حين هممت بقراءة هذه الرواية لم أكن أنوي قراءتها فعلا، كان في نيتي أن أرتشف منها صفحات كتحلية قبلية لالتهامها فيما بعد. لكن مع قراءة صفحات قليلة منها وجدتني أغوص فيها عميقا لصفحات أخرى وأخرى بعد، ولم أتوقف أو تُوقفني بالأحرى سوى دقات الساعة منتصف الليل معلنة عن موعد النوم الذي سيحافظ على استيقاظي باكرا من دون ألم في مؤخرة الرأس. وقد كنت عندها قرأت من الرواية 150 صفحة بعد أن كنت قرأت في نفس اليوم رواية من مئتي صفحة..
على عادة روايات هاروكي، تستقبلك بتحية لطيفة قبل أن تسرقك بشدة لعوالمها الخاصة من غير قدرة منك على المقاومة أو الشعور بالملل. بل وأنت في هذه الحالة تصبح أكثر قابلية للغوص في أحداث ومجريات القصة أكثر فأكثر مثلما كان الحال تماما مع بطل الرواية الذي خذلته أطراف جسده في التقدم ولو شبرا واحدا في الطابق 16 لفندق الدلفين بعد أن أظلم من حوله كل شيء. وأصبح كل شيء يأخذه برغبة منه لغرفة الرجل المقنع، وهذه أصدقائي البداية الحقيقية في روايتنا هذه..لا أقول إنها أفضل من “كافكا على الشاطئ” تبقى تلك الرواية رائعة هاروكي الخاصة، غير أن لرقص.. رقص.. رقص نكهتها الخاصة وإن كان هاروكي كتبها بنفس أسلوب كتابة كافكا على الشاطئ، نفس اللغة والمجازات الأدبية.. في قصته يعود بطل الرواية الذي يشتغل كصحفي خاص يكتب مقالات في مجال الطعام، يعود للبحث عن غانية التقاها في ما مضى في فندق يدعى الدلفين بإحدى المدن الصغيرة. فندق صغير وحقير صاحبه رجل عجوز، لكن بطل القصة يفاجأ بوجود فندق أفخم وأرقى في نفس المكان وبنفس الإسم دون وجود الرجل العجوز، ومع قضائه يوما في الفندق من دون أن يحصل على إجابة حول وجود الفتاة أو أي معلومة عن الفندق السابق يقرر البقاء أياما أخرى يلتقي فيها أشخاصا يسير معهم في البحث عن قصة الفندق الفخم وقصة حبيبته المختفية.