±وِجَهة نَظر الكَاتِب.
صَباح الجُمعة || الثَّامنة وثلاثٍ وعشرين دقيقة.
+
"صَوابُكِ لن يُحسِّنَ أي شيءٍ بالنِّسبة لي، لكن إن تجرأتِ وارتكبت خطأً واحدًا، فلن أتردد بإنزال أشد العقوبات بكِ".
كَانت هذه الكلمات تتردد بعقل إيزومي مُنذُ استيقظت وحتى لحظتها هذه وهي تَقف أمام المِّرآة لتصفيف شَعرها، تُحاول بصمتٍ استعادة جُمودِ مَلامحها وإزالة هذه الذَّابلة، والتِّي عادت بها اللَّيلة المَّاضية من زِيارة والدتها، فرغم كُرهها للذهاب وتجنُّبها ذلك، إلا أنّ رَفضها ليس بصالحها ما دام شقيقها غائبًا.
نَفضت الفتاة ما طَوّق عقلها من أفكار ومَشاهد مُعادة من ليلتها السَّابقة، مُلتقطةً حقيبتها ومعطفها، مُغادرةً باتجاه صَرح الدِّراسة لئلا تتأخر عن حِصتها الأولى.
بطَريقها، كانت ذات الأحاديث المُّلقاة عليها بسبب طَبيعتها وهُدوئها تُعاد كل صباح وكأنَّما كان القائل لا يَملك ما يشغله ويُغلق فمه، لكنها كانت غارقةً بحُزنها المُّتنكر خَلف قِناع الجُمود الذِّي ارتدته ملامحها، حتى شعرها بهتفٍ مألوف باسمها، جاعلًا إياها تلتفت إلى مَصدره، فتكون صَديقتها كاوري هي الفَاعلة، سائلةً إياها عمَّا حدث معها بالأمس لتتجنب إجابة رسائلها، فتُجيبها المُّخاطبة: عُدت بوقتٍ مُتأخر ولم أكن بمزاجٍ جيدٍ لأجيبكِ أو أتحدث مع أيِّ شخص، حسنًا من المُّفترض ألا تستنكري شيئًا ما دمت أخبرتكِ أنَّني سأذهب إليها.
أطلقت الفتاة تنهيدة مُحبطة عَقب سماعها لنبرة الأخرى والتِّي تَجلّى الحُزن السَّاخر بها كعادتها، فتُجيبها بقولها: لمَ قامت بطلبكِ بصورةٍ مُفاجئِة؟ أمسكت شيئًا عليكِ أم فقط لتتشاجر معكِ؟
تُجيب: تُريد التأكد من أنَّني لم أزدد وزنًا ولو غرامًا واحدًا، بل على العكس تمامًا لقد فقدت ستًا بوقتٍ وجيز، واطلعت على علاماتي لذات السَّبب، وكما هو مُعتاد، لم تهتم بكوني أحصد علاماتٍ كاملة، بل اكتفت بتكرار عبارتها المَّقيتة تِلك "ما من حاجةٍ لي بنجاحكِ أو تفوقكِ، بل لا مَشاعر بداخلي لكِ، لكن إياكِ وأخذ هذا كعذرٍ لكِ للتوقف، فعلى الأقل، افعلي شيئًا جيدًا بعد الذِّي تسببت به لي"، لا أعلم كَيف يعمل عقلها أو كيف تُفكر، لكن لمَ تَستمر بالتَّصديق بكوني السَّبب بفقدها القُدرة على الإنجاب فيما بعد؟ من أخبرها أنّ تَترك سنواتٍ عدة بعد ابنها الأول وتُقرر بعد انتصافها الثَّلاثين أنّ تُنجب وهيَ مَريضة؟ ألم تضع بحسبانها أنّ مَرضها يبدو مُقنعًا بكونه السَّبب أكثر مني؟ الأدوية التِّي تبتلعها؟ نَمط حياتها الفوضوي؟ أم أنَّها لا تستطيع إخراج غَضبها إلا عليّ؟ ما أنّ أضع قدمي بالمَّنزل حتى أفكر متى بإمكاني المُّغادرة والهرب؟