* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *
±وِجهة نَظر الكَاتِب.
ظَهيرة الجُمعة|| الواحدة وسبعٍ وعشرين دقيقة.
+
كان هذا اليَوم أحد أيام الرَّاحة البديل لجميع العاملين بعدما تَمَّ ملأ يوم راحتهم الأساسي مع ظُهور ظَرفٍ طارئٍ يستدعي استكمالهم العمل به، مما كَان مُضجرًا لجُزءٍ منهم، والجُزء الأخر كانوا مُكتفين بالإيماء والشُّروع بما لديهم على القائمة، فلا يَبدو العِناد أو الضَّجر ذا فائدةٍ بموقفٍ كهذا، ليتبعهم البقية لإتمام عملهم كذلك.
عند هذه اللَّحظة، قام رَئيس العَمل بدعوتهم إلى الغداء كَشكرٍ على كل ما قاموا به وما بُذل من جُهدٍ رُغم كل شيء، تاركًا لهم حُرية التَّحدث بما يشاؤون والتَّناقش معه عمَّا تَبقى من عملٍ موزعٍ على الأيام المُّتبقية، ليُطمئنهم أنَّ المُّتبقي سيسير حَسب التَّرتيبات، لذا ما من داعٍ ليَقلق أحدهم بهذا الشَّأنّ.
أخذ بعضهم يَسير بالبُقعة الخَالية أمام المَّطعم بمن فِيهم هِوتارو، والذِّي انشغل بالتَّواصل مع عائلته ورفاقه مُنذ عَجز عن ذلك بيومه السَّابق، ليُقاطعه اقتراب بعض زُملائه ذويّ العلاقة السَّطحية معه، فيُردف أحدهم بسُؤاله، جاذبًا انتباه الفتى نحوه: كُنت أظنُّ مَاثِيو وأوسامو الوَحيدين المُّتزوجين بيننا، لكنك مِثلهم، مُنذُ متى؟
أجابه المَّعني بالسُّؤال، مُتجاهلًا الطَّريقة التِّي كان يستخدمها: خمسة أشهرٍ تقريبًا، لمَ؟
يُجيبه واحدٌ أخرٌ منهم: أكان زواجًا تقليديًا؟ من طَرف والدتكَ أم والدك؟
يُجيب: لم يَكن تقليديًا ولا علاقة لوالديّ بالأمر، كانت صديقتي بالدِّراسة وشَريكا سكنٍ لأكثر من ثلاثة أعوام، كان قرارنا نحن الاثنان.
عاد أولهم لاستكمال الحَديث بنبرةٍ هازلة: أحقًا تستطيع تَلبية كل الاحتياجات مع تَعدد التزاماتك؟ دِراسةٌ وعملٌ وزوجة؟ الأخران يَعملان فقط، أحدهما تَرك جامعته وتخلّى عن فِكرة إكمالها ومَاثِيو أنهاها بوقتٍ قصير، لذا هما مُتفرغان تمامًا وغيرُ مُشتتان، ألا تَظُنُّكَ تَسرعّت بالزَّواج بهذا العُمر؟
أجاب هُوتارو بذات النَّبرة، مُتجاهلًا طُرق تحدثه المُّلتوية والتِّي يَقصد منها إخفاء ما لديه من نَقدٍ، قائلًا: أخبرتكَ أنَّه كان باتفاق، كلانا يَعمل منذُ وقتٍ طويل، لذا استطعنا التَّأقلم جيدًا مع مُجريات الحياة، لذا لم يَكن قرارًا مُتسرعًا، وعن مُقارنتك لي بهما، فكلُ واحدٍ منا مرّ بظروفٍ مُختلفة، ساعدته على إدارة حياته بالصُّورة التِّي تُرضيه، لمَ تُطيل النِّقاش؟
يُجيب ثالثهم، والذِّي بَقيَّ صامتًا طِوال مُحادثتهم، مُركزًا على ما قد يَبدر من كلا الطَّرفين، قاصدًا رَفيقيه بقوله: لمَ تُصّران على حَشو رأسه بالذَّنب والعبث؟ جَميع العاملين يَعلمون جيدًا بشأنِّ مهارته بإدارة المَّواقف والتَّحكم بما بين يديه، لم يكن ليُقدم على قرارٍ كبيرٍ كهذا لو لم يكن قد انتهى من التَّفكير بكل صغيرةٍ وكبيرة قد تتبع اختياره، سواءً كانت في النَّاحية الإيجابية أو السَّلبية، كذلك ما الغَريب بزواجه بعمرٍ كهذا؟ هو متأخرٌ لعامٍ واحد عن بقية أقرانه بالجَامعة، إنَّه في الثَّانية والعشرين من عُمره، لمَ سَيكون غريبًا أو صعبًا على شخصٍ بعمره؟