Part 30: قبلة بدمع الوداع

7.8K 441 103
                                    

عقد من الزمن, مر مسرعا, لم يتمكن من تغيير ملامح تلك الاميرة, التي كانت مملكتها تدعى ارض الاحزان, وشعبها دموع الزمان, وفرسان ارضها هما خيبات الدهر, وهي كعاشقة لفارس تائه في ظلمات غابة ولا تستطيع انتشاله من تعاسته, ذلك ان ساحرة حكمت قلبها ولعنتها يوم ان تقبل الفارس, سيكون هلاكه مسطورا في الحسبان.

وقفت امام البحر الهائج, تنظر الى المياه تلاطم الصخور الواقفة بصمود الدهر, ترسمت وترسبت على سطوحها اوجه لاناس ملئتهم الحياة بؤسا والماً.

تناثرت بعض القطرات على وجهها في ذلك الشتاء البارد, محاولة اخفاء الدموع المنهمرة بيسرة, والتي تحمل في كل قطرة, ذكريات عقد مغبرة.

نظرت امامها نحو رمل الشاطئ, والمياه تداعب الاقدام, لمحت ذاتها التي تصغرها بعقد من الزمن, لمحت كلاريس الشابة, ذات الطلة البريئة, ترتدي فستان ابيض قصير, بسيط الطراز ومتسخ قليل, تداعب رمال الشاطئ بعصى وهي شاردة.

نظرت اليها الشابة الجميلة, وتحدثت "ايتها الفارسة, لقد غيرتك سنين الفراق عن ذلك المشتاق لعينيك".

كلاريس: "كم تغيرتُ عما كنتُ عليه".

شبح الماضي تخاطبها بأبتسامة منكسرة "لم يتغير قلبكِ, ولم تتبدد مشاعركِ, كل ما تغير هو جسدك, رغم هربه من القدر المحتوم".

كلاريس: "سأبقى اهرب حتى لا التقي بعينيه".

ابتسمت ذاتها وضحكت قائلة: "انظري الى خصرك, سيف علق به, انظري الى زيك, فارسة رومانية لاتهاب, اني متيقنة انك ان نازلت فارس ربما ستغلبينه, بقلبك المليئ بالاحزان, وفكرك المثقل بالهموم وايام الفراق, فالشجاعة لا تكفي للانتصار".

كلاريس: "كم كنت غبية حينها, كان يجب الا اعود".

الفتاة: "لم يكن بيدك القرار, فقد اختارتك الاقدار, والالهة لان تكوني مخلصة الزمان".

كلاريس: "كفاكم ترهات, اريد ان انعم بحياة طبيعية, اريد ان يعيش هو بسلام, انه لم يؤذِ مخلوق قط, لماذا هذه اللعنة الغير عادلة, اي ذنب اقترفناه".

الفتاة: "ذنبكِ, وذنبه, انكم بقلوبكم المسامحة, ارتقيتم في مراتب النقاء, حتى وصل ليتوج المختار, وانت مخلصته نحو عالم الاحرار".

اكملت تقول بأطراء: "ايتها الفارسة, تبدين جميلة, شجاعة, مقاتلة باسلة, لقد اكتملت اخر فصول النبؤة, لم تبقى الا قبلة عشق تحيي قلب الفارس المكبوت, واخرى تسلبه ايام الوجود".

كلاريس: "كيف يعقل اني اخاطبك يا ذاتي القديمة, وتقولين كل هذه الكلمات الجنونية".

الفتاة: "انا لست فقط ذاتك وانعكاسك, بل انا جانبك الدفين, المتجلي من البعد الاخر, والتي تنطق من لسان وعيك الذي عشق المختار".

كلاريس: "انك تشبهينني كثيرا, لكن روحك لا تماثلني".

نظرت الفتاة نحو عيني كلاريس وتحدثت وهي تمسك براس كلاريس بكلتا يديها, وتنظر تماما في مقلتيها: "انا انتِ, لكنِ بروح مختلفة, سكنت زمن مختلف, قبل الف عام, اختارتني الاقدار ان اكون عاشقة لمن يدعى المختار, وبعدها علمت قدري, وفي يوم الميعاد المحتوم, سلبت من عشقني حد الجنون, تماما كعشقك له المكنون, لم اختر ذلك, لكن كنت امام اختيار, لم يكن لي به قرار, فانقذت ما تبقى من الاخيار, وحين انتهت الملحمة واللعنة التي حلت بأرضنا".

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن