نظر في الارجاء فوجد نفسه غارقا في وسط المحيط, وسط الماء, حيث لا يوجد هواء, حاول سحب انفاسه بقوة الا انه فشل, حرك يديه محاولا بلوغ السطح حتى يستنشق الحياة, لكنه لم يستطع الوصول, وفجأة فتح اوميروس عينيه ليجد نفسه على فراشه وقد اوشكت الشمس على الشروق.
نهض واتجه نحو الخارج ليتوقف في الحديقة الخلفية للمدرسة العسكرية, بالقرب من نزل الجنود الذين لم يتبقى لهم الا القليل من اجل التخرج من المدرسة, نظر الى السماء الصافية وخيوط الليل توشك على الرحيل, احس ان مكروها حل بصديقه اريليوس الذي لا يعلم ماذا حل به.
تحدث سائلا الرب ان يحمي صديقه وان يكون عونا له في المصاعب, ثم اخذ يفكر في ساعة لقائهم وكيف سيكون اريليوس عندما يراه, هل تغير كثيرا ام بقي ذلك الفتى الطيب القلب.
وفي تلك القرية البعيدة, التي سكنتها وولفينا, كانت الشمس قد اشرقت عليها قبل نصف ساعة فهي تقع في الشمال بعيدا عن العاصمة روما.
اتجهت وولفينا مع والدتها وبعض النساء الى عملهم في كوخ الاسماك القريب من النهر, وبينما مشت وهي تنظر الى العصافير بصمتها المعتاد, سمعت صوت عربة تقترب من خلفها, لم تنظر الى صاحبها فقد ايقنت انه ايرلندر, مر بجانبها بعد ان اسرع قليلا حتى يصلها, ومضى بخطوات كخطوات وولفينا وهو يجر عربته.
تحدث ملقيا التحية, نظرت اليه وابتسمت وهزت برأسها, كانت بمثابة الرد على تحيته, تحدث اليها متسائلا: "صباح جميل اليس كذلك".
نظرت في عينيه وهمهمت بصوتها دون التحدث بكلام واضح.
تحدث وهو يخرج تفاحة من جيبه: "لقد حصلت عليها صباح اليوم من احد بائعات الفاكهة, ارجوك اقبليها مني".
لم تستطع ان ترفض تلك التفاحة الحمراء الجميلة, ولاسيما انه اول شخص يقدم لها شيئا غريبا, اخذتها من يده دون شكره حتى, لكنها شكرته على طريقتها بأبتسامة جميلة.
ايرلندر: "حسنا اذن, اتمنى لك يوم جميلا, الى اللقاء وولفينا", جر عربته بسرعة ولوح بيده وسبقها ذاهبا الى اعالمه المعتادة كل صباح.
لوحت بيدها قليلا مودعة اياه وهي تنظر اليه وهو يبتعد, نظرت الى التفاحة ثم خبئتها في جعبتها حتى تتناولها وقت الظهيرة, واسرعت قليلا لتلحق بالنساء اللواتي كن يتحدثن ويمزحن وهن يمضين نحو اعمالهن.
ايمكن للحياة, ان تكون بعد اليوم اجمل لاجل الفتاة المسكينة التي لم ترى السعادة يوما, ام انها في حلم جميل ستصحو منه قريبا, تمنت في داخلها وهي تمضي غير مهتمة لحديث من حولها ان تكون لها ذكريات اجمل وان تحضى بأيام افضل مما عاشته في تلك العوالم المتجمدة حيث البياض يغطي كل شي والدماء الحارة هي حطب الذكريات التي ورثتها من تلك الايام.
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...