ضرب بقدمه الارض واتجه نحو خصمه لينازله, في حين توقف الاخر يتصدى له, كان الاول يرتدي ملابس بسيطة ويلف جسمه جلد من حيوان الذئب المتواجد في الغابات المتشعبة, والثاني يحمل درعا سميكة ويرتدي زياً رومانيً في اوجِ اناقته يمثل روما في ذلك النزال.
ضرب الاول بكل قوته محاولا اسقاط الاخر ارضا, تراجع قليلا وتحدث: "اهذا اقوى ما لديك يا اريليوس".
اجاب اريليوس وهو يضرب بكل قوتةٍ وشراسة: "لا تحاول افقادي رشدي حينها ستعرف قوتي يا اوميروس".
ضحك اوميروس وازاح درعه قليلا وواجه اريليوس وبدأت سيوفهم بالتلاحم وصليلها يُسمع في حديقة الجنرال.
الجنود يشاهدون والخدم معهم, وعلى الشرفة اطل الجنرال جالسا وزوجته بجانبه وعلى الجهة الاخرى زعيم القوطيين والد اريليوس وخلفه رجلان يحميانه وبجانبهم رجلان رومانيان وايلوس يقدم الخمر لضيف الشرف.
تبارز الاثنان بكل قوتهما, وفي كل مرة يسقط احدهما ينهض مسرعا ويعود للقتال, كانت معركة بين روما والقبائل يجسدها شابين يحملان انبل الصفات واسمى الاخلاق, فكانت الاقدار حائرة لا تعلم من يستحق النصر فكلاهما يقاتل بشرف ولا يضمر اذية لخصمه, استمر النزال لدقائق طويلة دون استسلام احد منهما, تناثرت القليل من الدماء لكلا المتنافسين, وبات الوهن مسيطرا عليهم لكن لم يعلن احدهما الانسحاب.
نهض الجنرال وتحدث بعد ان صفق بيديه: "انها معركة متعادلة وانتما رفيقان منذ الطفولة, وكذا روما والقبائل فجميعنا نسكن هذه الارض وعلينا العيش بسلام والا فسوف تسفك الدماء ولن يُرى منتصر يوماً, الجانبين اقوياء وخير مثال هؤلاء الفتيان, لقد اثبتوا لي وللزعيم ان روما والقبائل تعيش في انسجام متكامل, لقد كانت مبارزة مشرفة وممتعة, احييكم على شجاعتكم ايها الشابين".
اتجه اريليوس نحو اوميروس وصافحه ثم احتضنه وتحدث: "لقد علمك الجيش اساليب جديدة واصبحت مقاتل لا يستهان به".
اميروس: "وانت تركتك شخص عاديا, واليوم أرى اني نازلت خصما عنيدا يأبى التراجع, انك حقا اشجع من قاتلت".
في كوخ المعلم البسيط جلست زوجة المعلم وهي لاتمس فراش مضجعها, حركت يديها على المكان الذي اعتاد المعلم النوم عليه لعقود جمعتهم سويا, فقد تزوجها وهي في الرابعة عشر, ولم تعرف غير والدها واخيها, وفي يوم من الايام اعطاها والدها لفتى يبلغ الخامسة عشر شجاع هزيل الجسد لكنه مثابر ويُعتمد عليه, كان صبيا يعمل عنده ومن عائلة فقيرة الحال, وحينما كبر وعلم والدها ان عيني ابنته تلمع لذلك الفتى سئله طالبا الجواب بصدق.
فتحدث الفتى مجيبا بصدق, وما كان من والدها الا ان زوجها للمعلم, وبعد سنة توفي والدها فاضطر المعلم ان يبحث عن عمل اخر, سافر نحو هذه المقاطعة حيث وجد عمل جيدا, وبعد سنوات رمته الاقدار ان يكون كبير الخدم والمعالج في بيت الجنرال, لم يعرف غيرها, واحبها بكل ما ملك من مشاعر, كان لها الزوج والاب والاخ, ولم تعشق رجلا غيره.
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...