«كَان فَكِرة ثُمّ حُلْمًا ثُمّ بَاتَ جُزْءًا لَا يَتَجَزأ مِنْ وَاقَعها وخَيَالِها»
الأَمْر ذَاتّهُ يَتَكَرر، نَفْس الشَخْص الذَي تَحَلُم بِهِ، مَلَامِحهُ غَيّر الوَاضِحة عَادَا ابتِسَامتهُ المُشِرقة مَع عَينَين بُنِيَتَين وكَأَنّ فِنْجَانًا مِنّ القَهَوة سُكِبّا دَاخِلهُما.
بِانْزِعَاجٍ وَاَضحٍ قَامَت مِنْ سَرْيِرُها تَلعَن السَاعَة التَي يَدُّق فِيها المُنَبِة لِلاستِيقاظ، بِخُطٍ بَطِيِئة تَوَجَهت لِلمِرحَاض استَعدَادًا لِيَومٍ جَدْيِد.
استَقَرت عَلى الفِرَاش تَحَاول تَفسِير مَا تَحْلُم بِهِ، مَنْ هَذَا ولِمَ يَظهَر لَها عَلى وَجْه التَحْدِيد، لَاحَ بَصَرهُا فِي الأَرجَاء مُنَغَمِسة فِي التَفْكِير.
أَيَمْكِن أَنْ تَكُون قَدّ رَأتهُ قَبلًا؟ أَمْسَكت بِهَاتِفهَا تَبْحَث عَنْ مَا يُؤرِقها.
رَفَعَت شَفَاتِها لِلأَعلى مُصَاحِبة بِنَظرة اسْتِهزَاء، ودُون إِدرَاك مِنهَا قَرَأت بِصوتٍ عَالٍ: «ظُهُور مَجْمُوعة شَبَاب لِلعَزبَاء دَليل عَلى زَوج المُستَقبل أو الخَير»
دَقِيقة مَرّت ثُمّ أَلقَت بِهَاتِفها بِسُخْرِية وهَيّ تُنَادِي: «زَوجِي المُستَقْبلِي وَقُرة عَينِي أَين أَنْتَ»
هَبّت مِنْ مَكَانِها بِسُرعةٍ أَمَام دُولَاب مَلابسُها، أَختَارت قَمِيص أَسُوَد اللون عَلى بِنطَال أَسُود ولَفت حِجَابُها الأَسُود، وَقَفَت أَمَام المِرأة وَضَعت مُلمّعًا للِشفَاه ثابت لِوقتٍ قَصِير بِلون الأحَمر الفَاتح وَوَضَعت كُحلًا أَسوَد مُبرِزًا لَون عَينَها المُحَاطة بِرموشٍ كَثِيفةٍ.
خَرَجت مُتَسَلِلة مِنْ اُمها التَي لن ترحمهَا إنْ رَأَتَها بِكُلّ هَذَا السَوَاد، بِسُرعةٍ ارتَدَت حِذاءُها الأَسَود وغَادَرت المَنزل.
أَوقَفت سَيَارة أُجرة مُتَجِهة لِمَكَان عَمَلُها، نَظَرُها المُثَبت لِلخَارج دَلّ عَلى أَمرٍ يُؤرِقها.
أَفَاقت عَلى صَوت السَائِق وَهُو يَقول:« وَصَلنَا يا أَنِسة»
أَعطَتهُ أَموَالهِ، تَرَجَلت مِنّ السَيَارة مُتَجِهة لِقر عملهَا.
بخطٍ واثقةٍ دخلت المبنى بِذهنٍ مُنشغلٍ لا يتوقّف عنْ التفكِير وعينين شارِدتين لا تُبصِر أمامها، تخطت كل شيء أمامها مُتجهة لمكتبها حفظته على ظهر قلب.
ألقت نفسها بتعب أمام المكتب واضعة حقيبتها مُمسكة بقلمها مستعدة ليومٍ طويل ومتعب، مرت صديقتها بجانبها حمحمت ثم قالت: «صباح الخير»
وكأنها تُكلم نفسها أو تُكلم سراب لا وجود له فقط ممسكة بالقلم تلوح بهِ في الأفق وتُفكر.
أنت تقرأ
آراء مُتسلطة
Randomمَنْ أنا؟ لَرُبما تسألت سَيْدي عَنْ مَاذا أكون؟ باختصارٍ سَيْدي، أنا صوتُ صِياح كُل طَالِبٍ أو مُرَاهِقٍ مصري أو مصريةٍ، أنا الصوتُ المُهَمَّش غير المَسْمُوع. أنا الأفكَار والآراء التي يُهمِلها الكُل بِحُجّة صُغر السِنْ. أنا دائمًا المَنسِي وَسَط...