......
بدا وكأنني أعومُ في العدم ، أركضُ ولستُ بأركُض ، قدمايّ تحولا لريشٍ ، وما عُدتُ أتذكرُ هل كنتُ أتنفس أم لا ، كُنتُ بشريطٍ يتعثر ، بداخِل آلةِ تسجيلٍ معطوبة
ركضتُ كما لم أركُض من قبل بحياتي ، الكُل غادرني واستوعبتُ متأخرًا ولحقتُ بهم ، وتراءت نارٌ عظيمةٌ من بعيدٍ ... مكان منزلي... الذي لم يعد منزلي
فها هُو بيتُ ذكرياتي يحترقُ كما هو أيسري ، فالنيرانُ بصدري أشدُّ حرارةً مما أمامي
ابتلعتُ غصتي وخوفٌ عظيمٌ كبلني كما يفعلُ الدُخانُ ، وأحسستُ بي أرتعشُ مِن فرط الصدمة ، وتبعثر تركيزي حالما رأيتُ الجميع يُحاولون إيقاف تلكُم النيرانِ الجامحة ، شيءٌ هائلٌ قد أكل كُل شيء
لا أرى ملامح الأمانِ أبدًا ، ولا شيء يُرى بهِ أُلفه، كُل ما أمامي لهيبٌ ، النارُ قد أكلت الآمان هُنا وكُل شيءٍ حانٍ
هذا أقسى وأرعب مشهدٍ شهدتهُ في حياتي كُلها ، أرعب من صواعِق السماء المُرهِبة ، كانت نيرانًا شامخةً لا تُومض وتختفي كالبروق ، بل تتزايدُ صعودًا كما أحسستُ بروحي
أرتعش ، أرتجف ، أحتاجُ دفئًا ، أشعرُ ببردٍ شديدٍ وسط هذا الجحيم ، زمهريرٌ أكل عِظامي وقلبي ، ونهش مابقي صالحًا في عقلي
حاولتُ تحريك قدميّ شديدةَ التصلب ، أخذتُ دلو الماءِ أركضُ تجاه النهرِ ؛ أتهربُ من منزلي المُحترق خلف ظهري ، أتحاشاهُ ولا أودُ التصديق رُغم هذا الوضوح
حملتهُ وركضت ، ركضتُ بقوةٍ وصدري يرتفعُ وينزلُ بوحشيةٍ ، سكبتهُ على الحقل وكأنني لم أفعل أي شيء ، بل خُيّل لي أنني أزيدُ من هيجانها ، وهذا ما زاد ضعف يديّ وقدميّ
لا أستطيعُ الحراك ، مُقيدٌ أنا وهذا التشتتُ يأكُلُني قضمةً قضمة.
توقف الجميعُ بعد وصول الإطفاءِ المتأخر ، وصبيبُ المياهِ كبّل بصري وهو يخترقُ هذا السعير
أنت تقرأ
كَاڤاسْ
Mystery / Thrillerلشخصٍ مُشتعلٍ كانت الأسئلةُ المبتورةُ تُغيضني و تستفِزُ هدوئي ، يمزقُ الجهلُ حُشاشتي ولا أحتمله مهما حاولت.. لكنني حالما قابلتك ، افتقدتُ هذا الإشتعال والثوران.. تجسدَت الأسئلةُ على هيئتك الضئيلة ، ومهما حاولتُ أن أقرأ ... أن أقرأُك.. حتى يُشيحُني و...