكنه وبعد وفاة زوجته شرع بافتتاح فروع للشركات في بعض الدول
فقالت رفل :- رائد هلا دخلت بالموضوع ان قلبي يكاد يقف
فقال رائد :- لقد افتتح فرعا للشركة في لندن وهو يطالب بان تنتقلي الى هناك لانه ينتوي ان يجعل ذلك الفرع مركزا للفروع الخارجية
فقالت رفل :- ما معنى يطالب بي ؟؟
رائد :- لقد علم بانك اخذت شهادة الدكتوراه منذ وقت قريب وعندماسأل في المؤسسة تم الاجماع على انك افضل مصممة ولذا فهو مصر على ان تكوني انت مستشارة لديه هناك في فرع لندن صمت
فقالت رفل دون ان ترفع رأسها :- ساذهب
فصرخ بها رائد :- هل جننت ؟؟ رفل انه يبحث عنك هناك يسأل الجميع يدفع الرشى هل تريدينه ان يجدك ؟؟ هل تريدينه ان يدمر استقرارك
فقالت رفل :- ساذهب رائد انه مستقبلي وقد وعدت نفسي سابقا بانني لن ادعه يقف في طريقي ولانني لم اعد اخافه ماذا سيحصل ان وجدني ها لا شيء لا شيء سيتغير نظرت امامها وهي تسترجع كلام صغيرها المتألم وتفكر بانه ربما الوقت قد حان ليرى والده الذي يحلم برؤيته
.................................................. .................................................. .................................................. ...............................................

يتبع...

لأجل حبك(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن