الرُمان لرُبما يعني هذا لك فاكهة اعتياديةٌ لرُبما تحبّهُا أو لا تحبّهُا؛ فطعمهِا اللازع الممزوج بِحلاوةٍ مخفيةٍ لا يدركُها سِوى القليلين ومِمّا يُثِير غضبي حقًّا الذيين يضعون السكر عليهِ أتتخيّلون تِلك الجريمة!
المُهم سيدي إنْ قصتي معْ تِلك الفاكهة الحمراء ذات الطعم اللازع مختلفة قليلًا، الآن أختر لك أكثر مكان مريح واستعد لحكايةٍ قد تطُول.
مُنذُ سِت سنواتٍ تقريبًا -وعجبًا لحاضرٍ بات ماضٍ مرّ على ذكراهِ فترة طويلة- دخلتُ لغُرفة العمليات لِأفعل أخطر عملية يُمكِن أن تُفعل.
خمس ساعات اِنقضت داخل الغُرفة مُغيّب عن الوعي بِسبب تِلك الحُقنة التي حُقِنت بِوريدي، لم أفق إلا وأنا أرجّ المشفى مِن الصُراخ حرفيًا.
ولِحظّي السيء لم تكن المُهدّئات تُجدي نفعًا معي حتّى أنّني اتذكر صُراخي طِيلة الليل ألمًا وبكاءً.
أنا الذي لا أشكو مِن ألمٍ عضوي مُطلقًا ومعروفٌ عنّي قُدرة رهيبة على التحمّل لم أقدر على تحمّل ذلك الآلم حقًًا وكانوا أسوء ليلتين طيلة حياتي.
خرجت مِنْ المشفى عائِدًا إلى بيتي لا أفعل شيء سِوى الاستلقاء وكان لا يزال المُخدِّر يجري في وريدي؛ فكنت في حالة مِنْ عدم الوعي، وانقضت ثلاثة شهور مِنْ أسوء شهور حياتي وأتت فترة الدراسة.
وبِسبب العملية لم يكن مسموح ليّ التحرّك أو الجلوس كثيرًا وعدم حمل الأشياء الثقيلة فحصلتِ على أجازة مرضيةٍ ولم أذهب إلى المدرسة أو الدروس؛ ولِذلك كانت دراستي قليلة بِطبيعة الحال.
كنت أقضي ساعاتِ النهار أدرس ما استطعت عليهِ وفي الليل اختلي بِالحاسوب ليلًا والبيت كلهُ نيامٌ.
وكانت هذه فترة ظهور الرُمان في الأسواق، ولم تكن تستهويني؛ لِصعوبة تقشيرهِ ولكن معْ تعلُّم أبي كيفية تقشيرها حتّى بات الأمر سهلًا لِلغاية بل وصل بِي الأمر بِالاستمتاع بِالتقشير.
فكنت أمسك الرُمان في يدي اليُسرى والسكّين في يدي اليُمنى أفعل بِها خطوطٌ طويلةٌ كطبيبٍ ماهرٍ ثُم أبدء في اِخراج الذهب الأحمر الذي بِداخلهِا ثُم أكلهُ أمام الحاسوب اُشاهِد الأنمي الياباني وقنوات بعض البرامج على الأنترنت.
فبات الرُمان مِنْ هذا الوقت إلى الآن مُقترن بِاسمي وبِتِلك الأيام، رُغم مرارة الألم وصعوبتهِ والذي كان يصّل بِي الأحيان -أحيانًا- إلى البُكاء مِنْ شِدّتهِ إلا أنْهُ بات ماضٍ، تِلك الأيام التي كُنت أتمنى أن تنقضي انقضت وباتت مِنْ أشباه الماضي البعيد.
مهما كانت أيامك صعبة فصدقني كُل هذا سيمضي خُذّها مِنْ شخصٍ أقضى نِصف حياته عِند أطباء العِظام وأطباء العلاج الطبيعي، مَنْ يراني الآن مُستحيل أن يُصدق أنّني دخلت عملية شِبه ناجحها ثلاثون أو أربعون في المِئة ولو فشلت لِقضيّت عُمري كُله على كرسٍ متحركٍ.
أسفٌ إن ازعجتك بِكلامي أو بِحديثي لكنّه مُجرد كلام وودت البوح بِهِ.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتهِ.
17/9/2022
أنت تقرأ
آراء مُتسلطة
Randomمَنْ أنا؟ لَرُبما تسألت سَيْدي عَنْ مَاذا أكون؟ باختصارٍ سَيْدي، أنا صوتُ صِياح كُل طَالِبٍ أو مُرَاهِقٍ مصري أو مصريةٍ، أنا الصوتُ المُهَمَّش غير المَسْمُوع. أنا الأفكَار والآراء التي يُهمِلها الكُل بِحُجّة صُغر السِنْ. أنا دائمًا المَنسِي وَسَط...