Part 24: أشباح واحلام

9.1K 492 86
                                    

وقف ذلك الفتى وسط ارض واسعة, تلتهم النيران كل شيء, سحب الدخان تغطي السماء بلونها المقارب للسواد والبالغ الرهبة وفي وسطه تتناثر جزيئات الرماد التي تلمع نارا.

نظر امامه فوجد مدينة تحترق بالكامل وسكانها جميعا قد قتلوا, منهم من ذبح ومن قتل وهو يحارب, واخرين ماتوا واعينهم مفتوحة, كانوا جنود وفلاحين ونساء واطفال, ورجال مجلس الشيوخ مجمعة جثثهم كجبل صغير في وسط الحقول ولون الدماء اختلط بملابسهم البيضاء, اكمل يشيح بأنظاره فوجد الاكواخ مخربة وهي تحترق والحيوانات مقتولة, والحقول تحترق, الغابات ملتهبة, وتلك المدينة تتعالى منها صرخات ناس يبدون كالظلال وهم يبكون ويتألمون والمدينة يملئها الخراب والنيران.

"اي جنون حل على هذه الارض واين انا" ,كانت تلك كلمات اريليوس وهو الناجي الوحيد في وسط ذلك الهول العظيم, ثم ركض قليلا يحاول العثور على شخص على قيد الحياة ليسأله, وجد امرأة تحتضن طفلها وهي توشك على الموت, وصل اليها وامسك بطفلها الصغير فوجده مقتولا, وضعه جانبا ثم سأل المراة محاولا ان يعي ما الذي حل هنا.

"ارجوك اخبريني ما الذي حصل", نظرت المرأة في عينيه وسحبت انفاسها ثم مدت يدها لتمسك بردائه من رقبته وتحدثت: "سيقتلونها وسندفع نحن الثمن", ثم سكتت وفارقت الحياة ولا زالت يدها ممسكة برداء اريليوس.

"من سيقتلون, ومن سيدفع الثمن ارجوك اجيبي", ايقن انها فارقت الحياة فتركها وذهب يبحث عن شخص اخر, لكنه لم يجد احدا على قيد الحياة, وقف في وسط الحقول والنيران توشك ان تصله, ثم صرخ "ما الذي يحصل لي".

اجابه صوت من بعيد يقول: "انه يناديك فقد اختارك, اعتنق مصيرك".

التفت والرعب يتملكه ليجد المتحدث لكنه لم يرَ احداً, بحث بعينيه يحاول ايجاد الشخص الذي تحدث لكن دون جدوى.

وفجاة افاق من نومه, هرع اريليوس من سريره كمن تركه حاصد الارواح, نظر في الارجاء فوجد نفسه في الغرفة, لمس ملابس فكانت متعرقة بدرجة كبيرة, حمد الالهة على ان ذلك الرعب كان مجرد كابوس وقد انتهى, وخلف الباب كان الراهب واقفا يغلق الباب بهدوء ويهم بالذهاب, بعد ان كان جالس بقرب اريليوس يقرأ من كتاب غريب وقديم جدا, وحينما احس ان اريليوس سيعود الى الواقع تاركا حلمه اسرع في الخروج من الغرفة.

وبين ظلام البيت شق طريقه بعد ان اطفئ جميع الشموع حين دخل, ليحرص عند خروجه على ان لا يشاهده احدا.

نهض اريليوس واتجه نحو الماء وشرب قليلا من قدحه الحديدي الذي اعتاد ان يملؤه كل ليلة ويضعه بجانبه فالكوابيس لا تكل عن القدوم اليه, تارة يحلم بوالدته واخرى بالمهمة التي مروا بها من اجل احضار الدواء, واليوم كان كابوسا من نوع اخر واكثر رعبا وغرابة فلم يعش حلما حقيقا كهذا الذي اتاه الليلة.

عاد الى مضجعه واستلقى على الجهة اليسرى التي يفضل النوم عليها وحاول النوم, متحديا مخاوفه وكوابيسه, غير مبالي بما سيحلم به حتى الصباح.

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن