استعد الثلاثة مع بداية يوم جديد من اجل الانطلاق في رحلتهم الشاقة.
وقف المعلم امام عائلته وهو ينظر اليهم جميعا نظرات ربما ستكون الاخيرة, احتضن بناته وبنات الاخ واحدة تلت الاخرى يودعها بكل حنان, ثم عانق ابنائه وامرهم ان لا يتقاعسوا في اعمالهم وان يكونوا عند حسن حضنه, ثم وصل زوجته ونظر اليها وسحبها بين احضانها وهمس في اذنيها يخبرها ان تعتني بالجميع في حال عدم تمكنه من العودة, والا تقلق بشأن بيروس.
وكذا ودع بيروس الجميع والدموع تملئ اعينهم, ثم ودعوا اريليوس وطلبت منه زوجة المعلم ان يكون حذرا ويطيع المعلم في رحلتهم, بعد ذلك تقدمت نحوه زوجة الجنرال ووضعت يديها على اكتافه واحتضنته وشكرته كثيرا على موقفه الشجاع, وطلبت من المعلم ان يعتني بالفتيان جيدا.
تحدث الجنرال مخاطبا المسافرين الثلاثة: "ستكون رحلة صعبة لاشك, لكني متيقن انكم ستنفذون المهمة لان حياة شخص تحبونه تعتمد عليكم, وانتم املها الوحيد".
المعلم: "لا تقلق يا سيدي, سنعود قبل الموعد واعدك ان فلوريا ستعيش".
وصلت الاحصنة الثلاثة التي كانت اسرع واقوى احصنة في المقاطعة, محملة بالمعونة والاطعمة التي ستكفيهم طوال الرحلة.
نادى الجنرال الى بيروس وما ان وقف امامه حتى سحب السيف ولازال في غمده وقدمه لبيروس وامره ان يحمي به المعلم واريليوس وان يكون جديرا بحمله ويعيده, نزل بيروس على ركبتيه وامسك السيف واقسم على حمايتهم وانه سيعيده في الوقت المناسب.
ركب الثلاثة احصنتهم ثم لوحو بأيديهم مودعين الجميع وانطلقوا مسرعين ضاربة حوافر خيولهم الارض بكل قوة شاقة طريقها نحو مسعاهم.
اتجهوا نحو السهول الواسعة التي سيقطعوها, مرورا بطريق وعر بين الجبال القاسية, حتى يصلوا ما يعرف اليوم -بشواطئ فرنسا- وهناك يعرف المعلم مجموعة من البحارة الذين سيصطحبونه معهم بمال وفير في العبور نحو الجزيرة المجهولة المعروفة ببريطانيا, ارض لم يكتشفها بني الانسان جيدا, يحكى ان مخلوقات مرعبة تسكن غاباتها وفي السهول سكنها بعض القبائل التي كانت تعمل في الزراعة ورعاية الماشية.
وبعد مرور عشرة ايام, ومع التوقف ليلا والتخييم من اجل الراحة, وصل الثلاثة الى الشاطئ الذي عبره المعلم في ايام شبابه.
توقف الثلاثة بالقرب من ساحل الشاطئ, ولمحوا من بعيد سفينة في وسط الماء, وقارب صغير متروك على حافة الساحل.
تحدث المعلم قائلا: "لحسن حضنا انهم قد رسوا صباح اليوم, لاشك انهم اتوا لاصطياد بعض الحيوانات في تلك الغابات, ومن ثم يعودوا الى السفينة ويكملوا رحلاتهم الغامضة".
بيروس: "هل ستذهب وتطلب منهم ان يأخذونا معهم".
تحدث المعلم بنبرة تشائم: "لا اعلم اذا كان قائدهم لازال على قيد الحياة, فباقي الطاقم عبارة عن قتلة ليس لديهم وعد, ما يشغلهم هو المال والسرقة, علينا ان نكون حذرين في التعامل معهم".
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Ficción históricaوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...