حُدُودٌ مُشترَكةٌ وثأرٌ مُتوارِثٌ..

74 14 28
                                    

  سيدِي الغالِي الذِي أُحِبّه واِشتقتُ لَهُ كثِيرًا، قبل البِدء فِي الحدِيث أكمِل لِآخِر المقال حتّى تَفهم سبب غِيابِي وأسفٌ على هذا.

   المُهِم سيدِي المُقرّب لِقَلبِي ومُتحَمِل ثَرثَرتِي الدائِمة ولِلصُدفة أنهُ قبلَ أيامٍ كان أوّل لِقاء سويًّا، أوّل مرة نلتقِي وأفتحُ لكَ قلبِي وأفصِح عمّا بِداخلِي.
  
  المُهِم لِنتركنا مِنْ تِلك العاطِفة ونُرَكِّز على ما يحدُث في إخواتنا الذِين على بُعد كَم كِيلومترات.

   على بُعد كم كِيلومترات تفصِل بين الموتِ والحياةِ، الشبع والجُوع، العطش والارتواء، نحنُ جميعًا -أُقسِم لك سيدِي- نودّ لو نُدافِع عنهُم، أُؤكّد لكَ -سيدِي- أنهَا لو باتت معرَكة بينَ إسرائِيل والشعبِ الفلسطِينيّ والمصرِيّ والأُردِنيّ سننتَصِر قَبل الحَربِ أصلًا.

  هُم ليسُوا أصحاب الأرض فلا يَهتمُون بِها، لا يَودّون تقدِيم أرواحهُم، لا يَودّون لِدمائِهم أنّ تروِي تِلكَ الأرض فَهِي ليست بِالشيءِ الذِي يستحِق أنّ يَموتوا مِنْ أجلِهِ، على عكسِ الفَلسطِينيِّ الذِي يجمَع جُثث أخوتِه مِنْ تحتَ رُكامِ بيتهِ المُهدّم بينمَا يصرُخ بِأنه لَن يتركُ أرضهُ وأرض أجدادهِ.

  هُم مِثلنا أيضًا ضُعفاء، خائِفون، مَرعبُون يستحقُون الحياة، أطفالِهم مِثل أطفالنا، يجِب أنّ يَحظُوا بِحياةٍ عادِلةٍ، يَستحِقُون الطّعام الشراب والهواء المُناسِب والنَقِي غير المُعكَّر بِالبَارُودِ وباقَيا الرُكام والأترِبة، يستحِقُون الأمن والآمان، قضاء أسبُوع بِدونِ تِلك الزنّانات، يستحِقُون عَناء وصُعوبة الدِراسة ليسَ عَناء النُزوح و وليسَ الموت، أو رؤية أحبّائِهم إمّا خائفون أو أشلاء.

  دَعنا مِنْ كُل هذا لِنتحَدث عنْ الاحتلالِ بِوجهةِ نظر مصريّة، بِصفتِي شاب وُلِد ولا يَزال يعِيش فِي مصر -بِكل أسفٍ- بِسمِ الله الرحمٰن الرَحِيم نبدأ الحَدِيث والسرد -لو كُنت عَربيًّا أو تَعِيش في الوطنِ العربِي فتقرِيبًا قصّتنا واحِدة-

   في عامِ 1948 أثناء إعلان قِيام الاحتِلال اتحدت الجُيوش المصرِيّة، الأُردنِيّة، سوريّة، العِراقيّة، اللبنانيّة، السُعوديّة، اليمنيّة لِمُحاربةِ هذا الجيشِ الغاصِبِ المُعتدِي ولكن بِسببِ الافتقار لِأُسسِ الترتِيب والتنسِيق خسرنا الحَربِ لِلأسفِ.

  وفي عامِ 1956 بعد إعلانِ جمال عَبد النَاصِر -رحمهِ ﷲ- تأمِيم قَناة السوِيس شَنَّ الاحتِلال معُه إنجلترا وفرنسا عُدوانًا ثُلاثِي على مصر، خسرنا بِسببِ هذهِ الحرب العَدِيد مِنْ الشبابِ اللّذِين كان يَنبغِي أن يبنُوا وطنهُم ليسَ أنّ يُواروا التُراب تَارِكِين قُلوب أمُهاتِهم تحترِق عليهُم، نُدوبٌ تُركِت في الأهالِي لا تُعالج مهما مرّ عليهُم الوقت، لولا تدخُّل رُوسيا لَكُنّا الآن مهزُومِين.

آراء مُتسلطةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن