Part 1: بداية الشتاء

132K 3.3K 1.2K
                                    


مقاطعة بانونيا
شرق حدود روما
455 A.D

صبي يلهو تحت سماء ناصعة زرقاء صافية, ظهيرة يوم تتعالى فيه اصوات العصافير فوق اصوات اهل القرية وماشيتهم.

يركض بسرعة بين بيوت القرية البدائية المبنية من الخشب وبسقيفة متشابكة من اغصان الشجر الممزوج بالطين المتجمد, وذو المدافئ التي تحرص على ابقاء اصحاب البيت مجتمعين حولها.

يشعر بسعادة كبيرة بعد النصر الذي حققه والده ورجال القبيلة المعروفة بأنها اقوى القبائل التي سكنت هذه الارض يوما, لما ابدته من شجاعة في صد اقوى اعداء عرفوهم انذاك, وهم قبائل الهون الاسيوية التي كانت لا تعرف الرحمة وتمحي كل قبيلة تعترضها.

وبعد سنوات طوال وخسارة دماء اقوى رجال القبيلة ومعارك راح ضحيتها النساء والاطفال وحرقت قرىً بالكامل وقتل سكانها على يد الملك الطاغية "اتيلا".

فقد كتبت الاقدار لقبيلة القوط الشرقيين ان يقفوا وقفة اخيرة متحالفين مع الامبراطورية الرومانية في معركة واحدة حاسمة عرفت بأسم "نيداو" مدافعين فيها عن الغزو الجائر لقبائل الهون وكحراس لحدود الامبراطورية الرومانية.

وبعد معركة ذهب ضحيتها اعداد موتى لم يستطع احدا انذاك احصائها, اشرق النصر لتلك القبيلة التي ستغير مجرى التاريخ وستسطر بدمها اقوى ملاحم سُجلت في تلك الحقبة, فكافئها امبراطور روما بأسكانهم في مقاطعة بانونيا.

واليوم وبعد مرور عام ينتظر الصبي والده الشجاع قائد القبيلة ان يعود من الصيد ليحتفلوا طوال الليل في اكل الولائم وشرب الخمر والرقص بجانب النار.

ممسكا سيفه المصنوع من الخشب ومرتديا قطعة من القماش من عمل والدته, شعره الاشقر المتوسط الطول المنسدل على عينيه البنيتين والابتسامة تملئ وجهه الجميل الصغير.

بعد ان تعب ركض نحو والدته التي كانت تخيط له رداء من اجل الشتاء الذي اتى مسرعا والصبي لا يملك ما يدفئه.

الام: "تعال يا صغيري, الا تشعر بالبرد انتظر بجانبي سأنتهي قريبا من اكمال ردائك الشتوي لقد صنعته لك من جلد الدب الذي اصطاده والدك الاسبوع الفائت لن تشعر بالبرد بعد اليوم".

الصبي مجيبا والدته وهو يسحب انفاسه بسرعة: "شكرا امي, ولكني حقا لا اشعر بالبرد كثيرا, وكما انني الهو طوال النهار فيبقى جسدي دافئا".

الام: "ان رداء الشتاء الفائت لا يصلح لجسدك الذي ينمو بسرعة, وقلبي يخبرني ان هذا الشتاء سيكون شديد البرودة".

الصبي: "امي هل سيتأخر والدي كثيرا في رحلة صيده".

الام: "ربما يا ولدي فالقبيلة ستحتفل الليلة بأنتصارها العظيم الذي حققته العام الفائت, موكد انه سيصطاد حتى حلول المساء, لقد انتهيت من ردائك هيا ارتديه الان".

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن