و تلك الأيام نداولها

1 0 0
                                    

صديق ليا كانت حالته النفسية سيئة جدا.. حب يفضفض معايا بكلمتين.. فبيحكيلي وسط الفضفضة إن سبب من أسباب إحساسه بفقدان الوزن وعدم الأهمية هي طريقة سريان العالم من حولنا.. وما يليه من تدهور أحوال المسلمين والفتن وشيوع الحرام من حوالينا وأشياء من هذا القبيل..

أدركت بمجرد ما خلّص كلامه إنه مشاكله الداخلية في عالمه الصغير مأثرة على رؤيته للعالم الكبير.. وإن دي وسيلة دفاعية من المخ على طريقة ماهي خربانة خربانة.. من برة قبل ما تكون من جوة.. يعني بمعنى آخر.. لم يعد بإمكانه أن يحدد أيهما أكثر خرابا.. داخله أم محيطه..

شعوره بالهزيمة مسيطر عليه لدرجة إنه محبط من كُل حاجة.. ومن هنا استحضرت خاطرة للشيخ الغزالي تخص الآية القرآنية.. إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.. آل عمران

الآية دي نزلت بعد غزوة أحد لما تعرّض المسلمين لمحنة رهيبة في أوائل السنين الهجرية.. فربنا حب يفكرهم يقولهم قبل ما تفتكروا شهدائكم وجروحكم وخسايركم في أحد افتكروا إن المشركين كانوا في محنة مشابهة بأيديكم في بدر .. وسُنة الحياة إن الدنيا لا تميل لكم ولا لهم كل الميل .. إنما الفيصل هو الآخرة.. يعني الطرفين بيحاربوا والطرفين عندهم أسبابهم.. بس الشاهد مين فيهم بيحارب مع الحق بغض النظر هو انتصر أو انهزم.. ومصير كل فرد بعد الحرب دي ايه.. لأن طبعاً قتلى المؤمنين شهداء.. وبالتالي مفيش مقارنة..

الغزالي استنبط معنى أكثر عُمق يخص الحياة من الآية دي.. وكأن غزوتي بدر وأحد بيلخصوا الصراع الأبدي بين الحق وبين الباطل.. في بدر انتصر المسلمون وفي أحد انهزم المسلمون.. وبكده عرفنا إن الدرس هو إن المسلمين مش شرط يبقوا منتصرين طول الخط في الدنيا.. زي ما اتزرع جوانا - خطأً -.. المسلمين من الأساس المفروض يبقى آخر همهم هو الدنيا

رؤية الغزالي إنه كان شايف إن أي نهضة للمسلمين أشبه بيوم بدر.. وأي انكسار أو هزيمة للمسلمين أشبه بيوم أحد.. ومهما طالت النهضة أو طالت الهزيمة فـ "تلك الأيام نداولها بين الناس" وبالتالي مش مهم تكون في فترة النهضة أو في فترة الهزيمة.. مش مهم تكون في عصر بدر ولا في عصر أحد .. المهم تكون في حزب أهل الحق وتحت الراية الصح وإن كنت قلة أو مستضعف .. المهم تنتمي قولا وفعلا لأهل الحق بغض النظر عن مصير أهل الحق إيه في الدنيا.. لأن مصيرهم في الآخرة - إن صبروا - محسوم.. والعبرة بالآخرة وبالخواتيم.. إنما شأن الدنيا فهو بندول رايح جاي بين أهل الحق وأهل الباطل.. يمكن اتولدنا في فترة أو زمان المسلمين فيه في محنة.. لكن هتيجي أجيال تانية من بعدنا هتعاصر زمان يكون المسلمين فيه في زهو وحضارة ونهضة..

أكيد مقدرتش اخلّص صديقي من كامل همومه ومشاكله.. بس على الأقل خلّصته من همومه إللي تخص محيطه ورؤيته للحياة.. همومه الخارجية..
أما عن همومه الداخلية.. فدعيتله ربنا يفك كربه ويريح باله ويصلح له شأنه..

رقائق 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن