من حيث لا مكان, همس صوت في الارجاء, بين اربع جدران لغرفة مخيفة وسط غابة كثيفة, بيت مصنوع من اخشاب السنديان, لايعرف له طريق الا بصاحبه الدليل, الذي كان خادما وفيا لسيده, ذلك الخادم الذي لم يرى نور الشمس منذ امد طويل.
همس الصوت في اذن سيده الجالس على كرسيه امام طاولة قديمة وكبيرة, مريبة الشكل مستطيلة وحولها من كل جانب جلس ثلاثة رجال, "سيدي, هل احضر لك ما تريد".
السيد: "اخرج واغلق الباب, لدينا ما يكفي من النبيذ حتى نهاية الاجتماع".
خرج الخادم واغلق الباب لتلك الغرفة الواسعة وسط ذلك الكوخ المريب والمختبئ بين احضان الغابة المتشعبة, ذات الروائح المريعة, من جراء تفسخ بعض جثث الحيوانات, او المنبعثة من فوهات بعض المستنقعات, وتحديدا في ارض بلاد الغال, في اقصى الجنوب الغربي.
تحدث احد الجالسين, الذي كان الرسول القادم برسالة من مكان بعيد يقع في اقصى شمال الارض, مخبرا عن سبب مجيئه بعد ان رمقه سيد المكان بنظرة التساؤل عن حضوره.
فاعرب موضحا "لقد ارسلوني, وهم يطلبون خدمة منك, ويقول خادم الشيطان الاكبر انك وحدك فقط من يستطيع انهاء تلك المعضلة بلا عواقب, ودون التلكئ للحظة شفقة او رحمة".
السيد: "هات ما عندك, الهدف, المكافئة, الزمان والمكان".
الرسول: "فتاة بسيطة, ترافق حملة من الفرسان, في مهمات لروما, المكافئة ثلاثة اضعاف وزن قلبها ذهب, المكان اين ما تشاء, اجعلها تبدو سرقة لقطاع طرق قبليين, والزمان يجب ان يكون قبل اكتمال القمر لهذا الشهر, احرص على احضار قلبها".
السيد متسائلا: "ان كانت فتاة بسيطة, لم اتيت كل هذه المسافة طالبا من رجل له نفوذ يصل لقتل ملكاً او تدمير قلعة, من اجل قلب فتاة عادية, ما السر في ذلك".
صمت الرسول للحظة, نظر في عيني رجال السيد المرعبين, والذين يبدوا لكأن الجحيم ارسلتهم لحضور هذا الاجتماع, ثم اكمل يقول: "لقد كنت يوما تؤمن بمعتقداتنا وعضوا في اخويتنا, لذلك سأقولها لك بصدق, انها سالبة المختار روحه".
صمت السيد قليلا ثم حك لحيته الخفيفة واعتدل في جلسته واكمل يتسائل: "وهل اصبحت النهاية وشيكة, ما الذي اخبرك به خادم الشيطان الاكبر !".
الرسول: "اوشكت الاحجية ان تكتمل واخر ايات النبؤة ستحصل, ما هو قرارك ؟"
نظر السيد في عيني الرسول بعمق, تحدثت مبتسما: "سيكون شرفا لنا ان تسطر اسمائنا في هذا الزمان, سأقبل الصفقة واعلن ولائي لسيدنا الشيطان الاكبر".
اشاح السيد بأنظاره نحو رجل يقف بجانبه مرتديا زيا اسود اللون يغطي جسده وقناع غريب ملتف حول وجهه يسمح لعينيه الجاحدتين فقط بالظهور, يحمل عصى متينة تنتهي بمقصلة مخيفة الشكل, جسد شكل حاصد الارواح الذي تناقلت شكله الاجيال على مر الازمان.
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...