احيانا تكون امنية الانسان الوحيدة, هي العودة لايام البرائة والصغر, لكنه لا يتمنى تلك الامنية الا بعد خوضه غمار العالم الاخر, وهو عالم البلوغ والاختلاط, ان تدفعه الحياة نحو اصعب المحن وتختبر صبره تحت اقسى الظروف.
هناك من يتقبل الضربات ويحولها الى دافع لينهض ويتفادى اخطاء المستقبل, والنوع الاخر من يبقى يتذمر ويلوم الحياة والاقدار, حتى تنكسر عزيمته في الحياة لينجرف في تيار الظلمات والفساد وربما سفك الدماء, بذلك يكون عبدا لشهوات الحياة وجندي اعمى تحت لواء الشر.
وقف اوميروس والرفاق اللذين تحملوا معه اقسى انواع التدريب البدني والاختبارات الصعبة التي وضع اصولها عظماء صانعي روما القديمة, تحت اشعة الشمس الحارقة كانوا يرتدون ملابسهم ذات اللون الاحمر التي تغطي اكتافهم والقليل من افخاذهم, كرمز لجهوزيتهم واستعدادهم من اجل الهدف الاسمى وهو الالتحاق بجيش روما العظيم.
بلغوا خمسمائة شاب شاب تتراوح اعمارهم بين الثامنة عشر والاربع وعشرين خريفا, وكل مدرسة احتضنت ما يقارب الخمسين جنديا, وبلون خاص يميز شبانها عن فتيان المدرسة الاخرى.
ولم تكن هناك مدارس الحرب فقط, بل احتضنت "رافينا عاصمة روما الغربية انذاك" مدارس الشعر وفنون القتال كمصارعة المجالدين, ومدارس السياسة وادارة شون اموال الجمهورية.
حضر اغسطس روما بنفسه ليشهد على مراسم تخرج الجنود الشجعان, وفي كل مدرسة يتم اختيار الضابط الاول الذي يمثل المدرسة وحسب النقاط التي حصدها وشجاعته في طوال فترة التدريب, وخمسة ضباط يكونوا في رتبة اعلى من باقي اقرانهم وتحت رتبة الضابط الاول, فمن جد وجد.
"اغسطس: لقب حاكم يولى اليه شؤون عدة مقاطعات سياسياً وعسكريا, ويكون اقل رتبة من حاكم روما الذي يكون لديه اربع رجال برتبة اغسطس ليتمكن من ادارة الجمهورية التي تغطي مساحات واسعة من الارض بصورة اسهل ولتكون القرارات العاجلة رهن عقولهم".
وفي المكان الشهير الملقب بـــ"الكولوسيوم" الذي اشتهرت به روما بين جميع الحضارات في تقديم اجمل وسيلة للمتعة والمرح وجمع المال, وهي مصارعة المجالدين, وهو امر خالد في تاريخ وحضارة روما منذ القدم, حيث يتنافس في ساحة الدائرية الملقبة بــ"الارينا" اشجع واقوى مصارعي الارض جمعاء عبيد كانوا ام مقاتلين او حتى رجال من روما خسروا رتبة الشرف او طردوا من الجيش.
امتلئ المكان بسكان روما, حيث كان حفلا سنويا يحصل ظهيرة هذا اليوم من كل عام, يأتي اليها كل من سكن روما كبار او صغار, ليشاهدوا ابنائهم واشجع فتيان روما ينذرون بارواحهم من اجل الارض التي ولدوا فيها, وبعد اتمام المراسم تحصل اقوى واشرس المبارزات بين مجالدي روما ضد اقوى عبيد احضرهم التجار من اقصى بقاء الارض.
وقف الاغسطس بملابسه البيضاء وتاج حبات القمح الذهبية على رأسه ليأمر ببدء المراسيم وحوله الحاشية المكونة من اقوى مندوبي روما ووزرائه ورجال السياسة والبرلمانيين, يليهم القادة العسكريين ورجال الثروة والتجارة, وعلى جهته اليمنى زوجته التي تدل ملامحها على انها من انبل عائلات روما.
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...