«لَمْ أجِد أبَدًا صوتًا يَدخُل فِي أعمَاقِي لِيُخرِجنِي مِنْ ظُلُمَاتِ اليأّس مِثَّل صَوْت عَبْد الحَلِيم حَافِظ.»
انتَظِر مَاذا تَقُول، صَوْت مَنْ يُخرِج مَنْ مِنْ ما؟ عَبْد الحَلِيم حَافِظ؟ أتقصُد ذَلِك المُطرِب الذي تَرَكتهُ حَبِيبَتُه كَثِيرًا؟ أكثِر مِنْ عَدد مرّاتِ تَنْفُسِهِ؟
أُقسِم أَنْهُ أكثْر حَبيبٍ بَائِسٍ على وجه الكُرَة الأرضية، أُرِيد أَنْ أَجِد لَهُ مَرْة لَمْ تَخونهُ، تَقريبًا استنزف كُلْ كلِمات الرِثَاء التي يُمكِن أَنْ تُقال.
بَعِيْدًا عَنْ المُزَاح فَحَقًا حَلِيم هو الوَحِيد الذي يَستَطِيع إيهَامَك أَنْك أَحبَبت مَعْ كُلْ كَلِمةٍ يُغَنِيها تَسْتَمِع لَهُ مُغَلقًا عَينِيك تَتَخَيّل قِصة حُبّك التِي نَسَجهَا بِصوتِه الذِي لا مَثِيل لَهُ.
تَفِيق مِنْ قَصة حُبّك الوهمِية على صَوت خُذلَانهِ وبِنَبْرتِه الهَادِئة يَهدِم لَكَ القِصة وكأنهُ هو القائِد الذي يبدأها بِحماسٍ وفرحةٍ ثُمْ يَهدِم كُلْ حُلمٍ تحلمهُ.
تَبدأ القِصَة بـ «أوّل مَرة تِحِب يا قَلبِي وأوّل يُوم اتهنى ... ليه بيقولوا الحُبّ أسِيّة ليه بيقولوا شَجن ودموع» كشابٍ يَرى الحَياة كُلهَا ورديْة.
وتَنتهَي بـ «وسَترجِع يومًا يا ولدي مَهُزومًا مَكسُور الوِجدَان وسَتَعرِف بَعد رحِيل العُمر بِأنَك كُنت تُطارِد خَيْط دُخان»
نفس الصَوت المُتفائِل والذي بَدأ القِصّة أنهَاهَا بِصدمةٍ قَويةٍ، تَشعُر بِأنهُ ينقِل خِبرَة السَبعة والأربَعُون عامًا قبل أنَ يمُوت.
لَيْسَت جَمِيع العِلاقات فَاشِلة بِالعكس الكَثِير مِنهَا ناجِح ولكن هذا لَيس فِي قاموس حَلِيم أبدًا، فَفِي قامُوس حَلِيم لا تُوجد عِلاقَة كَامِلة نَاجِحة أبدًا.
وبِرغم الحُزن الساكِن فِي صوتهِ وأغانِيه، دعونا نَتفِق بِأنّ الزَمن لن يُكررهُ لنّا مُجدَدًا.
بِرُغم المُعاناة والمرض الذي قضى أكثر مِنْ نِصف عمره -بِدون الدخول في تفاصِيل حياته.-
لِنغوص قليلًا في أغانيه المُفضِلة لديّ مبدئِيًّا: «جبّار» خارِج القائمة أكثر أغنية لا أطيقها.
نبدأ بِقصِيدة «قارِئة الفنجان» هي حقًّا أعظم مِنْ الذوق البشرِي وتبًّا لِكُل مِنْ اعترض، تألِّق نِزار قبّاني في كتابتها.
وأبدع الموجي في تلحينها ومِنْ المُستحِيل تخيُّل أيّ لحنٍ آخر غير لحن الموجِي، وكان حلِيم هو القِطعة المفقودة لِاكِتمال أعظم أُغنية في تَّاريخ الفنيّ في مِصر.
أنت تقرأ
آراء مُتسلطة
De Todoمَنْ أنا؟ لَرُبما تسألت سَيْدي عَنْ مَاذا أكون؟ باختصارٍ سَيْدي، أنا صوتُ صِياح كُل طَالِبٍ أو مُرَاهِقٍ مصري أو مصريةٍ، أنا الصوتُ المُهَمَّش غير المَسْمُوع. أنا الأفكَار والآراء التي يُهمِلها الكُل بِحُجّة صُغر السِنْ. أنا دائمًا المَنسِي وَسَط...