Part 3: المصير المجهول

21.2K 1K 203
                                    

شرق حدود روما
456 A.D

سنة كاملة مضت وذكرى ذلك اليوم المؤلم لا زالت حاضرة في مخيلة الصبي, كلما سقط نائما بعد ساعات بكاء طويلة اتته الاشباح تطارده في احلامه, مجبرة اياه على الصراخ ليجد نفسه مستيقضا وينظر حوله فلا يرى والدته.

كانت ليلة هادئة مليئة بالدموع بجانب احد الاشجار في قرية كانت غريبة له, فكيف يعيش بمكان جديد بلا انفاس واصوات والدته, نظر الى السماء والقمر يبزغ عاليا وحيدا, نظر الصبي اليه واشار بأصبعه نحو القمر واخبره قائلا: "كانت امي تقول لي, انك جميل كالقمر الساطع فقد انرت كل ظلمات ايامي يا صغيري, والان قد عرفت انها لمَ شبهتني بك, لانني سأغدو وحيدا".

ناداه صوت من بعيد: "اريليوس اين انت, حان وقت نومك".

نهض الصبي ومسح دموعه ثم اتجه الى بيت عمه الذي كان في احد القرى المجاورة لقريتهم, فبعد ان احرقت قريتهم العام الماضي تركوها حطاما وسكنوا في هذه القرية حتى ينتهي الرجال ومن تبقوا على قيد الحياة من اعادة بناء ما تبقى من معقلهم.

الاب: "بني اذهب الى فراشك واخلد الى النوم بجانب ابناء عمك, ستأتي معي غدا الى الصيد, فقد اصبحت كبيرا بما فيه الكفاية لقد كان هذا الشتاء شديد البرودة ومليئا بالاحزان, انك الان شاب استطيع الاعتماد عليه".

الصبي: "كما تشاء ابي, اراك في الصباح".

جلس الوالد واخيه وبعض رجال القبيلة امام النار وتحدثوا في امور القرية واطعام السكان وامور الحرب والتحالفات, ثم ذهب الجميع الى اكواخهم وغطوا في نوم عميق.

اشرقت شمس الصباح وبزغت من بين طيات الغابة التي كانت تبعد قليلا عن بيوت القرية, وملئ صوت العصافير الاجواء, والضباب خيم على تلك المنطقة.

كان اريليوس جالسا بجانب جدول ماءٍ يجري وهو ينظر الى الاسماك تمرح في عالمها, اتى والده من بعيد ثم نزل قبالة الماء وارتشف بيده وشرب.

جلس بجانب اريليوس واحتضنه وتحدث قائلا: "اذهب وكل شيئا, سننطلق بعد قليل نحو تلك الغابة واذا حالفك الحظ ستحصل على اول صيد لك".

انطلق الاب وابنه سويا سيرا على الاقدام حاملين معهم اقواس النشاب والخناجر الحادة نحو الغابة المليئة بالحيوانات, تحدث والده بينما يسيرون: "اتمنى ان تكون سنتي تدريبك على كيفية استخدام القوس لم تضع سدى, سنرى مقدرتك على اصابة الهدف".

وصل الاثنان الغابة وبدأوا بالتسلل في ارجائها بخفة وحذر باحثين عن حيوان يمكن اصطياده.

بعد ساعة من البحث في الارجاء, اشار الاب الى ابنه الذي يتبعه بالتوقف وعدم افتعال اي حركة, فقد لمح غزالً من بعيد.

نظر الى عيني ولده ثم حرك رأسه معطيا الامر بان يجرب حظه الابن حظه, سحب اريليوس السهم من الجعبة بحذر, اخذ نفسا عميقا, ثم سحب خيط القوس الى نهايته, وحدق في عيني الغزال للحظات, ومع اول همسة لأذني الكائن الجميل بأحساسه بالخطر, اطلق اريليوس سهمه بكل قوة, فوصل السهم الى هدفه وقتل الكائن فورا.

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن