Part 33: رُبَما وداعاً

5.2K 354 73
                                    

ان اكبر درس يتعلمه الانسان خلال مسيرته طوال عمره, ومضيه بين منعطفات حياته, هو درس الايام القاسية, حينما يمر باوقات الوحدة, والفراق, وخذل الخلان وغدر الاقدار.

ان استطاع الصمود حينما يرتقي موج بحر تعاسته ليحاول جعل كل ثانية من حياته تمر بأختناق, متصدما بتيارات الحزن واليأس التي تحاول اغراقه في محيط بؤس الايام.

لذلك يكون القرار بيده, والحظ من صنعه, فنحن من نحدد اقدارنا مهما تلاعبت بنا, كل ما علينا فعله, ان نكون مستعدين للجولة القادمة ومهما عصفت بنا الايام, علينا ان نتشبت بجذور الذكريات ونستمد منها غذاء الروح وننهض لنستمر بالكفاح, حتى اللحظة الاخيرة, ومن يرد الراحة فأنها موجودة والى الابد على شكل "موت" ,محتوم لا مهرب منه.
..........

سار القائد بفرسه يتبعه رجاله بين احضان المروج الخضراء, ووجهتهم قلب الارض انذاك, العاصمة الجميلة "رافينا, بترتيبهم المتناسق, حيث القائد يتقدم الفيلق, وخلفه اشجع الفرسان الخيالة ويتبعهم الجنود المشاة وهم يجرون بعض عربات الطعام والمعدات الخاصة بالتخييم.

تقدم احد ضباطه نحوه ليبدي ما في صدره, تحدث مخاطبا القائد: "لقد اشتقت لزوجتي, ترى هل لا زالت تذكرني, بعد ان انقطعت عنها ما يقارب العام".

القائد: "ان احبتك بصدق كما كنت تروي لي في ايام اسفارنا, فحتى لو مر عقدً لن تنساك".

الضابط: "وما الذي يجعلك واثقا ان الحب لا يموت على يد الايام وطول الفراق".

القائد: "ذلك اني اقسمت وعدا, طال امده عقدا, ولا زلت متمسكا به".

الضابط: "كل يوم ازداد تيقناً ان هذا المنصب لا يليق الا بك, فبعد فقدانه خشيت على الرجال ان يأتي قائد كجنرالات روما الان, جشعون طامعون, يقاتلون لاجل المصالح والنفوذ, بوركت يا ابن روما البار".

تقدم احد الكشافة وقد اتى يخبر القائد بالوقت المتبقي لبلوغ العاصمة, تحدث بعد ان القى التحية الرومانية "اننا على مشارف رافينا ايها القائد اوميروس".

شعر اوميروس بالبهجة والخوف, بالسرور والحزن, امتزجت مشاعره لتعيد له لحظات ذلك الوداع قبل عشر اعوام عندما ترك الذئبة واقسم لها ان يعود يوما".

..................

قبل عشرة اعوام

انه يوم الفراق المرتقب, حيث لم يشأ الجميع ان يأتي هذا الصباح, الذي سيفرقهم الى وقت غير معلوم وربما الى الابد.

كان اوميروس يجهز حصانه ويحكم ربط السرج ويستعد لرحلته الشاقة, خرجت فلوريا لوداعه وهي تنتظر انتهاء الجنود من تجهيز قافلتها للعودة الى الديار.

كان اوميروس لا زال في الاسطبل يحدق في عينيه حصانه, ودموعه تنهمر وهو يسرح في عالمه المقيت الصامت المليئ بالاشجان.

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن