«شِدّ حِيلك يا مالِك لقد كانت طيّبة حقًّا، البقاء لله!»
قالهَا مُحاوِلًا التهوِين على الذِي أمامهُ، ردّ بِصمتهِ -الذِي كان مُتوقع-
جلس بعدما غادر المُتحدث، نظِرًا حولهِ، الكثِير مِنْ المُبالغة والأشياءِ التِي لا تستحقها؟، لِمَ كُل هذا لِشخصٍ مثلهِا؟
سمع صوت مرأةً عالٍ -نسبيًا- تُحادِث زوجِها: «معروفٌ عنْهُ أنّهُ كان عاقًا لها ولا يُحبَّها، أشقاها في حياتِها ويُمثّل الحُزن عليهَا بعد وفاتِها؟، أيّ نوع مِنْ المُنافِقين هو؟!»
أغمض عينيهِ بِمرارةٍ وسُرعان ما رُسِمت ابتسامةً تحمل مرارةً كُل ما عاشهُ.
عَدّ الثواني لِانتهاء كُل هذا، فور فَضّ الجنازة هرول لِبيتهِ الذي لطالما كَرِه دخول البيت بِسببها، دخله لِأوّل مرة دون الخوف مِنها.
تجوّل بِالحِذاء داخِل ثنايا البيت، وجّه نظرهِ لِلسجِاد الذِي لطالما أتعبهَا في تنظِيفهِ، وبِدون تفكيرٍ منهُ أحضر كوب عصٍير مِنْ الثلاجة لِيسكُبها عليهَا.
جرّ قدميهِ تِجاه غرفتهِا، لاح بِعينيه في الغُرفة لِيتسلل إليهِ شعورًا بِعدم الراحة والخنقة العابِرة،
ارتمى على سريرها الذي كان يكرههُ، كم أراحهُ عدم سماع صوت صياحها في الأرجاء.غفا لِأوّل مرة على السرير لِيُقرر عقله وقتها عدم رحمته.
عاد بِذاكرتهِ لِلوراء عندما كان طِفلًا يحتاج لِلشفقة والحنان ولم يجِد أيّ منهُما.
«أأنت مريض!»
صرخت في وجههِ بِكُل قسوةٍ دون أيّ مُرعاةٍ لِصُغِر عمرهُ أبدًا.
تجمعت الدموع في مُقلتيهِ مُعلِنًا عنْ بِدء وصلة بُكاء آخرى؛ فلم تجِفّ عينيهِ مِنْ الوصلة السابِقة.
انفرجِت شفتاه وقبل نزول أُولى دمعتهُ لِتوبّخهُ مُهدِدة: «إنّ بكيت سأضع الفُلفُل الحارِق في فمِك مِثل المرة السابِقة!»
نظر لها بِكُرهٍ طفوليٍّ مُبتلِعًا ما أراد البوح بِه، جرّ قدميهِ إلى غرفتهِ مُندثِرًا تحت الغطاء.
استيقظ بِكُل حماسٍ تنافى معْ الدموع التي ذرفها مُرتدِيًا ملابسهِ قبل استيقظاها، حضّر إفطارهُ وإفطارها.
جلس وعلى وجههِ ابتسامةٌ برِيئةٌ، عدّ الدقائِق لِاستيقظاها.
بِمُجرد رؤيتِها إياه قالت ساخِرةً: «لقد استيقظ الغبيّ!»
ردّ عليها مُبتسمًا: «صباح الخير يا أُمي!، لقد حضّرتُ الإفطار!»
بِمُجرد رؤيتهِ حتّى صرخت: «ما هذا القرف!، أتُسمَي هذه القِمامة إفطار؟!، ماذا فعلت في المطبخ!، عِقابًا لك ستذهب دون أنّ تضع أيّ شيءٍ في فمك وإنّ عرفت أنّك أكلت شيئًا في الخارِج سأمنعك مِنْ الطعام والخرُوج لِمدة أسبوعٍ أتفهم!»
بصقت السِهام في وجههِ تارِكةً إياه غارِقًا في الكُرهِ والحُزن.
مسح دموعهُ، مُغادِرًا مِنْ البيت مُتجِهًا لِلمدرسة، حاول التحدُّث مع المُعلِمات لكن الردّ الذِي حفظهُ «أنّها خائِفة عليك!»
عاد لِحاضرهُ، مُستيقِظًا مِنْ النوم ثُم نظر لِلمرأة
لِيجِد هالاتهِ السوداء التِي فضحت إدمانه، عينيهِ المُشبّعتان بِالحُزن.حدق في نفسهِ طوِيلًا مُتذكِرًا شيئًا مِنْ الماضِي.
انتزعت كُل ذرة حُبٍّ مِنْ قلبه، انتصر عليها الكِبر ولم تستطع قدميهَا الاستمرار في مُهمتِها.
فكان يستيقِظ قبلها ويخرُج مِنْ البيت لا يعود غير وهو غائِبٌ عنْ الوعي ويبدأ بِالُصراخ لعلهُ يخرُج الكُره الذِي دُفن داخلهُ.
أصدقاؤه الذِيين ضحكوا عليهِ وسيطروا على تفكيرهُ تحت مُسمى مصلحتهُ ومصلحة صحّتُه النفسِية.
عاد لِحاضِرهُ، هزّ رأسه مُنفِضًا تِلك الذِكريات مِنْ تفكِيره.
تذكّر خوفهِ عِند ظهور حبوب وجههِ كأيّ إنسانٍ طبيعيٍّ لا ينسى عِندما حاول عِلاجها وأحضر دواءً ولم يفعل شيئًا سِوا أنّه اعطى نتيجةً عكس كُل ما تخيّلهُ.
لم تعطهُ أيّ قِرشٍ لِمُدة خمسة أشهُر تقرِيبًا عِقابًا لهُ.
أفاق مِنْ كُل هذا، قال ضاحِكًا بِجنونٍ: «أقسم أنّني سأفعل أيّ شيء يجعلك لا ترتاحِين في تُربتِك!»
في أقل مِنْ خمس دقائِق جعل البيت كحظِيرة حيوانات بل وأسوأ!
نظر لِلحبوب المُخدِّرة وأخذها جُرعةً واحدةً، لِتزداد ضربات قلبهُ.
فورها تذكُّر عِندما وضع بعض السِمّ في طعامهَا في فتراتٍ مُتباعِدةٍ.
صُداعٌ حَلّ بُه وتذكّر وقتها عِندما كانت تشكو مِنِ الصُداع وكان يضحك عليهِا.
دارت الأرض بهِ ولم تكن سِوا لحظاتٍ حتّى هوى جسدهُ على الأرض.
دخل عليه الجِيران بعد أسبُوعِين مِنْ اختفائهُ، صرخةٌ غادرت أفواههُم!
على الأرض ميّتًا، بِعينين جاحِظتِين، قال أحد المتواجدِين «فقد عقلهُ، حيث ظلّ يتوهم طِيلة تِلك السنين بأنّ والدتهُ تعذبهِ بعد وفاة أبيه ولم يعلم أنّها ماتت مع والدهُ في الحادِثة!، وأنّه كان يعِيش بِمُفردهُ طِيلة تِلك السنين!»
ردّ عليه أخرٌ: «حتّى أنّه فعل عزاءً ولم يحضرهُ أحدًا وكان يقوم ويُسلِّم على أُناسٍ غير موجودِين!»
3/1/2022
تم التعديل: 1/9/2023
أنت تقرأ
آراء مُتسلطة
Diversosمَنْ أنا؟ لَرُبما تسألت سَيْدي عَنْ مَاذا أكون؟ باختصارٍ سَيْدي، أنا صوتُ صِياح كُل طَالِبٍ أو مُرَاهِقٍ مصري أو مصريةٍ، أنا الصوتُ المُهَمَّش غير المَسْمُوع. أنا الأفكَار والآراء التي يُهمِلها الكُل بِحُجّة صُغر السِنْ. أنا دائمًا المَنسِي وَسَط...