Part 17: اليقضة

9K 570 116
                                    

ايها العابر للبحار, الهارب من سخط الاقدار, الضائع بين عالم الموتى والاحرار, والمحمول على الفُلك تاركا مصيرا لم ينجز, فالترتقي وتنهض, فالتعد الى كيانك وتكافح فمصيرك لم يكتب له النهاية بعد.

"اين انا, ولمَ كل هذا النور الابيض, من انتِ"

"بني الا تتذكرني, لقد اصبحت كبيرا".

"من ؟ امي, هل نحن في قاعة العظماء تحت عرش الالهة, لقد اشتقت اليك".

"يا صغيري, عليك ان تقاوم النور, لا تستسلم فما زال لديك قدر ليسطر".

"اريد البقاء معاك, لقد ارهقتني الحياة, امي اشتقت اليك والى احضانك".

الام وهي تحتضن صغيرها جالسة في حديقة شاسعة جدا, والسماء ناصعة بيضاء لشدة بياضها لا ترى نهاية ما حولهم من الحديقة الكبيرة, تحدثت وهي تقبل رأس صغيرها وتحتضنه بكل قوتها: "لقد وعدتك الا اتخلى عنك حتى لو اصبحت في عالم اخر, لا تقلق سأزورك مجددا"

الصبي: "امي ارجوك ابقي, كلُ ما اريده هو السلام, ان اكون بجانبك فقط".

الام: "ليس الان يا صغيري", وامسكت بيديها وجهه واكملت تنظر اليه ودموعها تلمع في عينيها, تحدثت وهي على وشك تقبيل جبينه: "لن اتركك, واعلم اني احبك, استيقظ يا محطم عرش الظلام, استيقظ يا قائد الالف, استيقظ يا فارس المملكة الضائعة".

فتح اريليوس عينيه وسحب نفسا عميقا, كان قد وُضعَ على طاولة وغطي بقطعة قماش سوداء بعد ان اخبرهم المُعالج ان انفاسه توقفت وانه فارق الحياة, وقبل ان يتركوا الغرفة في اسفل تلك السفينة التي تسير على الامواج, سمع بيروس وهو يخرج من الغرفة انفاس اريليوس وهو يعود للحياة, هرع سريعا وسحب الغطاء, فوجد اريليوس في صدمة يحاول استيعاب ما يحصل.

امسك بيروس يده وجلس بجانب رأسه وهمس يقول: "لا تتحرك انك بخير, لقد قلت انفاسك لدرجة حسبنا فيها انك فارقت الحياة, لقد كنت اشبه بالميت طوال الايام الفائتة ولا يُسمع لك سوى انفاس خافتة, فكان اليوم اسوء ما مررت به, الشكر للألهة لانها نجتكَ".

ابتسم اريليوس محاولا طمئنته انه بخير, نهض بيروس سعيدا بعودة رفيقه الصغير الى الحياة, اخبره انهم على وشك الوصول الى اليابسة, فقد قضى اريليوس ايامه مكافحا الموت بينما هم يعبرون المحيط عائدين الى وطنهم ولم يتبقَ الا ايام قليلة.

.............................................

وبعيدا نحو اليابسة

في ذلك الكوخ المجاور للقرية جلست الفتاة لعدة ايام تروي قصتها الى المراة العجوز التي اصرت على الفتاة لتساعدتها في كوخها الذي يحتاج لبعض اعمال التنظيف والترتيب, وانها ستعطيها مبلغ مجزيا اذا ما بقيت وانهت اعمالها, بعد ذلك فهي حرة في ذهابها الى حيث ما تريد, خصوصا بعد حصولها على مالٍ يعادل سنوات من العمل الشاق في اقسى الاماكن.

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن