أعطى اتيلا الاوامر بالهجوم, واندفع المئات بكل قوتهم نحو البوابة, يركضون كالوحوش ينادون بلهجاتهم المختلفة وصرخاتهم التي تنادي بالويل والتضرع للالهة بنصرتهم.
انهالت عليهم سهام ورماح الرومان, وقتل المئات منهم, لكنهم لم يكفوا عن التوافد بالمزيد, حتى استطاعوا الالتحام بالجنود الرومان.
تناحرت السيوف والفؤوس, وتحطمت الدروع والعظام, والفوضى سيدة الزمان.
سقطت البوابة الرئيسية ودخلت الحشود المتعطشة للدماء, والامبراطور ورجاله وكل جندي تواجد في تلك البقعة استمر يقاتل بكل ما لديه, فخلفهم تقبع عوائلهم البريئة التي لا ذنب لها في جنون الحروب والمعارك.
وتحطمت جدران المدينة الشرقية, واوشك العدو على التغلغل منها نحو ازقة المدينة, وبدأت الفيالق تخسر قوة رجالها واعدادهم تتضائل امام المد المستمر من القبائل البربرية في الجبهة الغربية وخاصة بعد تراجع الفيالق وسقوط الغابة بيد البرابرة.
اصبحت السماء مليئة بالدخان والغيوم الكثيفة, وفشلت الامطار في اخماد شدة النيران المستعرة, واستحوذ الذعر والخوف على كل شبر في ازقة المدينة.
قرعت اجراس الكنائس القليلة, وصلى الرهبان يتوسلون للرب ان يجند روما ويخلصها من جيوش الشياطين القادمة من كل حدب.
وبكت النساء والاطفال وهم يتوسلون الرب ان يزيح عنهم ذلك الكرب المريع, ويحقن دماء رجالهم المتواجدين في الميادين.
وبعد صمود دام عدة دقائق وتكوم المزيد من جثث الاعداء, تمكنوا من تحطيم الجدار البشري الذي صمد بوجههم وحصد المئات منهم, واستطاعوا تحويل المعركة الى حرب شوارع وقتال بالسيوف بين البرابرة والرومان.
قاتل ايرلندر وبجانبه تيرينا وهم ينزفون, غير مكترثين لجراحهم, وقاتل بيروس يسانده الراهب بكل بأس وشدة.
وانفردت كلاريس تقاتلهم وحدة بصمت وخفة, تقتلهم واحداً تلو الاخر.
وهنت تيرينا وتعبت يداها من قوس النشاب, ولم تتوقف حتى نفذت السهام من جعبتها, فسحبت سيفاً رومانيا منغرس في احد الاجساد, واستندت نحو ظهر ايرلندر واستمرت تقاتل.
تحدثت وهي ترتجف قائلة "ايرلندر, لا اريد ان نموت, اريد ان يرى ولدي نور الحياة".
تفجرت الدموع في عيني ايرلندر وصرخ مجيبا اياها "لن نموت يا حبيبتي, سننجب الكثير من الابناء, وسنعيش بسلام".
لم تكن ماهرة بالقتال بالسيف, لكنها لم تستسلم ابداً, اكملت تقول بصوت يستحوذ عليه اليأس "لكنهم يستمرون بالقدوم اكثر فأكثر, ايرلندر اريد ان اخبرك شيئا".
نظر نحوها ايرلندر وحدق في عينيها ثم اكمل يقاتل وهو ينتظر سماع كلماتها, تحدثت تقول "يا زوجي العزيز, لم يخطر لي ابداً حينما تراجعت كلاريس عن قرار زواجها بأنجلينيوس انك ستقدم على تلك المفاجأة, لكنها كانت اسعد خبر سمعته في حياتي, والليلة التي قضيناها معاً كانت اروع ليلة يمكن ان تحضى بها اي فتاة على وجه هذه الارض, لقد وهبتني حباً لن استطيع رده لك مهما حييت, واني سأسمي ولدي اذا كتبت له الحياة "انجيلينيوس", اني احبك للابد".
أنت تقرأ
فُرسانْ المَمْلَكةُ الضَائِعَة
Historical Fictionوبين ثنايا الدهر وحتى في احلك الايام, حين يكسو السواد شعر الارض والمدن, وتُغطى السماء بلون الليل الاسود الداكن, ويوشك اسياد الشر على الانتصار. حينها يرتقي ضوء الحق, وتنافس شمعة الامل رياح الشر وتتشبت بقلوب خير البشر, وتزداد شرارة كلما قست الحياة على...