النساء تصلح لكل شئ

3 0 0
                                    

"كل الوظائف تصلح للنساء" 

- و"النساء بمقدورهن فعل أي شيء" عندك اعتراض؟ هل تجرؤ؟ من انت لتعترض أصلاً! 
-- طيب بالهدوء.. ما معنى تصلح؟ يعني يمكنكم رمي المرأة فيها وأمرها بأن تعمل خلالها مثل الرجل؟ ثم ماذا؟ 

من ناحية مجردة تظهر الدراسات أن حاجة الأنثى الغذائية مختلفة عن حاجة الذكر، أن نسبة العضلات إلى الشحوم في جسدها مختلفة، أن كثافة عظامها مختلفة، هرموناتها ومتوسط وزنها وطولها وسرعتها وأكبر وزن يمكنها حمله كلها مختلفة، وأن طريقة عمل دماغها وتفكيرها وذاكرتها مختلفة (ليس جذرياً لكنها مختلفة).

طيب، لننسى كل هذا.. ماذا عن ميولها هي... عن ما تريده فعلاً؟ عن سعادتها ورغبتها؟

تظهر الإحصاءات في جامعات الدول الاسكندنافية -التي تقنع الفتيات منذ طفولتهن بالمساواة الجندرية وأن بإمكانهن عمل كل شيء- أن أرقام خريجات كليات الهندسة، الرياضيات، العلوم، والتكنولوجيا (STEM) أقل بكثير من أقرانهن الذكور، حتى إن نسبة الخريجات الإناث تصل في فنلندا والنرويج إلى 15% فقط.  

في الولايات المتحدة 78% من خريجي علوم الحاسوب هم من الذكور، بينما 86% من خريجي التمريض من الإناث، في حين أكثر من 88% من خريجي الهندسة الكهربائية من الذكور. 

في المملكة المتحدة أكثر 87% من المختصين النفسيين هن من النساء، بينما يمثل الذكور أكثر من 97% من سائقي الشاحنات. 

والقائمة تطول.. والاختلاف ليس بسبب التمييز الجندري بالمناسبة لأننا رأيناه في ذروته في الدول الاسكندنافية الأكثر التزاماً ودفعاً للمساواة..

والاختلاف ذاته يعني أن هناك ما تتقنه المرأة أكثر من الرجل، فأين الإشكال في كل ذلك؟

⁃ تريدون حصر النساء في قوالب معينة ومنعهن من تحقيق طموحاتهن!؟ تريدونهن على هامش المجتمع مستسلمات لسلطة الرجال فقط! 

-- نحن بحاجة للعودة للحقائق وللفطرة السليمة، طموح المرأة مختلف عن طموح الرجل، وكذلك قدراتها وطريقة تفكيرها، وليس في ذلك منقصة ولا مهانة، ما أريده هو أن أكفل لها الحق بامتلاك ذاك الطموح، طموح أن تكون أماً، ربة بيت، زوجة محبةً، أو غير ذلك مما يناسبها وتريده فعلاً، لا ضغط عليها لتنافس الرجل باستمرار ولا توجيه لها لتهرب من الاعتراف برغباتها على الدوام..

المرأة التي تظهرون كقدوة لمجرد أنها هناك تعمل في مهنة مرتبطة تاريخياً وثقافياً بالذكور هي خدعةٍ كبيرةٍ يتم حشو أذهان الفتيات بها حتى يعتقدن أن واجبهن أن ينافسن ويعشن هذا الصراع الأزليّ الذي ورثنه من غير اختيار ولا قرار..

هل نظن فعلاً أن المرأة العاملة في محطة الوقود أو ورشة البناء أو إصلاح السيارات تحب مهنتها؟ وإن كانت تحبها فما نسبة اللواتي يشبهنها فعلاً بين النساء؟ هل اخترن مهنتهن لتكون نسبة النساء فيها موازية للرجال؟ هل يعنيهن كل ذلك أم أننا نلقنها كلماتنا المؤدلجة فقط؟

لماذا نستمر بالكذب على بناتنا أن نجاحهن يجب أن يكون بمنافسة هذا الذكر المعيار الذي نبغض وننظر إليه كقدوة في آن معاً؟ أليس لديّ أي أهداف خاصة كأنثى أسعى إليها عدا عن هزيمته؟ ماذا عن خصوصيتي؟ عن فطرتي؟ عن تقديري لذاتي بناءً على ما أتقن ولا يتقن أحدٌ في الكون غيري؟

⁃ طيب، وثم ماذا؟

-- ثم نبحث عن غايتنا ومعنى وجودنا بعيداً عن أيديولوجيا المساواة البائسة، نبحث عن أهدافنا التي خلقنا الله لها بصدق وتجرد وطلباً لما هو أبعد من إعجابات الفيس بوك وتعليقات الجمهور والكووتا التي تريد تحويلنا جميعاً لأرقام لا قيمة لها ولا كيان، كأن أحداً سيكترث حين تصل المرأة للستين وقد قضت حياتها تثبت للناس أنها ليست أقل من الرجل وأنها قادرة على هدم الستيريوتايب والتحرر من المجتمع والأعراف والتقاليد والسلطات الأبوية..

لن يكترث أحدٌ لكل ذلك حقيقةً، بل إن اعتقاد أن ذاك "الإنجاز" يستحق السعي لهو أمر غريب صعب التصديق بذاته، فهي حياة وفرصة يملكها صاحبها وحده وهو المسؤول عنها في النهاية، لن ينزل القبر معه أحد، ولن يمسك بيده يوم القيامة أحد، ولن يبقى إلا الباقيات الصالحات بعيداً عن الأضواء والتصفيق والأوهام..

رقائق 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن