فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة

Part 32: فرسان النور

وبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار.

حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على ارواح اصحاب تلك الاجساد.

ومنذ ان وجد الخلق لم يرتقي الشر نحو قمته ابدا ليحكم الارض, ومهما تكالبت قوى البشر والشياطين واتحدت لتنهي زمن الخير, لن تنتصر.

واذا انتصرت فذلك يعني ان فرسان تلك الحقبة رضخوا لليأس واستسلموا لظلمات قلوبهم, ولم يسلوا سيوفهم بوجه الظالم المطلق, حينها لا تبتأسوا فقد استحقوا ما حل بهم.

ختم الرجل كلماته وهو يخاطب تلميذه الذي اوشك على ان يتسلم منصب سيده بعد ان يتم اخر اختباراته, فنطق قائلا منهيا الحديث: "ولتعلم ان للشر اوجه لا تحصى, وان الخير ربما يكون يوما تحت لوائه, حينها يجب القضاء عليه كما تحدثت واخبرتنا نبؤة الزمان".

..............

استمرت كلاريس بالصراخ الممزوج بالبكاء الموحل, وهي تبحث عن سيفها والعجز تملكها, واليأس اوشك على التغلب عليها ليجعلها تستسلم للكلمة الفاصلة وهي مقصلة حاصد الارواح.

وحينما تذكرت انها قد اقسمت على ان تجد فارسها المكسور قلبه وتراقبه من بعيد لتراه يتقلد منصبه ويرزق بذريته, فكانت على شفير الاذعان والتوقف عن البحث, حينما لامست اصابعها السيف.

انتشلته من بين الوحل مسرعة لتنهض وتصد الضربة القادمة نحوها, صرخت بوجه الحاصد وهي تحاول تمالك عقلها وجمع شتات جسدها المرتعد.

استطاعت النهوض والتراجع قليلا, لمحت رفاقها يقاتلون الحاصدين, والبعض منهم قد فارق الحياة.

في وسط الليل والسماء السواد, ممتزج جسدها بالطين ونفحات الهواء الباردة تلسعها وهي ترتعد خوفا, وبعض المشاعل المرمية هنا وهناك تنير ظلمة المكان وحاصد الارواح تُرى مقصلته وهي تحاول تمزيق جسد كلاريس, لم تستطع عمل شي سوى المبادرة بالهجوم, فأما ان تقتله وهو امر مستحيل اخبرت قلبها به, واما الموت, وفي كلا الامرين تريد الموت وهي حاملة سيفها وتقاتل بجانب رفاقها, فهو حتفا مشرف, ونهاية لن ترى بعدها ما حل برفاقها.

ركضت نحوه وهي تصرخ قائلة: "اجعلها موتة مشرفة وكن ناصفا بضربة قاضية".

قاتلته بلا وعي او تركيز لكأن روحا غيرها تمتلك جسدها وتقاتل ذلك الكائن المرعب ذو السواد البليد, لمعت عيناها وسط عينيه وتحدثت بكلمات غريبة هو فقط من يفهمها تخبره قائلة: "انها ستقتله كما قتلت امثاله منذ الف عام".

"سأعيدك الى الجحيم, ولتبلغ الشيطان الاكبر, ان سالبة المختار روحه ستنتصر, ربما قتلتموني قبل الف عام, وسلبتموني كل ما املك, لكن هذه المرة, انا اقوى وسأنتصر".