وقفت وسط الخُضرة التي غزّت كُلْ ما حولِها، نمسات الهواء القاسية تتخبّط بِهِا دون أدنى شفقة بِها.
صُمتٌ غِير مُحبّب ساد على المكان، سارت بِعينين تَفِضيان شوقًا وحُزنًا.
قلبها الذي آلمهَا، تذكّرت قبل فترةٍ ليست بِبعيدةٍ.
-العودة لِلخلف-
ليلٌ ساد على المكان لِيَضِيف لهُ رَهبةٌ، نبست فتاةٌ بِمعطفٍ بِاللون الأحمر وكتفّيهِ بِاللون الأبيض وعليهِ بعض الكلمات الانجليزية ويزيّنهُ عِدّة أزرة بيضاء أغلقتها مع حجابٍ أبيضٍ: أتتذكر يا نوح؟ عِندما كُنّا نسير وسط تِلك الحقول ونتحدّث بِطفولةٍ دون أن نأبه لِشيءٍ يؤرقنا؟
كتّف نوح يديهِ وهو يتحدّث: ومن ذا الذي ينسى، وكأنّنا كُنا هُنا بالأمس ليان.
نبست بِنبرةٍ غريبةٍ: متى كَبِرنا؟
-العودة لِلواقع-
أفاقت مِنْ شرودِها بِسبب برودة الجو، سارت نحو مكانٍ حفظتهُ مِنْ على ظهر قلب، سارت السلالِم القليلة التي تُؤدّي إلى المدخل، المِقعد الطويل الذي بِجانب الباب وعليهِ حصيرةٍ ذَبلت معْ الوقت، الخشب الذي على الشُرفة يحكي قِصة نافِذة مِنْ الخشب تساقطِت بِفعل الهواء.
أدخلت المِفتاح لِلباب وكم آلمها قلبها، البيت الذي ظلّ قِرابة العشر عقود مفتوحٌ على مصرعيهِ لا تُطفيء أنوارهُ ولا يصمُت صوتهِ بات هادءًا، مُظلمًا فقد الدِفء الذي كان يتميّز بِهِ.
جلست على الأريكة التي بِجانب الباب، تبسمت بِآلمٍ فور تذكّرها لِجدّتها التي كانت فور سماعهِا لِصوتٍ في الخارِج تهبّ لِاستقبال مَنْ حضر.
عادت لِذاكرتهِا لِلوراء.
-العودة للماضي-
صوت ضجيج الأطفال الذين يصرخون فرحًا تارة وغضبًا تارةً آخرى.
صاح طفلٌ بِمللٍ: متى سيأتي خالد بِالشطائِر؟ لقد مُتّ جوعًا.
أتاهُ الردّ مِنْ طفلٍ: تحمّل يا أدهم.
ما هيّ إلا دقائِق حتّى فُتِح الباب مُعلنًا عنْ وصول الشطائِر وحامِلهِا، صاح الأطفال في فرحٍ آخيرًا أتى ما سيسدّ جوعهُم.
صاح الطفل: آخيرًا يا خالِد، لِمَ تأخرت!
لم يآبه الآخير لِصياح الذي أمامهُ لِيمدّ يديهِ آخذًا شطيرة ثُم ابتعد عنهُم ثُم نادى بِصوتٍ هادءٍ: ليان، تعالي.
خرجت مِنْ الغُرفة بِاستغرابٍ لِيناولها خالد الشطيرة قائِلًا: هذا نصيبك.
حاولت الاعتراض دون فائِدةٍ تُذكر لِتشكرهِ بِامتنانٍ واضحٍ.
- العودة لِلواقِع-
تبسمت بِحنانٍ لِتنبس بِآلمٍ: كبِرنا دون أنْ يُنبّهنا أحد، كبرنا دون أنْ نعرِف أن عالم الكِبار مُوحشٌ، كُل شيء بات ذكرى حتّى الضحكات التي خرجت، الدموع التي ذُرِفت، الشِجار الذي كان يحدُث.
أنت تقرأ
آراء مُتسلطة
De Todoمَنْ أنا؟ لَرُبما تسألت سَيْدي عَنْ مَاذا أكون؟ باختصارٍ سَيْدي، أنا صوتُ صِياح كُل طَالِبٍ أو مُرَاهِقٍ مصري أو مصريةٍ، أنا الصوتُ المُهَمَّش غير المَسْمُوع. أنا الأفكَار والآراء التي يُهمِلها الكُل بِحُجّة صُغر السِنْ. أنا دائمًا المَنسِي وَسَط...