ملخص كتاب سر تأخر العرب والمسلمين : المسلمون في غفلة لمحمد الغزالي

40 1 0
                                    

الأمة الإسلامية كانت مضرب الأمثال في الثقافة والحضارة والعلوم، وكان الغرب يأتون إلى بلاد المسلمين ليتعلموا من علماء المسلمين، وكانت دولة الإسلام قوية؛ فكان العالم كله يخشى أن يعتدي على أرض من أراضي المسلمين. أما الآن فالوضع قد تبدل. انتشر الجهل وأصبحت بلاد المسلمين مستباحة، وأصبح الإسلام يُحارَب من داخله، وانتشر الإلحاد بين شباب المسلمين، فما سر هذا التأخر والضعف؟

1- الخلل يأتي من الداخل

لقد بدأ المسلمون رسالتهم العالمية بداية حسنة؛ فكانوا نموذجًا حسنًا لتعاليم الإسلام، واستفادوا استفادة صادقة من تاريخ الأمم السابقة. كان اختيار الخليفة على أساس الكفاءة ولا شيء غيرها، وكان الخليفة يأخذ بالشورى؛ فتم منع الاستبداد والاستغلال. وبالنسبة للمال العام فقد كان الخليفة خير راعٍ له، يعمل لصالح الإسلام والمسلمين، لا لمصلحته أو شهواته. ثم بدأ التحول، نشأ عن طبيعة العرب أنفسهم؛ فتغيرت معايير اختيار الخليفة، فأصبحت – بعدما كانت تعتمد على الكفاءة – تعتمد على النَّسب؛ فلم يعد الخليفة أقدر الناس على القيادة، ولم يعد يسمع للشورى، وانفرد بالحكم رجل واحد يزعم لنفسه الكثير، ولم تعد هناك أجهزة رسمية للدعوة إلى الإسلام في أنحاء العالم؛ فانتشر الجهل بالإسلام، واعتقد غير المسلمين أن الإسلام دين قتال فقط، وأصبح الحكام يتصرفون في المال العام كما يشاءون من دون رقيب.

ولقد كان علماء المسلمين أول الأمر لا يتبعون إلا الحق ولا يخافون فيه لومة لائم، ثم جاء من بعدهم من يرى أن إرضاء المستبدين من الدين! ولنتأمل معاملة الخلفاء الراشدين للقادة الكبار؛ فهذا الفاروق (عمر بن الخطاب )، لما قُتِل (النعمان بن مقرن ) في معركة (نهاوند )، جاء البريد إلى المدينة يحمل خبر استشهاده، وكان (عمر ) ينتظر الأنباء؛ فلما سمع الخبر، شهق بالبكاء حتى أن الذي جاءه بالخبر فزع لبكائه. هكذا تعامل الخلفاء الراشدين مع القادة والفاتحين. أما في عهد آخر، فإن قادة الجيوش والفاتحين العظماء في المشرق والمغرب لقوا معاملة سيئة، فقُتِل (محمد بن القاسم ) فاتح (السند )، وعُزِل (موسى بن نصير ) فاتح (المغرب والأندلس ).

لقد أصبحت أمة الإسلام تعاني ضعفًا كبيرًا؛ فإحراج يهودي واحد في (روسيا ) يثير عاصفة من الكلام حول حقوق الإنسان، وعداوة السامية، أما مقتل المئات والألوف من المسلمين في (إفريقيا ) و (آسيا ) و (أوروبا ) فالأمر بسيط، ويُنْسَي بسهولة، وأول من ينساه، هم المسلمون أنفسهم.

لماذا هذا التحول الغريب؟ فبعد أن كانت دولة الإسلام دولة قوية يخشاها أعداؤها، أصبحت دولة ضعيفة. الأساطيل الأجنبية لم تكن تجرؤ أن تمر بالبحر المتوسط إلا بعد أن تأخذ الإذن من الدولة الإسلامية، إذ كان المسلمون يفرضون ضرائب على السفن المارة بشواطئهم، ويبقى السؤال أين المشكلة؟

2- مكانة المرأة في المجتمع الإسلامي

من بدء الخليقة، والنوع البشري يحيا ويبقى بالزوجين الذكر والأنثى، ولكلا الجنسين خصائصه التي فطره الله عليها، وكلاهما يكمل الآخر، وكلاهما ينتسب إلى آدم – عليه السلام – كما عبَّر عن ذلك القرآن الكريم في قوله – تعالي –: "لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ "، ولكن استضعاف المرأة وإنكار حقوقها طبيعة بشرية من زمن بعيد، حتى أن الأوروبيين كانوا يتساءلون: هل المرأة من الجنس البشري العادي كالرجل؟ وهل لها روح مثل روحه؟ والقوانين الأوروبية على مرِّ التاريخ كانت تكرّم الرجل وتنتقص من المرأة، وكان الهنود إذا مات الزوج وجب أن تموت المرأة معه، مهما كانت صحيحة البدن، وكان عرب الجاهلية يتشاءمون لمولد الإناث، ويقوم بعضهم بدفنهم أحياء. هذه بعض النماذج الوحشية لإنكار حق المرأة في الحياة حتى جاء الإسلام؛ فاحترم المرأة، واستبعد كل النظرات السيئة إليها، ورفض أنواع الإهانات التي كانت تلقاها. وشهد المجتمع العربي - على عهد السلف الأولين - المرأة تتردد على المسجد، وتتعلم الدين كما يتعلم الرجال، وقد تقاتل مع المقاتلين، وتدفن الموتى، وراقبت (الشفاء) الأسواق في عهد عمر بن الخطاب وأمرت ونهت وعاقبت وكان عمر يقبل بحكمها على حكمه.

عَالَمُ الكُتُبْ 📖 - 📚 Books World حيث تعيش القصص. اكتشف الآن