معظم إبداعنا التعليمي والمال المنفق والجهد المبذول على تعليم القراءة يكون خلال الصفوف الستة للمرحلة الابتدائية. وبعد هذه المرحلة لا يوجد سوى تدريب رسمي قليل لحمل التلاميذ إلى مستويات ومهارات أعلى من ذلك وقد ناقش ((جيمس مارسل)) ذلك قائلًا: "هل يتعلم تلاميذ المدارس لغتهم الأم بشكل فعال؟ نعم ولا؛ فإنه حتى الصف الخامس أو السادس الابتدائي تكون القراءة بمجملها قد عُلِمَت بشكل فعال، ثم يتوقف تعليم القراءة عند هذا الحد وكأن الشخص يصل إلى الحدود الطبيعية في الكفاءة عندما يصل للصف السادس الابتدائي! وهذا ليس صحيحًا؛ فكثير من التجارب قد أثبتت أن بالتعليم المناسب يمكن للصغار، بل والراشدين أيضًا أن يطوروا من قدراتهم في القراءة. وبسبب هذا القصور؛ نجد أن الكثير من خريجي الجامعات يقرأون بشكل رديء وغير كفء ويمكن للخريج أن يقرأ قطعة بسيطة من الأدب ويستمتع بها، ولكن ضعه أمام عمل اقتصادي أو مقطع يتطلب دراسة نقدية؛ وسيضيع". ومن هنا نشأت الحاجة لهذا الكتاب لنتعلم كيف نقرأ بشكل أفضل.
1- كيف تقرأ الأدب التخيلي؟
الكتب التفسيرية تنقسم إلى كتب نظرية وهي الكتب التي تتحدث عن موضوع معين مع ذكر حقائقه وتفسيراته مثل التاريخ والعلوم والفلسفة، والكتب العملية أو التطبيقية وهي التي تضع القواعد والتوجيهات التي يجب التصرف وفقها في موقف ما ويكون أسلوب كتابتها مزيج من الوعظ والنصيحة والخطابة وقد يوجد كتاب يحتوي على جانب نظري وآخر عملي.
أما الفرق بين الكتب التفسيرية والكتب التخيلية هو أن الكتب التفسيرية تحاول توضيح معلومات عن تجربة مر بها القارئ أو قد يمر بها. أما الكتب التخيلية، فتجعل القارئ يعيش التجربة ويشعر بها، كذلك الكتب التفسيرية عقلانية واقعية، بينما الأدب التخيلي عاطفي خيالي. كما أن الكتب التفسيرية لابد أن تكون واضحة، بينما الأدب التخيلي يُفَضَل أن يكتنفه بعض الغموض. هذا بالإضافة إلى أن لكتب التفسيرية تعلمنا بشكل صريح، بينما الأدب التخيلي يعلمنا بالاستنتاج من خلال خلق تجربة نستطيع أن نتعلم منها.
عندما تطالع الأدب التخيلي، لا تقاوم التأثير الذي يحدثه الأدب التخيلي في نفسك؛ شعر به وتفاعل معه، ولا تبحث عن المناقشات والافتراضات والحلول؛ فهذه أدوات منطقية وليست شاعرية. كما عليك أن تحاول ألا تنقد الأدب التخيلي بواسطة معايير الحقائق والواقعية. فعندما تقرأ رواية، فإن صحة الأحداث تعتمد على مدى توافقها مع عالم الشخصيات الذي خلقه الراوي، بغض النظر عن منطقيتها في عالمنا الحقيقي.
ومن قواعد الأدب التخيلي أنه يجب تصنيفه حسب نوعه؛ فأسلوب المسرحية يختلف عن الرواية وعن القصة وهكذا، كما يجب عليك تبين الفكرة الأساسية للعمل، واختبر نجاحك في تحقيق ذلك عن طريق التعبير عنها بجملة أو جملتين. تبين الأحداث الرئيسية في العمل وكيفية تسلسلها من بداية ووسط ونهاية والمشاهد المحورية التي تقود إلى ذروة الأحداث، ويجب التعرف على تفاصيل الأحداث والشخصيات؛ فإنك لن تفهم القصة حتى تتعرف على شخصياتها وتعيش فيها من خلال أحداثها. ولضمان الاستمتاع والاستفادة، ادخل ذلك العالم التخيلي، كن عضوًا في مجتمعه، راغبًا في أن تصادق شخصياته، قادرًا على أن تخمن حوادثه من خلال رؤياه العاطفية. وإذا أستطعت فعل ذلك؛ فإن عناصر العمل التخيلي ستصبح أمامك كالبيادق التي تتحرك على رقعة الشطرنج بشكل أوتوماتيكي، وستجد تلك الروابط التي تعطي الحيوية لشخصيات القصة، وتجعلهم كما لو كانوا أعضاءًا في مجتمع حي تستطيع من خلاله تبين دور كل شخصية في التأثير على حبكة القصة. ولاحظ أنه وقبل التعبير عما يعجبك وما لا يعجبك في العمل التخيلي، عليك أن تقوم بجهد صادق لتقدير هذا العمل ومعنى التقدير أن تحاول عيش التجربة التي حاول الكاتب تقديمها لك من خلال التأثير على مشاعرك. وفي النهاية، عند انتقاد العمل التخيلي، يجب توضيح ما أعجبك به وما لم يعجبك مع ذكر الأسباب لكل منهما.
القواعد السابقة قواعد عامة تسري على كافة أنواع الأدب التخيلي ولكن هناك بعض النصائح الخاصة بكل نوع. إذا نظرنا في القصة مثلا؛ سنجد أنه تجب قراءتها بسرعة وانهماك كلي والانتهاء منها في جلسة واحدة أو جلستين على الأكثر، وإلا ستنسى أحداثها السابقة وتشتت وحدتها. أما عند قراءة الرواية؛ فلا تتوقع أن تتذكر أسماء كل الشخصيات؛ فالعديد منهم يكونون شخصيات خلفية موجودة فقط لتنطلق من خلالها الشخصيات الرئيسية. وإذا شعرت أن بعض الأحداث مبهمة، لا تقلق؛ فستفهمها بعد انتهاء الرواية ومعرفة حبكتها الرئيسية.
وإذا نظرنا للمسرحية؛ سنجد أنها شبيهة بالقصة، ولكن هناك فرق هام بينهما هو أن المسرحية تُفهَم أكثر عندما تُمَثَل على خشبة المسرح بما يحتويه من تعزيزات مثل الأداء التمثيلي والموسيقى والمؤثرات. وتفتقد المسرحية ذلك عندما تُقرأ من كتاب؛ لذا يجب على القارئ أن يتخيلها وكأنها تُمَثَل أمامه ويرى ما يتوقع منه كاتب المسرحية أن يراه. وهناك سمة آخري تميز المسرحية وهي أن كاتبها لا يستطيع أن يتحدث مباشرة للقارئ كما يفعل الروائي أو القاص.
أما القصائد الشعرية، تجب قراءتها من بدايتها إلى نهايتها دون توقف. ويفضل إعادة قراءة القصيدة مرة أخرى بصوت عال، وكلما قرأت القصيدة أكثر كلما استشعرت معانٍ جديدةً.
أغلب القراء يحبون الكتب التخيلية؛ لأنها تتسلل إلى لا وعينا وتشبع مشاعرنا الناقصة وتعطينا الحرية في عيش مشاعر قد لا نستطيع اختبارها على أرض الواقع كالحب والعدالة والوفاء.
2- الكتب التاريخية
الحقائق التاريخية واحدة من أكثر الأشياء المحيرة في العالم؛ فالأحداث التاريخية حدثت في الماضي البعيد وكل شهودها أموات عادة، وحتى لو كانوا أحياء، فإن شهادتهم لا تخضع لقواعد صارمة متأنية تجعلنا نتيقن من صدقها. كما أن هؤلاء الشهود غالبًا ما يفترضون ويحزرون ويخمنون؛ لذا لا توجد ضمانة عما إذا كانت تلك الشهادات أتت من أشخاص يعرفون عما يتحدثون أم لا.
ولذلك إذا أردت أن تفهم حادثة أو فترة تاريخية؛ فعليك أن تقرأ أكثر من وصف تاريخي لها عن طريق أشخاص مختلفين يتبنون وجهات نظر مختلفة حتى تشكل أقرب صورة إلى الحقيقة، ويجب أن تقرأ التاريخ لتتعلم منه وتستفيد من دروسه لا لمجرد معرفة أحداثه. كما أن معرفة ميول المؤرخ وطريقة تفكيره ستساعدك على فهم كيفية معالجته للأحداث التاريخية، بالإضافة إلى الاهتمام بالمراجع التي استخدمها المؤرخ وهل هي شاملة وموثوقة أم لا. وفيما يخص التراجم والسير الذاتية، فإن أغلبها تكون متحيزة لبطلها خاصة إذا كان هذا البطل حيًا أو كانت السيرة الذاتية مكتوبة بتصريح من ورثته.
3- الفلسفة والعلوم الاجتماعية
4- دورات القراءة السريعة
5- النقد الأدبي