هل تسمح لِي بِالجلوسِ بِجانِبك؟
لا تستغرب، أتعرِف سيدِي؟
أحيانًا تحتاج أنّ تتكلَم فقط دون أنّ يُرُدّ عليك أحد، مِثلما أشعُر الآن بِالرُغِم إنّنا فِي الشهر الكرِيم ويجب أنّ نشعِر بِالطمأنِينة ولكن يشهد الله أنّنِي أَمُرّ بِأقسى أيامِي، رغم كون عُمرِي سِتة عشر عامًا ولكننِي شهدتُ قلقًا غرِيبًا.فهل لك أنّ تستمع إِلى قصتِي قليلًا؟
أخِذك لِأعماق ما يُقلقنِي لعلِي أهدأ قليلًا؟
استرخِي فرُبما أطِيل فِي الكلام.أُرِيد أنّ أحكِي لكَ عن مُشكلتِي سيدِي، أنا شخصٌ أُقدِّس الذِكريات والماضِي والأيام الماضِية.
أَتَعَلَّقُ بِكُل شيءٍ حتّى لو دام لِلحظاتٍ يظلّ في ذاكرتِي بِالسنواتِ.
مثلًا: كُتت استمع لِأغنيةٍ وكُنتُ ألعب أو أُحادِث أحدًا مِنْ أصدقائِي أتذكّر المُحادثة بِكُل حذافِيرها.
مُحادثة صدِيقي أمس أقرُأها الآن بِكُل حُبٍّ رُغم مرُور بِضعة ساعاتٍ.
أتذكّر لحظات طفولتِي الغرِيبة مع الأقِرباء وأخوتِي رُغم أنّها أيام كفِيلة بِجعلِي أقتُل نفسِي مِنْ الأحراج.
عِند مُرورِي مِنْ طرِيقٍ مرّرتُ بِه مُسبِقًا مع أصدقائِي أنظُر لهُ وأتذكَّر ما حدث فيهِ.
ستظلّ حبِيس الماضِي، تتعلّق فِي الذكرياتِ لن تشعُر بِنفسك إلّا وأنتَ قد أضعتُ مِنك الحاضِر والمُستقبل.
ويالِيت تِلك هي المُشكِلة فقط، مُشكلتِي تتمحور حول كلِمة واحدِة ولكنّها مُخِيفة «القلق».
تكلمتُ عَنه وأعرِف أنّني أوجعتَ رأسك بِثرثرتِي التِي لا داعِي لها ولكن حقًّا مهما قُلت لن أوفِي ذلِك الشعور المُزعِج حقهُ.
تُرِيد أنّ تبتسِم وتعِيش الأجواء ولكن تشعُر بِانعدامِ الحِياة أمامك.
تظلّ بِلا مشاعِرٍ، تتصنع الفرح لِكُلّ شيءٍ طيّب فعلُه أحدٌ لكَ، تتصنع الابتِسامة رُغم معرفَتك أنّ الجمِيع يعرِف أنّ ابتسامتك مُصتنَعة ولكن تظَلّ مُتمسِك بِها.
إنّ سمحتَ لِلقلق بِالدخولِ لِقلبك سيتسلل إلى أنّ يتمكن مِنْ السيطرة عليهِ وقتها سيظلّ يأكلُ مُنك قطعة فور الآُخرى إلى أنّ يأكُلك تمامًا وقتَها ستتأْكد مِنْ كونِك حقًّا جسد بِلا روحٍ.
وياليت أنّ تكون مشكلتِي هذه فقط، ياليت فعلًا.
مُشكلةٌ آُخرى لا يشعُر بِها غير مِنْ جرّبها رُبما تقرأ كلماتِي بعد ألغاء هذه المُشكِلة -وهذا ما أتمناه- أريدِك أنّ تعرِف شيئًا واحدًا فقط سيدِي كلمتِين مُرعبتِين حقًّا «نظام التابلت»
أعرِف أعرِف أنّك قلبتَ عينَك بِسُخريةٍ وأتى فِي بالِك أنّنِي أبالغ وتبًّا لِي لِأنّنِي أشكو فقط دون أنّ أفعل شيئًا وإنّنا نستحِق هذا وأنّ النِظام ناجِح ونحنُ أعداء الله والوطن.
اهدأ حتّى أستطِيع التكلُّم معك، بِصفتي طالب فِي المرحلة الثانوِيّة تحدِيدًا الصفّ الأوّل الثانوِي لم أرى أبدًا فِي حياتِي صف دراسِي جلستُ أدرِس فيه سبعة أشهُر تقرِيبًا وصف دِراسِي نمتحِن على جمِيع المناهِج مع استنثاءاتٍ بسِيطةٍ في أقل مِنْ شهرِين.
حرفيًا كُل يومٍ بِقرارٍ، كطالب فِي المرحلة الثانوِيّة يجِب أنّ أدرُس مع العِلم إنّنا جمِيعًا نعرِف إنّنا مهما درسنا ومهما بذلنا مِنْ جُهدٍ فِي الدرِاسة لن نجِد ما درسناه.
فِي الشهرِ الكرِيمِ أشعِر بِغصةٍ فِي قلبِي؛ بِسبب رجل أقل ما يُقال عنه أنّه بِرأسِ فرخة -اللهُمَّ أنّي صائِم- يُجرِّب علينا.
لن يشعُر بِنا أحد سِوى مَنْ جرّب شعُورنا.
لكِي تحكُم حُكمًا عادِلًا مُنصِفًا سيدِي يجِب عليك الاستِناع إلى الأصواتِ المُهمّشة المُكَمَمة قبل الاستِماع إِلى ما يريدُون أنّ يسمعوك.
بِصفتِي شخصيتِي المرِحة دائِمًا، فأنا كثِيرُ الابتسامِ والضحك، فِي كُل مُناسبةٍ أو مجموعةٍ أصدقائِك تَجِد ذلِك الذِي يقوُل النِكات والجمِيع يضحك عليها، فِي كُل مجموعةٍ أصدقاءٍ تجِد دائِمًا الشخص الذِي يُخرِج هاتِفه لِيتصوّر معهُم وهو أيضًا الذِي يرفع صورِه مع أصدقائِه المُقربِين بينما هُم يرفعون صورهُم مع أشخاصٍ آخرون.
ترى دائِمًا الشخص الذِي يهوّن على الجمِيع ويُحاوِل أنّ يتواجد فِي أكثر فتراتِ أصدِقائِه حُزنًا وعِندما يَحزن يختِفي تمامًا.
الشخص الذِي يعتبِر فِي قِصة الكُل -شخصٌ عاديٌّ- لا قيمة لهُ سِوى عِندما يشعرُون بِالمللِ ويرِيدون أنّ يثرثوا مع أحدٍ، يعرِفون أنّه متفرِغٌ دائِمًا لِذا لا مانِع مِنْ الثرثرة معهُ.
تجِد شخصٌ يُحِبّ أصدقائِه جدًا مع الرُغم أنّه يعرِف أنّه ليس الشخص المُفضّ لِأحد، إنّه اعتاد على أنّ يكون «شخصٌ عاديٌّ» سيموت أو يذهب فِي اللا مكانٍ لا يُهِم، لِنستبدِلُه بِأيّ شخصٍ آخرٍ.
هذا لِيس شخصًا عاديٍّ هذا أنا.
تعودتُ دائمًا أنّ أكون القِطعة المفقُودة مِنْ الصورة، القِطعة التِي لا يتذكّرها أحد إلّا عِند اكتِمال الصورة.
تعودتّ أنّ أهوّن على أصدقائِي وهُم يبكونُ وأحاوِل إخراجُهم، أستطِيع إخراج الجمِيع مِنْ أحزانهُم ولا أستطِيع إخراج نفسِي.
لا أقول أننِّي الشخصُ المِثالِي، فحقًّا أنا أعرِف نفسِي جيدًا لستُ سِوى وجه مُبتسِم سيذبُل مع الوقت لِيموتُ وحِيدًا.
لا أُرِيد أنّ أظهر بِمظهر المُثِيري لِلشفقة أو كما نقول بِالمصرِي -الكلبوبات- ولكن حقًّا كُنت أُرِيد البوح بِما أشعُر بِه.
شُكرًا جزِيلًا لِحُسن استماعك لِي، ولا تعبأ سأتِي لك بِموضوعٍ جَدِيدٍ لِنتحدث بِه بعِيدًا عن تِلك الكآبة التِي ازعجتك بِها.
والسلام عليكُم ورحمة الله وبركاته.
14/4/2021
تمّ التعدِيل: 9/11/2023
أنت تقرأ
آراء مُتسلطة
Randomمَنْ أنا؟ لَرُبما تسألت سَيْدي عَنْ مَاذا أكون؟ باختصارٍ سَيْدي، أنا صوتُ صِياح كُل طَالِبٍ أو مُرَاهِقٍ مصري أو مصريةٍ، أنا الصوتُ المُهَمَّش غير المَسْمُوع. أنا الأفكَار والآراء التي يُهمِلها الكُل بِحُجّة صُغر السِنْ. أنا دائمًا المَنسِي وَسَط...