درجات

89 34 43
                                    

  مرحبًا سيدِي.

  ألم تشتق لِي؟

   ماذا تقول؟ 

  نسِيتني أصلًا؟

تبًّا لك

  المُهِم اليوم آخِيرًا أنهيتُ تِلك السنة الدراسية المشئومة.

  ظننتُ أنّني عندما دخلت الثانوي بِأنني خرجتُ مِنْ الجحِيم ذاهِبًا لِلجنّة، لم أدري أنّني كُنت في الجنّة.

  كم أنّ الإنسان أحمق لا يشعُر بِالذِي في يديهِ إلّا عندما يزول.

  كما تعرِف أنّنا أنهينا الاختبارات في اليوم الثامِن والعشرِين مِنْ الشهر الرابِع وها نحنُ ذا فِي بِداية اليوم الثانِي مِنْ الشهر السادِس لرُبما تفاجيء المُدرِّسين بإنّهُم يجِب عليهُم تصحِيح كُل تِلك الأوراق!

  على كُلٍ لن استطِيع التحدُث أكثر مِنْ هذا وإلّا رُفدت مِنْ المدرسة مُكملًا ما تبقى لي من المُتبقي في الثانوية أبحث عنْ مدرسةٍ آُخرى؛ لِأنني لم استطع كبح ما أُرِيد قوله.

  اليوم والحمدلله وبِدون حسدٍ اكتشفتُ أنّني أكبر حُمار، وكُل يومٍ أذهب إلى المدرسة أو الدرس لِأعدّ كم عدد بلاط الأرضية.

  لو دلّت دراجتي على شيءٍ فأنها تدُلّ أنّني لا أعرِف عنْ الموادّ سوى اسمائِهم، لِمَ كُل هذا التفوق الذِي أصابنِي؟

  لن أقول أنّني كُنت أدرِس ليل نهار أو أدرِس على ضوء مِصباح الشارِع كما كان يفعل أبائِنا وجدودنا.

   لم أكن ادرِس أصلًا، لرُبما أنهيتُ الموادّ فقط وعِندما قُلت سأبدأ بِالمُراجعة وجدتني في اللجنة مُتذكِرًا الأفيه
«بسم الله الرحمٰن الرحِيم، أنا إيه إلا جابنِي هنا؟»

  أولى ثانِوي ستظلّ وصمة عار في تارِيخي كلهُ، المُثِير لِلسُخرِية أنّك تقول ستُعطِي لِنفسك فرصةً لِترى نفسك في أدبي أم عِلمي لِتكتشف أنّ مكانك في حظِيرة الحمِير.

  أخبرُك بِسرٍ خطِيرٍ؟
انا أصلًا كل هذا غير مُقتنِع بِأنّني دخلت أولى ثانوي أصلًا، عقلي يأبى التصدِيق.

  أصابتنِي حالةً مِنْ اللا شعور وهذا أسوأ مِنْ الأكتِئاب لو تدرِي، تعِيش فقط غير متأثر بِأيّ شيءٍ لرُبما بعض القلق والحُزن عليهِ رشّة مِنْ الغضب لِتكتمل اللوحة.

  ها أنا ذا أصيح على النتيجة واضِعًا قدمًا على قدمٍ ناظِرًا لِمُستقلبي الذي أصبح ولله الحمد غير موجود أصلًا، بعيد عنْ المُزاح شعورٌ مِنْ الصدمة مستولي عليّ مُحاوِلًا التصدِيق أنّ أُجر المواصلات -كما نقولها بِالمصرِي- المكتوبة هي درجاتِي.

  لا داعي لِلغضب أهم شيء جِملة
«جاهِلٌ ومنقولٌ لِلصف الثانِي الثانِوي»
المُهم أنّ السنة مرّت.

نتظاهِر بِأنّنا نجحنا ولا أُرِيد حرق المفاجأة سيتكرر هذا النِظام في ثانية ثانوي.

  وأمّا عنْ السنة الفاصِلة ستجِد نفسك إمّا منتحِرًا أو فاقِدًا لِعقلك، أُحادِثك وأنا مُمسِك بِالشهادة مُتسائِلًا أيّ مِنْ الأمرِين سيحدُث معي، أنا أُرجّح الأوّل.

  كما تذوقت حلاوة النجاح في الشهادة الإعدادِية يجب أنّ أتذوق مرارة الفشل في أولى لم أدرِ أنّ طعم الفشل سيئٌ لِتلك الدرجة، لن يزول مِنْ فمي بل لرُبما يزداد السنة القادِمة عندما استلِم النتيجة مكتوبًا بِها
«جاهِلٌ ومنقولٌ لِلصف الثالث الثانِوي»

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
2/6/2021

تم التعديل: 16/9/2023

آراء مُتسلطةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن