ركضوا والارض تبتسم لهم سعادة, والعصافير تتغنى معهم فرحاً, والازهار تنتظر ان تداعب ثيابهم وذرات التراب تستعد لتقفز حينما تضربها اقدامهم الجارية.
استمروا يمرحون في رحاب تلك الحديقة الواسعة, المجاورة لغابة خضراء, وحولهم الفراشات تمازحهم وهم يحملون سيوفهم.
كانوا صغاراً اشقياء, ملائكة ابرياء, بقلوب بيضاء كزبد البحر, خالية من دنس ذكريات الايام, ومليئة بحب اكتشاف العالم الذي احتضنهم بحنان وخجل, متناسياً ما فعل بذويهم.
كانت تقف وهي تحدق نحوهم وابتسامة كبيرة تعلو ثغرها, ودمعة متمردة تقفز على خدها, وهي تتكئ على غصن شجرة قديمة اشد القدم.
وخلفها يقبع منزلها البسيط, وبجانبها يقف ذلك المختبئ وجه خلف قناع حديدي خفيف السمك صنع لاجل ان يغطي تلك الندبة المخيفة, وبجانبه تقف زوجته التي تقصره كثيراً بملابسها التي تدل على انها كانت ابنة رجل ذو جاه ومال.
واخيرا تلك الجالسة بجانب الرجل العجوز وهم يكملون زرع شتلة في التراب, وتنظر نحو الصغار بفرح عارم وسرور يغطي ملامحها وقسمات الرجل الجالس بجانبها توحي بالراحة والاطمئنان.
بعد ان تعبوا من اللعب عاد ذو الشعر الاسود نحو والدته, وتحدث وهو يتنفس سريعا ويلامس خد والدته بعد ان انحنت له مستمعة "سأكون فارسا شجاعا مثل ابي, اليس كذلك يا امي".
اجابته الام وهي تنازل دمعتها وتحاول الانتصار عليها "ستغدو شجاعاً مثله يا صغيري".
نظر الصغير نحو العجوز واستطرق يقول "ايها الراهب, هل ستدربني لاغدو مثل ابي".
ابتسم الراهب نحوه وداعب شعره بيده الاخرى غير المتسخة واكمل "سأدربك يا انجلينيوس, وستكون شجاعا مثل والدك ايرلندر".
وكان الصغير الاخر اشقراً وشقيا كعادته وهو يحاول ازعاج الفتاة الصغيرة بسيفه, ويخبرها انه سينازلها بعد الغداء وسينتصر, وهي تزيده غضباً بأن تخبره انها ابنة قائد شجاع لا تهاب شيئا وستنتصر عليه.
اتجه نحو المرأة الواقفة وجر ثوبها وقاطع شرودها واكمل ينادي "امي, ان المشعوذة ابنة اوميروس تقلل من شأني, كيف كان والدي يقاتل بالسيف اخبريني".
نزلت الام نحو الصغير وهي تزيح شعره عن عينيه, وتحدثت بأبتسامة "والدك كان زعيماً شجاعاً ورجلا نبيلاً, كان اشجع رجل على وجه الارض, وانت تشابهه في شعره وطيبة قلبه وتحمل غيرة والدتك وشقاوتها وتمردها".
تسائل الصبي بأستغراب "تقصدين, غيرتك وشقاوتكِ ؟".
اجابته على الفور وهي تتلكئ وتخبره انها تقصد نفسها مؤكد لا محالة وغيرت الموضوع مسرعة تخبره انها قد اعدت لهم طعاما لذيذاً, وامرته ان يذهب ليحضر العم اوميروس والراهب, ويذهب لينادي على العم بيروس من الاسطبل لينظم لهم على مائدة الغداء.
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...