ركض الفارس في الافق يصرخ بالنصر وهو حاملا النسر الروماني وخلفه رفيقه يحمل الراية الرومانية, وهم يلوحون لباقي الجيش مخبريهم بالنصر, يبثون فيهم عبق الانتصار المشرف.
صعد القائد على صخرة كبيرة وهو مثقل بالجراح وتناسب من جروحه الدماء, سحب انفاسه بقوة وتحدث: "يا رجال المجد, ويا فرسان الفيلق الاسطوري, ارفعوا سيوفكم عاليا, فقد لاح النصر حليفنا".
صرخ الجنود بكل ما وهبوا من صوت ينادون بالمجد لقائدهم ويلوحون بسيوفهم ورماحهم عاليا, والفرحة تملئ ارض الميدان متعالية فوق صرخات الجنود المتالمين, الذين تناسوا جراحهم وضحكوا لاجل النصر العظيم.
تقدم سولانوس الجنود وجلس راكعا يقسم بالولاء لاجل القائد الذي استحق منصبه بجدارة, واضعا سيفه امامه مغروسا بالتراب, وتبعه الجنود يفعلون ذلك.
تحدثوا جميعا يتلون القسم الاخير "نقسم بالولاء لروما, والموت في سبيل الوطن, وان نكون معك اينما ذهبت وحتى اخر يوم لنا على وجه الارض, بورك القائد المجبل اوميروس بروتوس العظيم".
ـــــــــــــــــــــــ
في صباح اليوم التالي, استيقظ اريليوس باكرا وقد افاق هاربا من كوابسيه المرعبة التي باتت تأتيه كل ليلة, وقد ازدادت بشاعة مع انجلاء كل يوم.
تبعته فلوريا مستيقظة رغم انه لم يصدر اي ضجة, اتجهت نحوه وهو جالس يحدق نحو الافق, جلست بجانبه واكملت تنظر الى حيث هو يشيح بعينيه.
تحدثت محاولة ان تواسيه, فقد لمحت في عينيه حزناً شديداً: "ستعود الى احضان قبيلتك, وستغدو زعيمهم, ارجوك لا تحزن".
صمت اريليوس للحظات ثم تحدث متنهدا بحزن: "ما الفائدة وقد انقضت ايامي مع اناس تعلقت بهم وتركوني, وفي المستقبل القريب ساوعدكم واعود لحياة ستغدو غريبة بالنسبة لي, فلا ماضٍ جميل ليذكر, ولا مستقبل بهيج لِيأمل".
وضعت فلوريا رأسها على كتف اريليوس واكملت تقول: "وانا ايضا لقد اعتدتُ عليك, وعلى باقي الاصدقاء, وسأكون وحيدة انتظر شخصا مجهولا ليكون شريك لحياتي, اليست الحياة عادلة في قسوتها على الغني والفقير اذا ما تعلق الامر بالمشاعر".
فكر اريليوس في كلماته واجابها: "لقد ايقنت ان هذه الحياة ليست سعيدة, وان المرء كلما كبر تزداد تعاسته, والايام السعيدة مجرد صفحات بسيطة بعد ان نمر بأفصل كثيرة من كتاب ايامنا مليئة بالمعاناة والخذلان, وليس بأستطاعتنا فعل شي سوى اكمال الطريق".
فلوريا: "لا اريد من هذه الحياة, سوى انسان لا يشبه عالمي, شخص يقدس الحب ويعلم ان الحب النقي هو الخلاص نحو السعادة الابدية, لكن ما اطمح اليه لا يوجد الا في الاساطير والقصص التي روتها لي امي قبل النوم".
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...