1- مُصطلح الغباء السياسيّ
هذا المصطلح صكَّهُ الرئيس (السادات )، ووراء هذا المصطلح قصة حدثت في 2 أبريل عام 1971م، عندما ذهب ثلاثة من رجال (عبد الناصر ) إلى جلسة تحضير أرواح لاستشارة الجن في مستقبلهم السياسيّ، وهم الفريق (محمد فوزي ) وزير الحربية الأسبق، واللواء (شعراوي جمعة ) وزير الداخلية الأسبق، و (سامي شرف ) سكرتير الرئيس (عبد الناصر)، وكان الدجال أستاذًا جامعيًا، وتكررت هذه الجلسة في 4 مايو من نفس العام، وقد تم تسجيل كلتا الجلستين!
أوحى الدجال إلى هؤلاء الرجال الثلاثة بتقديم استقالاتهم؛ بهدف عمل فراغ دستوري؛ ليضعوا السادات في مأزق يُضطر بعده للرضوخ لهم، وقد فعلوا ذلك في 15 مايو، أي بعد الجلسة بـِِ 11 يومًا، لكن العرّاف لم ينفعهم، وأصدر (السادات ) قرارًا باعتقالهم، وبرر ذلك بعبارته الشهيرة: "دول المفروض يتحاكموا بتهمة الغباء السياسيّ "!
يُمكن تعريف (الغبي سياسيًا ) بأنه: الشخص المغرور برأيه والرافض لقبول النصيحة، علاوة على أنه غير قادر على تسيير أمور الناس ورعاية مصالحهم؛ لعدم إلمامه بكل شيء يجري حوله، مما يترتب عليه قيامه بتصرف يتسم بالغباء، بينما يظن هو أنه الخيار الأفضل.
2- تُراثٌ من الغباء
(بيبي الثاني ) هو أول حاكم غبيّ عرفَه التاريخ؛ فقد اعتلى العرش وعمره ست سنوات، واستمر في السطلة 94 عامًا، وعَرفتْ (مصر ) في عهده الفساد والانحلال، ومات الناس جوعًا، وعجزوا عن دفن موتاهم، وانضم إليه الكهنة حرصًا على أوقافهم؛ يبيحون له - بفتاواهم الكاذبة - كل منكر، وكلما قَصدهم مظلوم طالبوه بالطاعة، ووعدوه بحسن الجزاء في العالم الآخر، لكن عندما بلغ اليأس غايته، خرج رجلٌ يُدعي (أبنوم ) يحرِّض الناس على الثورة ضد الظلم، واستجاب له الناس وقام الشعب المصريّ بأول ثورة عرفها التاريخ، وانهارت إمبراطورية (بيبي ) وسقطت الأسرة السادسة.
الأنظمة الساقطة في تاريخ الفراعنة بعضها كان مستبدًّا، وبعضها كان ضعيفًا؛ لكن الثابت الوحيد، أن هذه الأنظمة أو الدول قد وصلت إلى خط النهاية عندما بلغ الغباء السياسي مداه والضعف منتهاه، وهذا ما حصل مع (توت عنخ آمون ) الذي تولى الحكم لمدة ست سنوات فقط، وكان في مرحلة الطفولة، ومات قبل أن يصل إلى مرحلة الشباب، وكانت السلطات كلها في يد الكهنة، ولكن المدهش أن شهرته تجاوزت أعماله وقدراته ومدة حكمه، وقد حصل على تلك الشهرة بفضل اكتشاف مقبرته، وهي عادة (مصر ) - أم الدنيا والعجائب - التي قد تمنح الشهرة لعابري السبيل، بينما تضنُّ بها على العظماء الذين لم يتسع وقتهم لكتابة تاريخهم!
3- الخليفة (الحمار ) و (الحاكم )
أما الخليفة الحمار! - هكذا تجد اسمه في كل كتب التاريخ - ؛ فهو (مروان بن محمد )، آخر خُلفاء بني أمية، والذي تولى الحكم لمدة خمس سنوات فقط، وانهزم أمام العباسيين في معركة (الزّاب ) ، وهرب نحو الصعيد؛ فتعقبه عسكر بني العباس وقتلوه شر قتلة. لقد كان من عادة العرب أن يلقَّب كل مائة عام (حمار )؛ فلما قارب مُلك بني أمية مائة سنة وجاء (مروان )، لقبوه بالحمار؛ فقد اشتهر بالصبر على مواصلة القتال، ولكن هناك سببًا آخر جعل هذا الاسم مقترنًا به، وهو أنه حرّم لعب الشطرنج، ووضع ثلاث عقوبات لمن يمارسها، العقوبة الجسدية، وإطالة فترة سجن المحبوس، وحرمان من يلعبها من حقه في مال الدولة! وقد دفعه إلى ذلك أن أغلب الثوار على بني أمية كانوا يمارسون لعبة الشطرنج، بل إن (عبد الرحمن بن الأشعث ) الذي ثار على (عبد الملك بن مروان ) كان يستخدمها في إعداد خطط المواجهة والفرّ والكرّ.