Part 36: اعتنقي قدركِ

4.7K 321 55
                                    

تسائل في قلبه وهو يجر صخور ذكرياته الحزينة, المليئة بتشققات الخذلان وخيانة الايام, عله يجد جواب لما يجول في خاطره موجعا مشاعره "تُرى اي ذنب اقترفتُ ليكون حليفي الحزن, ورفيقتي الوحدة, واصدقائي الفراق والشوق".

جر حصانه خلفه وهو يمضي ببطئ يتصفح الارض التي يدوس عليها, والخيبة ملئت وجهه, فقاطعت تلك اللحظات وهي تمشي بجانبه وتطرح عليه سؤالا غريب: "هل فكرت يوما في الحب".

اجابها متهربا: "في عالمي لا يوجد مكان للحب, اما السيف واما الصيد".

اكملت مازحة: "اذن كيف تنجبون اطفالكم, الا يوجد في قبيلة القوط عشاق ونساء جميلات".

رمقها بنظرة هادئة ثم اكمل: "بلى يوجد, لكننا نعطي الاهمية لاكبر للاعمال الشاقة واعانة بعضنا البعض, لان حياتنا قاسية, وليست مثل حياتكم".

فلوريا وهي تحلم بحياة اخرى تحدثت: "كم اتمنى ان اعيش حياة بسيطة في كوخ صغير".

اريليوس: "وتتركين كل هذا النعيم, صدقيني حالما تكون احلامك حقيقية ومع مرور ايام قليلة ستتمنين العودة لاحضان عائلتك وحياتك السابقة".

صمتت قليلا وبدت الخيبة واضحة على ملامحها ثم اكملت تقول: "ان كل ما تراه من نعيم, لا يملك قليلا من المشاعر التي تهبا باقي الكائنات لصغارها, فوالدي كما ترى رجل حرب وسياسة واغلب وقته منشغل في امور ادارة المقاطعة, ووالدتي المسكينة التي تبحث في ثنايا قلبه عن كلمة غزل او حب فلا تجدها, وتُجبر ان تتصنع الابتسامة الدائمة وتساند زوجها في اجتماعاته المهمة التي يملؤها النفاق والغدر لرجال السلطة المتعطشين للدماء, صدقا لا اريد ان اتزوج رجلا يفكر في الحرب والسياسة ويراني كعبدة له وجسد ينجب الاطفال فقط".

اريليوس: "هذه حياتك المقدرة لكِ, تقبليها, وحاولي ان تجدي الحب بنفسك".

فلوريا: "رغم انك قضيت سنوات عديدة برفقتنا, الا انك لم تحتك بعالمنا الحقيقي, ذو الفكرة المادية والطابع التسلطي, الذي يحكمه ذوي النفوذ الجشعين, ومعظم الزيجات التي تحصل من زواج, ما هي الا مجرد مصالح وتحالفات لتقوية الروابط الدموية بين الاسر العظيمة, كم اكره ان اكون ضمن خطة لوالدي, يبيعني لاجل تحالف من احد كبار السطلة وهو يظن بذلك انني سأكون سعيدة وانجب صغار يكبرون على حب السيف والدماء والسلطة, ليموتوا في مقتبل شبابهم جراء غدر او حرب".

نزلت الدموع من عيني فلوريا وصمتت وهي تتأمل كلماتها التي ايقنت انها متحققة لا محالة, رغم تعاسة اريليوس وانشغاله بالقلق على رفاقه, تمالك نفسه واكمل يقول محاولا تهدئتها: "لا تفكري بهذه الطريقة, واصنعي مستقبلك بنفسك, ابحثي عن الحب وحين تجديه قاتلي بكل ما لديكِ للحصول عليه, لا تدعي احد يختار لكِ حياة انتِ لا تريديها".

فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن