((الجزء الأول _ العرب من وجهة نظر يابانية))
_ تحت ظروف غياب العدالة الاجتماعية تتعرض حقوق الإنسان للخطر . ولذلك يصبح الفرد هشاً ومؤقتاً وساكناً بلا فعالية لأنه يعامل دائماً بلا تقدير لقيمته كانسان . واستغرب باستمرار لماذا يستعملون كلمة الديموقراطية كثيراً في المجتمع العربي ؟
ان ظروف الواقع لعربي لا تسمح باستعمالها لان ما يجري فعلاً هو عكسها تماماً .
_ عندما تغيب الديموقراطية ينتشر القمع , والقمع واقع لا يحتاج الى برهان في البلدان العربية , فعلى سبيل المثال : الحاكم العربي يحكم مدى الحياة في الدولة الدينية او الملكية او الجمهورية او الامارة او السلطنة .
ولذلك لا ينتظر الناس اي شيء لصالحهم وكمثال آخر فإن معظم الصحف العربية تمنع من بلد الى بلد والرقابة على الكتب والمجلات ليست بأقل من الرقابة على الصحافة .
هنا مئات الكتب العربية , وغير عربية ممنوعة في معظم البلدان العربية وخاصة الكتب التي تعالج الحقائق اليومية الملموسة للناس , والكتب التي تتعرض للدين او الجنس او حياة الفئات الحاكمة , او تتكلم على واقع السجون والحريات العامة وما شابهها . ونحن نقرأ كل سنة في معارض الكتب العربية قوائم طويلة بالكتب الممنوعة دون ان يستثنى من ذلك بلد عربي واحد ._ كل هذا يعني غياب حرية الرأي وحرية الكلام . عندنا في اليابان نقول عندما لا نستطيع ان نتكلم بحرية : عندما أفتح فمي فان هواء الخريف ينقل البرد الى شفتي . والعربي عندما لا يستطيع ان يصرح بما في نفسه عليه ان يقول تحت لساني جمرة .
ذلك ان ظروف المجتمع العربي الشديدة تحتاج الى جمرة بدلاً من تعبيرنا عن البرد .
(( العرب وجهة نظر يابانية _الجزء الثاني))
أعتقد ان القمع هو داء عضال في المجتمع العربي ولذلك فأن اي كاتب او باحث يتحدث عن المجتمع العربي دون وعي هذه الحقيقة البسيطة الواضحة فأنني لا اعتبر حديثه مفيداً وجدياً . اذ لا بد من الإنطلاق بداية من الاقرار بأن القمع _ بكافة اشكاله_ مترسخ في المجتمعات العربية .
هل هناك فرد مستقل بفردية في المجتمع العربي ؟ المجتمع العربي مشغول بفكرة النمط الواحد على غرار ال
حاكم الواحد , والقيمة الواحدة , والدين الواحد وهكذا .. , ولذلك يحاول الناس ان يوحدوا اشكال ملابسهم وبيوتهم وآرائهم .
وتحت هذه الظروف تذوب استقلالية الفرد , وخصوصيته واختلافه عن الآخرين . أعني أن يغيب مفهوم المواطن الفرد لتحل مكانه فكرة الجماعة المتشابهة المطيعة للنظام السائد .
في هذه المجتمعات يحاول الفرد ان يميز نفسه بالنسب كالكنية او العشيرة او بالثروة او بالمنصب او بالشهادة العالية في مجتمع تغيب عنه العدالة ويسود القمع وتذوب استقلالية الفرد وقيمته كانسان ويغيب ايضاً الوعي بالمسؤولية .
ولذلك لا يشعر المواطن العربي بمسؤوليته عن الممتلكات العامة مثل الحدائق العامة والشوارع ومناهل المياه ووسائل النقل الحكومية والغابات , باختصار المرافق العامة كلها ولذلك يدمرها الناس اعتقاداً منهم انهم يدمرون ممتلكات الحكومة لا ممتلكاتهم هم . وهكذا يغيب الشعور بالمسؤولية تجاه افراد المجتمع الآخرين . فعلى سبيل المثال : السجناء السياسيون في البلدان العربية ضحوا من أجل الشعب ولكن الشعب نفسه يضحي باولئك الافراد الشجعان , فلم نسمع عن مظاهرة او اضراب او احتجاج عام في اي بلد عربي من اجل قضية السجناء السياسيين . ان الناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على انها قضية فردية وعلى اسرة السجين وحدها ان تواجه أعباءها ! ان ذلك من أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية .
انني افهم معنى أن تضحي السلطة بأفراد متميزين ومفكرين وادباء وسياسيين وعلماء وفنانين وسواهم , ولكن لماذا يضحي الشعب نفسه باولئك الأفراد ؟ بالطبع أنا لا انكر ان هناك افراداً بلاقون تقديراً عالياً ولكن المبدأ نفسه ما زال ضعيفاً ولا يشكل قوة اجتماعية فاعلة او مثمرة .
أخطر نتائج ذلك كله سيطرة الشعور باللا جدوى حتى لدى الطليعة المثقفة .