اقتاد رجال القبيلة المتوحشة المعلم وبيروس بالحبال كخدم لأريليوس, وساروا يتبعون زعيم القبيلة البالغ الضخامة, وبعد المشي لساعة كاملة بين احضان الغابة ومرورا ببعض الجداول المائية عابرين السهول المنبسطة, ليصلوا بعد ذلك الى قرية تختبئ بين جبلين يحيطانها كذارعين يحيمان عشٍ مليئ بالبيوض لطير غريب المظهر ووحيد المسكن.
نظر سكان القرية بأندهاش الى الثلاثة الغرباء وهم يسيرون مع ابناء القبيلة, ترك الجميع اعمالهم واستمروا يحدقون نحو الغرباء الجدد, لم يسبق لزعيم القبيلة ان احضر اسرى منذ زمن بعيد.
صرخ الزعيم ملوحا بيده على ابناء القبيلة من النساء والاطفال والشبان مخبرا ان يعودوا لمزاولة اعمالهم المختلفة وان يتوقفوا ان النظر بدهشة وكأنهم يرون مخلوقات غريبة.
وصلوا كوخ الزعيم الواقع في شمال القرية وخلفه ملامح الجبل تتعالى, امر احد اتباعه بأصطحاب المعلم وابنه الى غرفة الطعام واطعامهم وبعد ذلك عليه تقييدهم وسط القرية بالشجرة الكبيرة التي قدموا عليها القرابين من بني جلدتهم ومن الغرباء الذين يمسكون بهم.
دخل الزعيم الى كوخه وامر اريليوس ان يتبعه, اتجه نحو عرشه المصنوع من الاحجار وتعتليها جلود الحيوانات المختلفة وعلى مقابض الكرسي مخالب جلد الاسد, وخلف الكرسي علقت بعض رؤوس الحيوانات التي كان يسطادها الزعيم كرمز للفخر, وامامه بضع احجار مرصوفة على شكل دائري وفي وسطها نار تحترق لتدفئة المكان, وعلى جوانب الغرفة فرشت الارض بالجلود لاجل ان يجلس عليها كبار القبيلة واتباع الزعيم.
تربع الزعيم على عرشه البدائي, واشار بيده نحو اريليوس وامره بالجلوس, احضر احد الخدم قرن حيوان ضخم جعله الزعيم كقدح يشرب به الماء او ما يشابه الخمر لديهم.
ارتشف رشفة كبيرة ثم مسح فمه بيده الاخرى واتجهت انظاره نحو اريليوس وتحدث بلغت قبيلته:" ايها القوطي, اخبرني كيف تعرف لغتنا".
بدأ اريليوس محاولا شرح كلماته ينطق بها ويشير بيديه ليجعل الزعيم يعرف مقصد الفتى: "ايها الزعيم, لقد كان في قريتنا عدة رجال قاتلوا تحت لواء والدي, في معاركنا ضد قبائل الهون, وكنا نلقبهم بالقادمين من نهاية العالم, وكانوا مع عوائلهم يسكنون قريتنا, ولدى احدهم ولد بعمري وقد اجبرت على تعلم لغته بجانب تعلم لغتي الام, وبعد انتصارنا على قبائل الهون قرروا ترك القرية والذهاب للعيش في الشمال, فهناك يستطيعون الزراعة وربما يحصلون على اراضٍ تكون ملك لهم, فودعهم اهل القرية وودعت صديقي الذي فقد والده في المعركة الفاصلة وغدى وحيدا مع والدته التي اختارت الذهاب مع باقي رجال قبيلتهم نحو ارض جديدة".
صمت الزعيم وهو يحاول فهم القصة في مخيلته, ثم تحدث متسائلا: "ما الذي احضرهم الى اراضيكم تحديدا, وهم يسكنون ارض هذه الجزيرة.
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...